لبنان المتشظي المبعثر إلى أشلاء…

 

بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*

بعد ان اتمت المنظومة بأفرعها ومشتقاتها عملية تعطيل النظام وتسريع الارتطام Impact الكبير بدائرة 360°، عبر رفع الدعم الشامل ومستوى التخلي عن “المواطن ليقلع شوكه بيديه” دخل لبنان حالة التشظي Fragmentation مما يعني تبعثره اشلاء.. واذ سجل اثر طول ردح انتظار تلازم مع جهد كثير وعناء كبير نجاح عملية تأليف الحكومة الجديدة، ومن دون تشكيك ولو لحظوي في حسن النوايا لدى رئيسها ووزراءها فإن السياق الميكانيكي العام يؤكد ان جمع الشظايا بات امرآ متعذرآ وهو من الصعوبة بمكان؛ اذ ان الوقائع في علم السياسة كما الفيزياء تؤكد بالتجربة المتكررة ان عملية التلحيم لا تجدي نفعآ لضعف كيميائي في تركيبة مواد التلصيق، كذلك في البنية الهجينة للشظايا المكونة اصلآ من تركيبة طائفية، اقطاعية وايديولوجية مصلحية..

تاليآ؛ اثبتت الاوليغارشية وهي رأس جبل الجليد للنظام المتهالك، ان كل فلسفاتها ونظرياتها واداءها سواء في تبرير زندقة المصارف ام في فساد المؤسسات ونهب المال العام كما السطو على الخاص مبتذلة مستفزة للواقع المعاش، وان الظواهر الوطنية والحياتية المعيشية اضافة للمباديء الاخلاقية خارج عنابر التخزين الآمن باتت سقط متاع، حصيلة طبيعية لموت الطبقات المنتجة ماديآ والمبدعة فكريآ، مع سبق الاصرار على الهجرة في سعي دؤوب لعيش كريم تماشيآ مع حقيقة مروعة الحاجة للبعد عن وحشية تسود سكنت زوايا مظلمة في ثنايا عقول غالبية مسؤولة ..!

من جهة اخرى؛ لم يعد من امكانية للعودة الى الوراء، بشرى يقولونها بصفاقة لا صراحة وبوقاحة دون خجل “لبنان الذي تعرفونه قد مات”..! فئة من المجانين من مؤيدي احزاب واقطاع وسلاطين لا زالت متشبثة بذيولهم بعد ان اسكرتها كسرات مال ظرفية في الزمان والمكان لا تسمن ولا تغني من جوع..
اذ لم تنفع الصرخات والاحتجاجات والتظاهرات البريئة منذ 17 تشرين 2019 في كبح جماح الانزلاق واصلاح واقع الحال وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر اصلاحات جدية مطلوبة في اسسها تجديد الطبقة الحاكمة او على الاقل تطعيمها ببعض طموح التغيير. فقدت الجماهير قدرة النطق والفعل بعد تفكيكها و وأد مسار التغيير سواء بالقوة الامنية المطاطية والاختراق الاستخباراتي او بالتيئيس الطائفي كما التجريم التخريبي والافتراء القضائي، مما فرض عقمآ قهريآ دفع فيه الناس الثمن كالمعتاد عبر اعادتهم اسرى الى بيت الطاعة ذو جدران الفقر والجوع وسقف الاذلال وهتك الكرامات..!

وليس من الصدفة بشيء تواطؤ وخداع بعض الخارج الاقليمي والدولي مع الداخل الاسخريوطي، استبيح الوطن بخيانة يهوذا ونقض تعهدات دولية رسولية ودعوات اقليمية بتولية سواء بالتحذير من فرض عقوبات او بالحث على اصلاحات تعيد المال المنهوب اصلآ وتعزز الشفافية و قمع الفساد، كما تؤكد جدية النوايا ومصداقية جدية لا صورية لانجاز التدقيق الجنائي..

تاليآ ثبت بالوقائع بيع ارض القداسة بحرا وبرا بثلاثين من الفضة تبدأ بعقود ال TOTAL الفرنسي في العراق الى HALLIBURTON الاميركي في حقل KARICH الى آخر المستجدات من تعليق بعض بنود قانون قيصر السوري، بالتزامن مع وصول بواخر المدد الايراني، واعادة تنشيط مباحثات النووي، بالتوازي مع استعادة طهران حق التصويت في الجمعية العامة للامم المتحدة الخ… في فعل الدولة اللبنانية المبتذل معالجات بالمسكنات على مستوى الداخل الملتهب بعد ان سجل تطور حيوي في استقبال المناسبات بقذائف الآر بي جي بدلآ من الرصاص الحي..! اما على صعيد الاقليمي والخارجي السيادي فتشابك الخطوط البحرية الجنوبية الثلاث 23- HOV-29 لم تغنِ عن مخرج شكوى معتادة على التعدي الى مجلس الامن الدولي فعل تنوير وفكر سلام حضاري مصطنع..

من جهة اخرى، تجاوز اركان النظام مباديء ونظريات علم التحليل النفسي لمؤسسه النمساوي Sigmund Freud القائلة بالصراع الدائم لدى الانسان بين غريزة الموت وغريزة الحياة، فهم من النسق الفرعوني على اقتناع بفكرة الخلود ممارسة دون محاسبة متنكرين لفكرة الموت الحتمي.. انها احدى مفارقات العقل السلطوي المشوش وطنيآ تدعو للتساؤل لا للاستغراب..! مزج تجريدي ادهش العالم بين بدعة حصانات وتمرد على قضاء نتاج ثبوت انتماء طائفي كينونة بقاء في حفظ المناصب وحماية المواقع علة تفسيرات واجتهادات لمواد الدستور فيها من زنا المحارم الكثير..

في ختم المقال حيرة كيفية انتهاء الحال وعرض حلول المعضلة، هي كثيرة متشابكة متقاطعة بعد ان استبدلت احداثيات خط الزوال Greenwich Meridian وهو في الاساس خط عشوائي افتراضي لحساب التوقيت ليصبح Washington Meridian ولواشنطن قدرة التحكم بالتوقيت الزمني والاحداثيات المكانية على مدار الكوكب..!
اما صناديق الاقتراع فشأن آخر اذ لا قوة تهزمها او تحرق اوراقها ونتائج الفرز شواهد، فيها الحل والربط مشيمة الخلاص والولادة الجديدة.. انها خط الاستواء يزنر الوطن ان احسن اها البلد الانتقاء، قد تحمل الى الشعب الهزيمة امام هيمنة السلطة وتبعيتها وكارتيلات القهر الاستبدادي، كما قد تكون مشعل الحداثة والتمدن والازدهار مصل روح الحياة للوطن المنكوب..!
انه حلم وردي وليس وهمآ، غير سهل المنال لكنه غير مستحيل؛ امل عدم استخدام “لو” غير الامتناعية في تحليلات الكتاب والبحاثة واهل البلد الاطهار بعد أيار 2022؛ كمثال جملة “لو انتخبنا او لو احسن الاختيار لما بقينا في جهنم” ..!

بيروت في 20.09.2021