شيخ سعد لا تراهن على استغباء اللبنانيين .. ما هكذا تورد الإبل

 

 

بقلم : عباس صالح

 

مرتبك تيار “المستقبل” على إيقاع ارتباكة الرئيس سعد الحريري.. فهو ينفي ان يكون كتيار قد نقل مجموعات من طرابلس وعكار والضنية إلى بيروت، لتشارك في أعمال الشغب والتحطيم التي شهدتها العاصمة بهدف الضغط على الرئيس المكلف”.

أما رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري فقد استفاق الليلة على ما يبدو اكتشافاً متأخراً ان “ثمة من نصحه للاستثمار في الوحوش والرهان على قطاع الطرق”. فغدا يغرد قائلا :” ان مشهد المواجهات والحرائق وأعمال التخريب في وسط بيروت مشهد مجنون ومشبوه ومرفوض يهدد السلم الأهلي وينذر بأوخم العواقب.”

صح النوم يا شيخ سعد! بعد اربعة اشهر بالتمام والكمال تخرج علينا لتقول بانك :” لن تسمح لأي كان اعادة بيروت مساحة للدمار والخراب وخطوط التماس، وتدعو القوى العسكرية والامنية الى حماية العاصمة ودورها وكبح جماح العابثين والمندسين.”؟

عذراً يا شيخ سعد ما هكذا تورد الابل…

تصريحك الليلة لا يتوافق البتة مع مواقفك بالأمس…

هل تظن أن اللبنانيين بلا ذاكرة وأنهم نسوا انك عند انطلاقة “شغب” ١٧ تشرين وقفت كالسد منيعاً أمام الجيش وقوى الامن ومنعتهم من اتخاذ أي اجراء عملاني بحق حفنة من زعران الشوارع وقطاع الطرق، إمتطوا جراح اللبنانيين واستغلوا اوجاعهم، فقطعوا اوصال الوطن، وأساؤوا إلى بنيه واعتدوا على كرامة كل لبناني في الصميم، وأقاموا الحواجز وخربوا الديار، وأذلوا كل مؤسسات الدولة ووجوهها، وداسوا هييتها بالاقدام، فسميتهم ثواراً، وحاولت استثمارهم في مناكفاتك السياسية وخصوماتك الآنية؟؟

أوتظنهم نسوا انك مضيت، ورغم نصائح الغيارى على الوطن بالابتعاد عن الاستقالة، ومعالجة امراض الدولة، وما أكثرها، لكنك أصررت على تقديم استقالة حكومتك كهدية وعربون مشروع استثمار سياسي بهذه الحفنة من المعتدين الآثمين، ولم تأبه للنصائح ولا للمناشدات، كما لم تصدقنا حين قلنا لك مع القائلين في حينه انك يا شيخ سعد في رهانك هذا على هؤلاء، كمن يراهن على الوحش ويربيه، لأنه لا بد للوحش أن يفترس صاحبه قبل سواه.

وكما كنا قد نصحناك يوماً يا شيخ سعد ونصحنا سواك، بأنكم بتشبثكم بهذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين بنية استخدامهم كمحاربين في الحروب الداخلية والاهلية التي تعدون لها العدة يعد خطأ فادحاً، لأن المقاتل المأجور يبيعك بلحظة واحدة لمن يدفع اكثر ويصوب بندقيته الى صدرك ويقتلك، والأمثلة متعددة في هذا الاطار، في التواريخ البعيدة والقريبة.

يا شيخ سعد، ما حصل اليوم هو تماماً ما حذرك من عواقبه كل لبناني شريف، يريد الاستقرار لوطنه والسلام،  قبل ان تأخذ خيارك وتمضي في دعم الشغب وقطع الطرقات واستخدام الشارع لتحقيق المآرب السياسية الرخيصة، وأدرت الاذن الصماء، لكل من حذرك من انك تمضي في لعبة خطرة، وليس بإمكانك السيطرة على غوغاء الشارع، وإدارته على النحو الذي تريده دائماً وأبداً.

أصرارك على هذه اللعبة يا شيخ سعد أوصلك الى هنا.

ها هم من وصفتهم ب”الثوار” وقدمت لهم الحماية، تنكروا لك واعتدوا على مؤسساتك المالية والتجارية وسواها،  ويريدون حتى إحراق الحريرية بكل وجوهها في وسط بيروت.

ولكن انتفاضتك اليوم يا شيخ سعد تستدعي جرَّ الكثير من الاسئلة المتتالية، أقلها على الاطلاق ان مجموعات من اللبنانيين ستخرج عليك غداً لتسألك ماذا عدا مما بدا؟!

لماذا كان قطاع الطرق هؤلاء بتعريفك بالامس ثواراً احراراً قديسين… واليوم صاروا أبالسة وشياطين؟؟

سيسألونك عن جدوى الرهان على مثل هؤلاء، في ظل وجود العديد من التجارب السابقة. وسيسألونك لماذا لم تتعلم؟

كما سيسألك القريب والبعيد عن ابناء شعبك الطيب الذي أذله زعران الشوارع وقطاع الطرق على مدى اربعة اشهر على كل طرقات لبنان ، وقطعوا أرزاقه وقتلوا عدداً من ابنائه ظلماً وعدواناً وافتراءً، ولم يرف لك جفن، او حتى تسمح للجيش والقوى الامنية بأن تقوم بأدنى وأبسط مهامها المنوطة بها اصلاً والتي أوجدت لتنفذها قبل سواها، الا وهي حرية المواطنين في التنقل وحماية الطرقات العامة من أي عملية قطع وتوقيف المعتدين على الناس فوراً وتقديمهم للمحاكمة بأقسى التهم ليكونوا عبرة لسواهم ممن يفكر في الاعتداء على الناس.. لكنك يا شيخ سعد للأسف لعبت دور الحاكم الذي يحمي العصابات، ويشل عمل الدولة برمتها لمآربه الخاصة.

سيسألك الناس، ان لم يكن اليوم فغداً،

لماذا سمحت لهؤلاء بالاعتداء على كراماتنا الجماعية ؟ وحميتهم عندما آذونا في الصميم؟ وحاولت استخدامهم في أكثر من محطة، كان آخرها يوم تمت تسمية الدكتور حسان دياب لتشكيل الحكومة؟ ورفضت وضع حد لهم؟ واليوم تتبرأ منهم ومن افعالهم بعدما وصلت الموسى الى ذقنك شخصياً ؟ وبعدما اكتشفت متأخراً ان الرهان على زعران الشوارع وقطاع الطرق كالرهان على الوحوش التي يصعب الاستئثار بقرارها ويسهل استخدامها وتوجيهها منك ومن سواك ؟!

إلى متى يا شيخ سعد ستبقى تظن أن بإمكانك ان تستغبي اللبنانيين ؟ ومتى تتعلم؟