غبطة البطريريك .. زرعتم الريح فاحصدوا العاصفة

بقلم :شفيق حبيب

سيادة البطريرك بشارة بطرس الراعي المحترم.
في السّياسة والسّيادة …. نطقتم كفراً.
أوّلاً وبعد التحيّة دعني أذكّرك وأذكر من سوف تثور فيه الحميّة الطائفيّة البغيضة أنني لا أحاكي فيك رجل الدين الذي لا يعنيني على الصعيد الشخصي أصلاً ولكنني أحترمه إنطلاقاً من إحترامي لذاتي أوّلاً وإحترامي للآخر ومعتقد الآخر ثانياً.
غبطة البطريرك، جميل ما سمعناه منك اليوم على صعيد التعاطف مع اللبنانيين ومآسي اللبنانيّين إلّا أنه لا يشكل لمن يتابع خطاباتك الأسبوعيّة سوى زوبعة شعبويّة في فنجان يحتوي على أمورٍ غير محبّبة وغير مُطَمئِنة. فمن ذا الذي يعوّل على كلام رجل يناقض نفسه بين الأحد والأحد التالي وعلى كلام رجل يضرب ضربة على الحافر وضربة على المسمار، إلّا أنَّ ضربتك الأخيرة اليوم قد أتت قاصمة على الرأس؟
تتباكى على المستشفى، السياحة، البحبوحة، الفنادق وتنسب هذا الدرك إلى إحتجاز أموال الناس في المصارف، فهل تناسيت يا محترم أنك وحين لم يُطلَب من قبل دولة الرئيس حسان دياب قطع رأس حاكم مصرف لبنان الماروني رياض سلامة، بل تمّ الطلب إليه مجرد تقديم كشف حساب يظهر واقع هذه الأموال التي تدعي حرصك عليها وعلى أصحابها، فقد هبّيتَ يومها لترسم خطّاً أحمراً طائفيّاً، معيباً و مشيناً كهالة حول رأسه؟ إنّ من يغطي الفاسد، وإن الساكت عن الحق لا يجب أن يشبههما رجل بمقامك الرفيع يا محترم.
غبطة البطريك، هل نظرت إلى الخارج قبيل إقامة قدّاسك الذي لم تحمل عظته يوماً شؤونا وشجوناً دينيّة بقدر ما تحمل كمّاً من التدخّلات السياسية المرفوضة والمضرّة بلبنان عموماً وبالمسيحيين خصوصاً؟ هل وجدت هذا الكمّ لحمايتك وحماية المصلّين من رجال الأمن والجيش اللبناني الذين زجّيت بهم في خطابك لتتّهمهم غمزاً ولمزاً بقمع الثوّار؟ وهل شكرتهم بدلاً من أن تتّهمهم وتتجنّى عليهم؟ لقد جاء في حديثك حرفيّاً ما يلي : “فَــتِّشوا خارج الثورة عن المخرِّبين ومُهدِّدي الأمنِ القوميّ اللبناني، والمتطاولين على الجيش والشرعيةِ والمؤسّسات” فهل فات غبطتك أن من يحملون هذه الصفات هم أنفسهم من يٌعتقلون ويٌردعون من قلب الثّورة ومن صميمها؟ أليسوا هم أنفسهم من دمّروا المؤسّسات الرّسميّة والخاصة وأحرقوا المصارف والمحال التّجاريّة ليضيفوا إلى طين الأزمة الإقتصاديّة بلّة؟
أمّا الطامة الكبرى فهي مناشدتك للدّول الصديقة التدخّل في سبيل إعلان حياد لبنان معتقِداً أن حياده هو أساس قوّته، فعن أي حياد تتكلّم غبطتك؟ ألا تعلم أننا أم الصبيّ؟ ألا تعلم أن أرضنا هي لبّ الأزمات وأن العدوّ يتربّص بها ليجعل منها مركزاً للجوء ونزوح الفلسطينيين والسوريين؟ إن كنت لا تعلم فهي الكارثة، وإن كنت تعلم، وأنت تعلم، فهي المصيبة الكبرى. فعن أي حياد تتكلم وأنت تلقي عظتك السياسية على أنغام أوركسترا الطائرات المعادية التي كانت تحوم فوق الكاتدرائية؟ فأي حياد سوف يحمي آبار الغاز التي يتربّص بها الكيان الصهيوني؟ أولا تعلم أنّ إستجلاب التدخلات الخارجية الحليفة للصهاينة هو من أكبر الخدمات التي يتمنّاها أبناء هرتزل؟؟؟
أما بالنسبة لفخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون الذي ناشدته العمل على فكّ الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحرّ، فنذكّرك بألّا توصي حريصاً، خاصة بعد أن قام سَلَفك البطريك الراحل نصرالله بطرس صفير بتغطية تجريد موقعه، أي موقع رئاسة الجمهوريّة عبر مصادقته ومباركته لإتّفاق الطائف الذي حلّ برداً وسلاماً على المتربصين بالشرعيّة والقرار الوطنيّ الحر، نعم لقد تحاملت بكركي على الجنرال ميشال عون خلال أحلك أيام الدفاع عن الحريّة والسيادة والإستقلال والشرعيّة في وجه الاحتلال وفي وجه الميليشيات والعصابات والإرهابيين.
أليس البطريك صفير من قال بعد سقوط بعبدا بيد المحتل مباشرة “لقد زال الكابوس”؟؟؟؟؟ نعم غبطتك، لقد زرعتم الريح فأحصدوا العاصفة وأتركوا رئاسة الجمهورية لرئيسها، وأتركوا السياسة لأهلها فهم أدرى بشعابها، إهتمّوا برعاياكم وأتّقوا الله بالوطن والمواطن.

*ناشط سياسي