غرسات أسنان ذكية تولد الكهرباء لتقاوم البكتريا

لطالما شكلت زراعة الأسنان التي تحل مكان الأسنان المفقودة، قفزة متقدمة مقارنة بأطقم أو جسور الأسنان، حيث يتم تركيبها بشكل أكثر أمانا ومصممة لتدوم 20 عاما أو أكثر.

ولكن في معظم الحالات تكون الغرسات أقل من هذا التوقع، وبدلا من ذلك تحتاج إلى الاستبدال في غضون خمس إلى عشر سنوات بسبب التهاب موضعي أو أمراض اللثة، ما يستلزم تكرار الإجراء المكلف للمرضى.

ونقلت “ميديكال اكسبرس” عن الاستاذ المساعد في كلية طب الاسنان بجامعة بنسلفانيا جيلسو هوانغ، الذي يتمتع بخلفية في الهندسة جلبها إلى بحثه حول مشاكل صحة الفم: “أردنا حل هذه المشكلة ولذا توصلنا إلى غرسة جديدة ومبتكرة، تنفذ تقنيتين رئيسيتين: أحدهما مادة مملوءة بالجسيمات النانوية تقاوم الاستعمار البكتيري، والثاني هو مصدر ضوء مضمن داخليا لإجراء العلاج بالضوء، مدعوما بالحركات الطبيعية للفم، مثل المضغ أو تنظيف الأسنان بالفرشاة.

ووضع هوانغ وزملاؤه نظامهم الأساسي، والذي يمكن يوما ما أن يتم دمجه ليس فقط في زراعة الأسنان ولكن أيضا في التقنيات الأخرى، مثل استبدال المفاصل أيضا.

يعتبر هوانغ: “ان العلاج بالضوء يساعد مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية. ولكن بمجرد زرع مادة حيوية، ليس من العملي استبدال البطارية أو إعادة شحنها. نحن نستخدم مادة كهرضغطية، يمكنها توليد طاقة كهربائية من حركات الفم الطبيعية لتوفير ضوء يمكنه إجراء العلاج بالضوء، ووجدنا أنه يمكن أن ينجح في حماية أنسجة اللثة من التلوث البكتيري”.

ودرس الباحثون في ورقتهم البحثية المادة المكتشفة “تيتانات الباريوم” (BTO)، والتي لها خصائص كهرضغطية يتم الاستفادة منها في تطبيقات مثل المكثفات والترانزستورات، ولكن لم يتم استخدامها بعد كأساس للمواد الحيوية القابلة للزرع المضادة للعدوى.

واستخدم فريق الباحثين لأول مرة أقراصا مدمجة مع جزيئات نانوية من تيتانات الباريوم وعرّضوها إلى بكتيريا العقدية الظافرة (Streptococcus mutans)، وهي مكون أساسي من البكتيريا الحيوية المسؤولة عن تسوس الأسنان المعروف باسم لوحة الأسنان، لاختبار امكاناتها كأساس لزراعة الاسنان، ووجدوا أن الأقراص قاومت تكوين الأغشية الحيوية بطريقة تعتمد على الجرعة. وكانت الأقراص ذات التركيزات الأعلى من تيتانات الباريوم أفضل في منع الأغشية الحيوية من الارتباط.

وفي حين أشارت الدراسات السابقة إلى أن تيتانات الباريوم قد تقتل البكتيريا تماما باستخدام أنواع الأكسجين التفاعلية المتولدة عن تفاعلات الاستقطاب الكهربائي أو المحفز بالضوء، لم يجد هوانغ وزملاؤه هذه النتائج بسبب الفعالية قصيرة العمر والتأثيرات غير المستهدفة لهذه الأساليب.

وبدلا من ذلك، تولد المادة شحنة سطحية سالبة محسّنة تطرد جدران الخلايا سالبة الشحنة للبكتيريا. ويقول الباحثون إنه من المحتمل أن يكون تأثير التنافر هذا طويل الأمد.

يقول هوانغ: “لقد أردنا مادة مزروعة يمكنها مقاومة نمو البكتيريا لفترة طويلة لأن التحديات البكتيرية لا تشكل تهديدا لمرة واحدة. وقد تم الحفاظ على خاصية توليد الطاقة للمادة، وفي الاختبارات، بمرور الوقت، لم تتسرب المادة. كما أظهر أيضا مستوى من القوة الميكانيكية يمكن مقارنته بالمواد الأخرى المستخدمة في تطبيقات طب الأسنان.

وأخيرا، لم تؤذ المادة أنسجة اللثة الطبيعية في تجارب الباحثين، ما يدعم فكرة أنه يمكن استخدامها دون تأثير سيء في الفم.

ووصلت هذه التكنولوجيا إلى المرحلة النهائية في برنامج تسريع الأبحاث في مركز العلوم، وهو برنامج QED Proof-of-Concept، كواحد من أصل 12 متأهلا للتصفيات النهائية. وسيتلقى هوانغ وزملاؤه توجيهات من خبراء في التسويق. وإذا تقدم المشروع ليكون واحدا من ثلاثة متسابقين نهائيين، فإن المجموعة لديها القدرة على تلقي ما يصل إلى 200 ألف دولار في التمويل.

ويأمل الفريق في الاستمرار في تحسين نظام زراعة الأسنان “الذكي”، في الاعمال المستقبلية واختبار أنواع جديدة من المواد، وربما حتى استخدام خصائص غير متماثلة على كل جانب من مكونات الزرع، والتي تشجع على تكامل الأنسجة في الجانب المواجه للثة ويقاوم تكوين البكتيريا على الجانب المواجه لبقية الفم.