لَجنَة كوبرا – COBRA Committee .!

 

بقلم ألعميد مُنْذِر ألأيوبي*

قبل أسبوعين تقريبآ “4 تموز ألماضي” أقدمت مجموعة من مشاة البحرية الملكية البريطانية على احتجاز ناقلة نفط إيرانية Grace 1 ترفع علم Panama قرب مضيق جبل طارق بشبهة نقلها شحنة
من النفط الخام الى ميناء بانياس على الساحل السوري في حين بررت ألسلطات الحاكمة للمضيق التابعة للتاج البريطاني ان الناقلة سَبَقَ و شطبت من سجلات الملاحة الدولية و معتبرة الشحنة خرق للعقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي على سوريا .

لم تتأخر البحرية التابعة للحرس ألثَوري ألإيراني في ألرَد عبر توقيف و إقتياد ناقلة ألنفط ألبريطانية “ستينا إمبرو” Stena Empero الى مرفآ بندر عباس و إحتجازها يوم أمس ألجمعة بعد خرقها قواعد الملاحة المفروض إتباعها في مضيق هرمز Hormuz Strait على ما أعلِن ، بألتزامن كانت ألسفينة Mesdar ألتي ترفع علم Liberia و المملوكة من شركة بريطانية تعبر ألمضيق بعد أن تحذيرها من قبل السلطات البحرية في إقليم “هرمزجان” ضرورة ألتقيد بتوجيهاتها حيث سمح لها بألعبور ..

من ألواضح أن منسوب التوتر بُدَأ يرتفع تدريجيآ منذ تشديد الحصار الاميركي و العقوبات المفروضة على إيران ، كما بات ألوضع أكثر تعقيدآ منذ دخول بريطانيا على خط المواجهة ، لكن ألخشية ألآن أن يكون ألفعل و رد ألفعل إنزلاقآ متناميآ نحو حرب إقليمية خطرة ممكن توقع بدايتها لكن يتعذر ألتنبوء بألنتائج ألكارثية و النهايات ..

من جهة إخرى ، رفعت ألقوات البحرية البريطانية في قواعدها العسكرية و البحرية المتواجدة في الخليج الفارسي و بحر عمان لا سيما منشأة ميناء “سلمان” في مملكة البحرين من درجة تأهبها إلى المستوى ألأحمر وِفقآ لأوامر ألجنرال “كريس ديفيريل” Christopher Deverell متخذة إجراءات أمنية إستثنائية فيما يتعلق بسفنها ألعابرة على ما نُقِل .. بألمقابل بَثَ الحرس الثوري شريط فيديو يُظهر مشاهد إنزال وحدة مجوقلة على الناقلة و عملية ألإحتجاز في عرضٍ ليس بحاجة لتفسير ..

في سياق مُتَصل ، يبدو أن إيران تمكنت من فرض قواعد إشتباك جديدة في منطقة ألمضائق تحت عنوان “تنفيذ القانون و ألحِفاظ على السيادة الوطنية” ضمن ردع إستراتيجي متوازن “ناقلة مقابل ناقلة” – محسوب بدقة – إذ أعلن وزير الخارجية البريطاني “جيريمي هنت” Jeremy Hunt “أن بلاده لا تبحث في خيارات عسكرية” رغم تحذيره من عواقب عدم إفراج طهران عن الناقلة و ذلك إثْرَ ألإجتماع الوزاري ألعسكري لِ “لجنة كوبرا” COBRA ألطاريء ألمختصة بألإستجابة للطواريء الوطنية و الدولية في مبناها Whitehall 70 وسط ألعاصمة ، كما تبع ذلك اجتماع ثانٍ بعد ظهر اليوم انتهى بعبارة أن إيران تتبع “مسلكآ خطيرآ” حرفيآ Dangerous Path دون أية إجراءات تؤدي إلى تفاقم ألوضع ..

توازيآ ، تُصر طهران على إظهار رد فعل جدي تجاه أي إختبار عسكري “جس نبض” أو – تحرش وفق وصفها – من قبل ألولايات المتحدة أو حلفاءها و قد تمثل ذلك بداية في إسقاط طائرة ألتجسس الاميركية المسيرة Global Hawk بتاريخ 19 حزيران ألماضي ثم احتجاز الناقلة S.Empero يوم أمس .. أما إتصال وزير الخارجية البريطاني مع نظيره ألإيراني محمد جواد ظريف أليوم ألسبت فهو مؤشر إلى ألمنحى ألديبلوماسي للمعالجة و ضرورة الخروج من نفق ألمواجهة ألعسكرية ..

يَبقى ألسؤال في هذه ألمرحلة من ألأزمة عن الحراك الفرنسي ألديبلوماسي “شبه وساطة” مع واشنطن ألذي ربما بدأ يشهد تقدمآ من ملامحه ألأخيرة إعلان وزير الدفاع الاميركي الجديد “مارك إسبر” Mark Esper ألحاجة إلى حراك أو مسلك ديبلوماسي متجدد مع طهران ..

أما ألسؤال ألثاني فهو هل سيؤدي أحتجاز ألناقلة إلى وقف أو سُقوط الحوار الفرنسي و الأوروبي ألساعي الى إقناع و ثني طهران عن رفع مستوى تخصيب أليورانيوم و إبقائها ملتزمة ما ورد في الاتفاق النووي .؟
في الاستراتيجيا لا يريد ألرئيس الفرنسي ماكرون و ألمستشارة ألألمانية ميركل وقف التواصل أو ترك ألأمور تتفاقم ، فزيارة وزير الخارجية ألفدرالي الألماني “هايكو ماس” Heiko Mass طهران الأسبوع الماضي و التي تلتها زيارة كبير مستشاري ألإيليزيه “إيمانويل بون” Emmanuel Bonne سوى إصرار على إبقاء الباب مواربآ غير مغلق بما يسمح للرئيس الاميركي دونالد ترامب ألولوج منه إلى طاولة ألمفاوضات لا سيما ان الانعكاسات لأي حرب قد تنشب ستطال أوروبا بشكل مباشر و حتمي .
كألمعتاد فإن ألرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير بعيد عما يجري لا بل هو مشجع للدور الأوروبي كما أنه ضامن لعدم إنزلاق ألرئيس ترامب نحو حرب إقليمية يرغب بها متشددي البيت الأبيض و رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ..
غدآ يوم جديد دون ألحاجة لإجتماع لجنة “كوبرا” ، و لكل ساعةً ملائكتها كما يقولون ..

*عميد، كاتب و باحث.
بيروت في 20.07.2019