سقط النقيب ملحم خلف

 

 

 

بقلم : شفيق حبيب*

يوم تمّ إنتخاب المحامي الأستاذ ملحم خلف نقيباً للمحامين في السابع عشر من تشرين الثاني من العام 2019 وقد كان مرشّحا عن الثورة التي إنطلقت شرارتها في السابع عشر من تشرين الأول من العام نفسه. إعتبر الثوّار حينها أنّهم سجّلوا بفوز النقيب خلف هدفا في مرمى السلطة الفاسدة، والأوليغارشيّة والدكتاتوريّة، وحكم الزعران والشبّيحة بحسب مزاعمهم.
في الثالث والعشرين من تشرين الثاني أي بعد ستّة أيام على إنتخاب خلف نقيباً، تعرّض المحامي والناشط في التيّار الوطني الحر الأستاذ “جو خوري” للضرب المبرّح على يد شباب ينتمون إلى حزب سبعة ، حزب الثورة ، ما أدى إلى دخوله بحالة حرجة إلى المستشفى، وذلك إثر إبدائه رأياً معارضاً لأداء الحزب المذكور، فكان الإمتحان الأوّل للنقيب خلف، البطل القومي الجديد الذي وقع من دون سابق إنذار بين سندان الإنتماء المهني ومطرقة الإنتماء السياسي، فهل يقف الى جانب المحامي المجني عليه أم يقف إلى جانب الثوّار الجناة؟
لم يكن الإمتحان صعباً على رجل أقسم اليمين على أن يقف إلى جانب الحق وإلى جانب نقابته وزملائه وهو الذي قال بُعيد إنتخابه ” نريد قيام دولة عادلة ونريدها أيضًا ألا تخشى من تداول السلطة ونؤمن أنّ نقابة المحامين هي رافعة الوطن”. ، وقد قدّم القدر لخلف جائزة تُبعد عنه شبح الحيرة في إتخاذ القرار حيث إجتمع “الزّميل” و”الحق” في الكفّة الواحدة الراجحة من الميزان، الكفّة التي كانت لتجعل من خلف بطلاً شعبيّاً نزيهاً يقدّم نهجاً جديداً في التعاطي البعيد عن الإستنسابيّة والإزدواجيّة والمحسوبيّات، إلّا أن الأستاذ ملحم خلف كان قد تخلّى عن دوره وعن قسمه في الأيام الأولى من ولايته، حيث لم يصدر عنه حتى مجرد كلمة إستنكار لما حصل بحق زميله وما نال من هيبة نقابته.
بعد فترة وجيزة إندلعت أحداث تخريبيّة في العاصمة بيروت، وقد تم تدمير الممتلكات الخاصّة التي لا ناقة لأصحابها ولا جمل بما إعتبره الثوّار مسوغا لبربريّتهم، البربريّة التي لم يسلم من شرّها حتى عناصر قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني، وهذا ما أدّى إلى حملة من التوقيفات التي طالت من طالته ممّن ثبت تورّطهم في أعمال الشغب من خلال إلتقاط صور لهم عبر كاميرات المراقبة المزروعة في مسرح الجريمة. لم يكذّب النقيب خلف خبراً فحضر في منتصف الليل إلى الثكنة العسكرية حيث تم توقيف المخرّبين معلناً أنّه لن يخرج من “هنا” حتى يتم إطلاق “الشباب”.
تعرض المحامي واصف الحركة اليوم لإعتداء جسدي مستنكر طبعاً، وقد إستدعى ذلك نقله إلى المستشفى، حيث عاده النّقيب ملحم خلف مستنكراً وقد أدلى بتصريح لوسائل الإعلام وكان من أبرز ما ورد فيه: “وقت الكلمة ما منعود نقدر نتحمّلا …… لازم نرجع كلنا سوى نفهم إنو حرية الكلمة وخاصة لمحامي ما حدا بيقدر لا يلقطا ولا يغير بقناعتها”. كما توعّد بأن الوقت الآن ليس وقت الكلام مشيراً بأن الأولويّة هي للإطئنان على حالة الأستاذ واصف الصحّية ومن بعدها يأتي وقت القيام بإجراء المقتضى.
كخلاصة، ومن خلال هذا الشريط المقتضب للأحداث نجد أن النقيب ملحم خلف قد قدّم نهجاً لا يمتّ إلى وعوده ولا إلى وعود الثّورة بِصِلة، وقد تبيّن جليّاً أن وقوفه حتّى إلى جانب المحامي واصف الحركة لم يكن إنطلاقاً من كونه محامياً بل أن السبب الحقيقي هو إنحيازه الشعبوي المرفوض إلى جانب الثورة والثوّار ظالمين كانوا أم مظلومين. فماذا لو تبوّأ النقيب السلطة؟ وأي نهج شبّيحة يجب أن ننتظر حينها؟
للأسف إن النقيب ومشروعه الطرزاني قد سقطا سويّاً وعلى العدل السلام.

* ناشط سياسي