ليلة الرعب …

 

 

 

بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*

صَليَةٌ صَغيرة من صاروخين أو ثلاثة قد تَكاد ،، أُطلِقت ليل ألخميس من قطاع غزة بإتجاه “تل أبيب” و “غوش دان” كانا كافيان لِبَث ألرُعب في نفوس مستوطني ألعدو ألإسرائيلي ..
تُشَكِل “غوش دان” قلب ألكيان و تُعتَبَر ألوسط ألحَضََري ألأكبر ،، تُطل على ألساحل ألشرقي لِلبحر ألمتوسط و يقدر عدد سكانها بحوالي 3.5 مليون يهودي أي ما يوازي نصف سكان إسرائيل ..
و إذ دوَت صافرات الإنذار تحذيرآ سُمعت في نفس ألوقت أصوات إنفجارات لم يحدد مصدرها في حين هَرَعَت شرطة ألإحتلال إلى فتح الملاجئ تَحَسُبآ لمزيد من ألرشقات ألصاروخية ..

منذ ألحرب على غزة – عملية ألجرف ألصامد – ألتي شنتها وحدات لواء ألنخبة “جفعاتي” Givati Brigade ألعام 2014 لم تتعرض تل أبيب لأي هجوم بألصواريخ مصدره ألقطاع ، و ما كان صادمآ في “ليلة ألرُعب” أن نظام ألدفاع ألجوي ألصاروخي – ألقبة ألحديدية ألإعتراضية Iron Dome – لم تُفَعَل و لم تُدمْر ألصاروخين في حين كانت كاميرات ألهواتف ألذكية لِلمستوطنين تَلتقط صورهما مُحلقان مسافة 80 Km تقريبآ في سماءِ فلسطين ألمُحتلة …
ألصاروخان أللذان أطلِقا من نوع “فجر 5” ألمُستنسخ عن مثيله ألصيني WS1 ، تستخدمه ألمقاومة ألفلسطينية -كتائب ألقَسام و سرايا ألقدس- و قد تمكنت من زيادة مداه ألمُجدي ،،
و بحسب ألمعطيات ألتقنية يحمل ألصاروخ حشوة شديدة ألإنفجار زِنَة “95 Kg” ذو منصة متحركة مؤلفة من أربعة صواريخ بكثافة إطلاق سريعة
‏Missile 1/8 sec و هو من ألقذائف ألتي أنتجتها أيضآ ألصناعات ألحربية ألإيرانية -مصنع شهيد باقري- مع ألإشارة إلى أن حزب ألله يستخدم نوعية متطورة منها – منظومة صواريخ “خيبر-1” من عيار 333 mm ..!
من جهة أخرى ، أعترف المتحدث باسم جيش ألعدو “أفيخاي أدرعي” مساء أمس الخميس في بيان له: “بِإطلاق صافرات الإنذار في منطقة “غوش دان” بسبب صاروخان (أطول مدى) أطلقا من قطاع غزة و لم يسفرا عن سقوط قتلى أو جرحى’، مضيفا أن ‘التفاصيل قيد البحث”..

بألتزامن مع ليل غزة ألدامي من ألمُخجْل حَقَآ و ألمُعيب إن لم نقل من ألسخرية أن يشهد مخيم عين الحلوة “حي ألرأس ألأحمر” طوال الليل نفسه استنفارات مسلحة بين “زعران” ألتَنظيمات ألمسلحة مُنتحلي صفة ألمقاومة ألفلسطينية زورآ تطورت إلى إشتباكات بألأسلحة ألرشاشة و قذائف RPG مما أدى إلى إصابة ثلاثة مسلحين نقلوا إلى مستشفى ألنداء ألإنساني أحدهم بحال ألخطر ،،
و كألمعتاد نشطت الاتصالات الفلسطينية اللبنانية من اجل احتواء الوضع و منع انفلاته بين كلا ألتنظيمين ألمتقاتلين في “زواريب ألمخيم” عصبة الانصار و مجموعتي بلال بدر و بلال عرقوب ..!!

في تحليل ألمشهد داخل فلسطين ألمحتلة ،،
و بعد ساعات من سقوط ألصواريخ أتى ألرد خجولآ من طيران ألعَدو مستهدفآ عدة مواقع في قطاع غزة بينها ستة مبان تستخدمها قوات الأمن التابعة لحركة حماس كانت قد أخليت في وقت سابق كَتدبير وقائي ..

ألمفاجأة لم تكن لِتُهضم ، إذ نفى المتحدث باسم الجيش “رونين منيليس” عدم تمكن ألجيش من معرفة ألجهة مُطلقة الصواريخ كما نفى وجود معلومات إستخباراتية مُسبقة حول أية نوايا لِعمليات نوعية مماثلة”..!
و في محاولة لتبرير عدم ألرد ألتلقائي للقبة ألحديدية أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية “أن أجهزة التحذير و الرصد عملت كما يجب و لم يتم اعتراض الصواريخ من قبل منظومات الدفاع الجوي ،، كما أنه لا أضرار أو ضحايا ،، و لا توجد تعليمات خاصة للجبهة الداخلية”.

بِألمقابل حَملت قيادة جيش ألعَدو حركة “حماس” و ألجهاد ألإسلامي ألمسؤولية معتبرةً “أن ألحركة ستدفع ثمنآ باهظآ إزاء فشلها في ضبط ما يجري داخل ألقطاع” ، مؤكدةً أن غاراتها ألجوية شملت نحو مئة هدف مُدرَج في بنك أهدافها ..
و بألتوازي مع عملية ضبط ألنفس إزاء ألقصف ألإسرائيلي أعلنت حركة “حماس” عدم مسؤوليتها قائلة : “إن الهجوم وقع بينما كانت تُعقَد محادثات مع وسطاء مصريين بشأن تهدئة طويلة الأجل مع إسرائيل” .. كما تبعها في ذلك كل من حركة ألجهاد ألإسلامي و أللجان ألشعبية ..!

في تناقضٍ و إرباك شديدين كان تركيز جهاز الأمن ألداخلي الإسرائيلي “ألشاباك”إختصارآ لِإسمه العبري -شيروت بيتحون كلالي- واضحآ لِمحاولة فهم من قام بإطلاق الصواريخ بعد عدم تبني ألمقاومة ألفلسطينية ألعملية و ذلك بألتوازي مع نقاش مستفيض لم يخلو من تبادل إتهامات و رَمي مسؤوليات في مقر هيئة الأركان فيما كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يجري مشاوراته مع أعضاء ألحُكومة ألأمنية ألمُصغرة لبحث التطورات الأخيرة ..!

من ألمؤكد أن ألعملية نوعية بحدها ألأدنى ،، ستجعل أروقة وزارة ألدفاع ألإسرائيلية في حالة هذيان تساؤلي : مَن؟ مِن أين؟ كَيف؟ و لِماذا ..إلخ
لكنها في حدها ألأقصى ستفرض تحولآ في قواعد ألإشتباك إذ أن عملية إحتواء هجمات صاروخية نحو قلب تل أبيب ليس أمرَآ عابرآ ، فعليه تترتب مضاعفات كثيرة سواءً من زاوية ألقصور في فعالية ألإعتراض ألصاروخي أم لجهة ألتصدعات ألسياسية و ألحزبية ، إضافَةً إلى توازنات ألحُكومة ألهَشَّة لا سيما على أبواب ألإنتخابات في ألتاسع من نيسان ألمقبل ..!
أن عملية ألتناسب و ألمصلحية ألسياسية في ألمرحلة ألإنتخابية لدى نتنياهو “سيف ذو حدين ” فألسماح بِإطلاق عملية عسكرية شاملة نحو ألقطاع ستفاقم ألأمور “ليس وقتها” حاليآ ،، أما ألإمتناع عن ألرد أو تقليصه فضرب لهيبة ألجيش أو إذعان لقواعد ألإشتباك ألجديدة في حدوده ألْدُنيا …

إذن ألتوقيت غير مناسب بألمطلق لتنفيذ أي من سيناريوهات ألحرب ألمحدودة ألمؤرشفة لدى ألجنرال “يوأف هار أيفن” رئيس إدارة عمليات ألجيش “أماتس”، و في حال أتى ألوقت ألمناسب وفق رؤية قيادة ألعَدو فألمقاومة باتت قادرة على إيلامهِ و أوْجاعِهِ و جعله مترددآ في ردة فعله ،،
و من قال أن ألتردد ليس نصف ألهزيمة ..

*عَميد،كاتِب و باحِث.