لبنان مسرح أبالسة .. مشرع لشتى انواع اللعب بالدماء والدموع


بقلم العميد مُنذِر الايوبي

“بين الصواب والسلام، اختار الصواب” ثيودور روزفلت ..! هذه المقولة للرئيس الاميركي السادس والعشرين، لا يرى فيها الساسة اللبنانيين ” دون تعميم حرصآ من استفزاز” امرآ محفزآ طالما ان لا السلام وارد لديهم ولا الصواب مسلكهم..!.. اذ لا تزال المجموعات اللبنانية السياسية الحزبية والطائفية في انقسامها العامودي المخيف والافقي المنغمس في حرب “الكلمة” تشن عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، كما الصحافة المكتوبة مستخدمة المال والسلطة، الايديولوجيا والدين، فيما تفوح رائحة الذباب الالكتروني نتانة شتم وشائعات باتت تطال الشخصي والاخلاقي دون حياء..!

من جهة اخرى؛ لا حاجة تأكيد طالما الحقيقة ثاقبة، ان اهل الدار يشغلون وظائف الممثلين المحليين لدول الاقليم، ارتباط بمحورين اثبات انعدام قدر وقيمة “اكثرهم” من صنف ادوات التلقي والتنفيذ، على ندرة اهلية طرح نقاش او استفهام، بديهي انه على حساب آلام شعب افقر عنوة وهجر قسرا، دون احتساب وحدة الوطن والامة واستقلالية القرار او حرية الخيارات “والترسيم البحري” امثولة على ما يروى..!

المعضلة فينا ومنا؛ اذ لطالما كان البلد مسرح دمى تنطق بالهوى، مشرع لشتى انواع اللعب بالدماء والدموع.. التنافر الاقليمي دافع فوضى واشعال فتن خلاقة تقارب حربآ اهلية، بالمقابل فان التفاهمات والتسويات لا تبرد على الاقل الوضع المتأزم كما يفترض، اذ تضعف عندها فعالية الترياق او تتلاشى على خلفية تجذر خصومات مصلحية حد العداء ذات خصائص مذهبية “نفاذة انتقائيآ ” Selective Permeability، مزايدة عليلين على تقاسم ما تبقى من عظام الهيكل ..!


ما ذكر بات على كل شفة ولسان سواء في الخارج الدولي أَٰكان “متواطئآ ام ملتزمآ استقرارا” ام على الصعيد الداخلي المهترئ.. ولا حاجة لاستفاضة توصيف واقع في عجالة..!

تاليآ؛ من منطلق الشكوى لغير الله مذلة، دعا الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى رياضة روحية في خلوة ايمانية استنساخ استسقاء سياسي متعذر  الهطول، اذ ان حال الجفاف تعم العقول وتشقق النوايا كرمال بيداء يباب..!
وفي واقع شبه الوهي يقع الوطن الصغير نقطة جامعة بين مكة المكرمة وحاضرة الفاتيكان، لكن تسيد الابالسة يسقط البركة ويفسد الرعية.. اما قارئي الفنجان طارحي نظرية المقايضة بين اليمن تحت الفيء السعودي ولبنان تحت الظل الايراني ف “صفقة مسمومة” من نوع العلاج بالبتر غير قابلة التحقق ولا المقاربة..

في لا متعة الاستراحة؛ علقت الدعوة الى جلسات انتخاب الرئيس بعد اجترار احدى عشرة منها، بحثآ عن حامل مواصفات مدرجة في الوصفة الخارجية الدولية والاقليمية.. الا ان الجلسة القادمة بحاجة لبضع اسابيع لكي تكون الاخيرة تطوب الرئيس العتيد شبه عيد الجلوس على العرش المخلع؛ نتاج حتمي للتفاهمات السعودية- الايرانية.

بالمقابل ومن باب خير البر عاجله وبالرعاية الصينية التقى يوم امس وزيري خارجية المملكة والجمهورية الاسلامية فيصل بن فرحان وحسين امير عبد اللهيان في بيجين لرسم خارطة الطريق الآمن والاقل استهدافآ من المتضررين وفي مقدمتهم اسرائيل، بما يضمن درء هذه التفاهمات عن تقلب الرياح الدولية الساخنة والحرائق المحلية الموسمية.. بالتوازي تحديد وتحضير الخطوط الجيوسياسية وهوامش الاضرار الجانبية تمهيدآ لوضعها على طاولة قمة الرياض التي اعلن قرب انعقادها بين قادة البلدين ..! استطرادآ، اتى البيان المشترك بختام الاجتماع الوزاري براغماتيآ بامتياز متضمنآ استئناف الرحلات الجوية مع تسهيل منح التأشيرات، كذلك بدء ترتيبات إعادة فتح السفارتين والقنصليات واستئناف زيارات المسؤولين ووفود القطاع الخاص مع تنشيط الاستثمارات..!

في مستجدات المنطقة الشرق اوسطية يمكن قراءة تحولات هائلة سيكون لها نتائج هامة على الصعيدين الجيوسياسي والاستراتيجي؛ وفقآ للتالي:
*اجتماع موسكو الرباعي الذي انعقد بداية الاسبوع الحالي في العاصمة الروسية موسكو وضم وزراء خارجية روسيا، ايران، تركيا، سوريا. وساطة روسية من نوع “التلقيم القسري” Forced Feed تحقيقآ للهدف الاستراتيجي: تطبيع العلاقات السورية- التركية..
*مرحلة جديدة بإرادة سياسية مزدوجة تترجم بانطلاق مسار تطبيع العلاقات مع رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي بعد قطيعة 11 عامآ حاصل زيارة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش اوغلو ولقائه نظيره المصري سامح شكري، مع التمهيد للقاء القمة أردوغان- السيسي.
*زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ المملكة العربية السعودية توجت بلقائي قمة الاول مع العاهل السعودي وولي عهده، والثاني مع مجلس التعاون الخليجي اضافة الى مصر والاردن كرس تصاعد النفوذ الصيني في الشرق الاوسط على ارضية صلبة عبدتها الرياض ب “اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
*التقارب السعودي- السوري في مؤداه عودة سوريا الى الحضن العربي بديلآ طبيعيآ عن الايراني، مثبتآ بدعوة للمشاركة في القمة العربية رقم 32 التي ستعقد في التاسع عشر من ايار القادم في العاصمة السعودية.
*لقاءات باريس الخماسية (فرنسا، السعودية، قطر، مصر، الولايات المتحدة) الساعية لمنع قدرة امتصاص Absorption الافرقاء اللبنانيين للضغوطات، وبالتالي فرض مسلك الحل الشامل وإن مرحليآ للازمة السياسية المتمادية وانتخاب رئيس للجمهورية.
*الحضور الاميركي عبر اجتماعات عقدتها مساعدة وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط باربرا ليف مع الساسة اللبنانيين بهدف الحث على (السير بالملف الرئاسي، الاصلاحات الاقتصادية والمالية، العمل وفق توحهات البنك الدولي IMF، الاستقرار على الحدود الجنوبية والتعاون مع قوات حفظ السلام الاممية UNIFIL). وهي التي عبرت سابقآ عن رؤيتها للوضع اللبناني بعبارة: “ارى عدة سيناريوهات كارثية أسوأها التفكك والهجرة الجماعية وفقدان الجيش والقوى الامنية السيطرة”. والحبل على الجرار..

 

في السؤال عن ( قرار الافشال) The décision to fail قصور دون فوز مع وحدة المصدر (العدو الاسرائيلي) ، شبهة ان تكون عملية مجدو رواية ركيكة لعمل استخباراتي غير بعيد عن “الشاباك”.. اما القصف الصاروخي بالكاتيوشا من بستان الموز في سهل القليلة على منطقة الجليل الاعلى، فأوهى من رسالة شبه نكزة Poke لا تؤدي الى نتيجة على صعيد دعم المقاومة في الداخل المحتل، لكنها تتسبب بانعكاسات خطيرة وسيئة على لبنان، تعقيد اضافي قد يؤخر كل جهود الحل في مرحلة حرجة اقليميا..!

بيروت في 07.04.2023