لم يَعُد الصمت فضيلة..!

 

بقلم العميد مُنذِر الايوبي*

ارتجفت الجموع امام الفروع، المطر ينهمر مدرارا يسابق الدموع، التعاميم تترى اشباح اصنام توقع كأنها صفحات كتب مقدسة..! لم يَرِف جفن مسؤول، لم ينزل احد الى الشارع من اطقم الحكم المفترضة جديدة شابة ولو من باب المواساة لا اجتراح الحلول..
ما كان ينقص العيد المجيد سوى تجديد الطوابير امام المصارف، ليحصل المواطن على كسرة دولار من فتات راتبه المتبقي او وديعته..! ما كان ينقص عيد السلام وتضحية الفادي سوى بطاقة معايدة ارسلت من الحاكم والطغمة اودِعَت المصارف لتوزع مباشرة وجاهيا فقط بنيةُ الاخضاع، ضمن هندسات زعرنات، سطوٌ متقن الاداء موزع الادوار متفلت من كل حساب او عقاب..!

في عالم المال وقطاع المصارف، يستخدم مصطلح “الشمول المالي” Financial inclusion لعملية ادخال او دمج الفئات المهمشة ماليا من ذوي الدخل المحدود او المنخفض في النظام المصرفي من خلال منظومة العمل الرقمية، عبر استخدام الهاتف الجوال مثلا، بما يضمن إتمام جميع التعاملات المالية الكترونيآ. كما تقديم الخدمات بسهولة و بكلفة رمزية، كالدفع عن طريق الھاتف المحمول..!
ولطالما تغنوا بتفوق القطاع المصرفي وتيرة نموه وتميزه، فات الجهابذة “الشمول المالي” لا بل تقصدوا نبذه.! ما كان بالامكان رد الناس لهم سوى بعبارات مصطلح “الشمول الهِجائي” من “الزنار ونازل” تحقير وسباب ترافق مع دعوات الامهات على الظُلام خونة الامانة وهادري الكرامة الوطنية..!

تاليآ؛ بعد نقض التسوية السياسية الاخيرة او زعم انكارها ونفيها، وضعت عطلة الاعياد خارج البلاد تحت خانة لقاء المغتربين خارجا، تحضيرهم او حثهم على المشاركة ترشيحا واقتراعا في الانتخابات النيابية، نكران النخبة للتمتع والترفه، على قناعة ان الرعية لا زالت على بلاهتها تزداد استسلاما وولاءً.. وتبقى المصيبة في صمت المظلومين لا ظلم الظالمين..!
منذ بداية الكيان اللبناني، اعتبرت شريحة من الشعب انها درجة ثانية واخرى مظلومة وتالية مهمشة، رغم كل ذلك لم يكن هناك سوى قدر ضئيل من الظلم او الاهمال ؛ فالمواطنين في رغد العيش امنا وامانا وعدالة اجتماعية بحضانة قضاء نزيه..! لكن كل شخص منهم جاء بعد حروب او اثر تسويات، أضاف جزءاً من الظلم ليعلو، ويحسب له من قالب الجبن حصة، وهكذا انتهى بنا الأمر وطنا مليئا بوقاحة هتك الدستور والقانون و رعاية الفساد والمفسدين، تسكنه اباليس سياسة واقطاع كما زمر من قبائل اثنية وعرقية…!
مساءً، بعد ان نجحت الخديعة واستوطنت عقول كُثُر كما حسابات تويتر، في لبوسها تحسس المعاناة لتجاوز المحنة وامل التعافي سراب؛ مددت المهل اظهار ترفق عل طوابير الناس امام المصارف يهدأ بالها فتنال من رزقها قروشا لا تسمن لكنها تغنِ عن بعض جوع وبرد..!
اخيرا، قيل في الصمت انه سطور تئن بلا أنين، وتصرخ بلا آه.. وبانتظار فصل جديد يبتدع لاذلال اهل البلد من رعاته؛ لم يعد الصمت فضيلة وان كان مليئا بالاجوبة؛
قد يكون من صور الموت احيانا، لن يتم به الانتصار ولن يكون اكليل الحرية على اضرحة الشهداء معطرا الا بالتاج الابدي لوحدة الشعب وصرخته بوجه سلطان جائر..
إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ، فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ، لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِيًا يُلاَحِظُ، وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا.”سِفر الجامعة-٨”..!

في 24.12.2022