سيكون العالم افضل خلال اسابيع..!
بقلم العميد منذر الأيوبي*
كاشِفآ عن بِدئها تَصريحآ لا تلميحآ امامَ عدساتٍ يَهواّها تؤرشِفُ حضورآ او ترضي غرورآ، شَّأْنُ “كُل مدحٍ عن مَداكَ قاصِر”.. أسمَعَ بما لا يرغب رئيس وزراء دولة الاحتلال قرار فتح الباب الاميركي امام ايران لمحادثات ستُفضي إتفاقآ يُفرمل برنامجها النووي، يضع قيودآ بمقياس “النانو” Nano على تخصيبٍ رامَ به المُرشِدُ يومآ مجدآ بوجه الخطوبِ..
ثم ان كلآ من مبعوثه الى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الايراني عباس عراقجي أبديا وِدآ يُقرأ على هوامش الاجتماعات قد لا يكون مُباشرآ لكنه بالنتائج فاعِل، ما اغاظ وأقلق بنيامين نتنياهو لسقوط الرهان على (فشل) كلمة مفقودة من معجم الرئيس ترامب نهجُ مرونة أتقنها في كل مسألة او صفقة تتراوح بين حدين ادنى واقصى..
سياقآ، لم يعتقد نتنياهو ان محاولاته استمرار تفلُتٍ من القرار الاميركي الاستراتيجي المُهيمن إقليميآ سيكون غالي الثمن، فما حَظيَ به من تصفيق في قاعة الكونغرس اثناء زيارته واشنطن تموز العام الماضي فولكلور أجوف من زُهْلُول (افعى ذات عُرف) ارتكب فظائع الابادة الجماعية لا تُقرَش لدى سيد البيت الابيض؛ يومها اعتبرت رئيسة مجلس النواب السابقة الديمقراطية نانسي بيلوسي خطابه “انه الأسوأ من قبل اي شخصية اجنبية في مبنى الكابيتول”..
من جهة أخرى؛ لم تكُن جولته على دول الخليج العربي نوع جَني محصولٍ مالي بمفعول رجعي فقط، كما لا تَدخُل تصريحاته ضمن مفهوم هنري كيسنجر (الغموض البناء)، إذ يقوم السُلوك “الترامبي” Trumpisme على نسَّق اللا تلون سياسي او صَبغةُ إبهامٍ لأي قرار بعيدآ عن تفاسير متناقضة صنف مناورات تَحوم على تَرويسةُ إتفاق..
بات واضحآ ان الرئيس ترامب يضع اسس الواقع الدولي الجديد المبني على تحقيق استراتيجية السلام بديلآ عن سياسة إدارة الصراعات ذلك إعتمادآ على الأدوات التالية:
-ديبلوماسية الاتصال المباشر او غير المباشر هدف إنجاح المفاوضات، مع تحديد مهل زمنية مبدأية تلافيآ لمخاطر تغير الظروف او المعطيات.
-سياسة الضغوط القصوى المتدرجة على الدولة الخصم، وصولآ الى فرض عقوبات مكثفة في كافة المجالات سيما المالية، الاقتصادية والطاقة الخ..
-حشد القوى العسكرية غاية تهديد او تنفيذ عند الاقتضاء على ما صرح: “سنواصل الترويج للسلام عبر القوة في المنطقة، والبناء على زخْم وقف إطلاق النار لتوسيع اتفاقات السلام”. ما يُذكر بالشعار الرسمي لحاملة الطائرات USS Ronald Reagan العاملة بالطاقة النووية (تحقيق السلام بإستخدام القوة).. ليكون السؤال ضمن الجدلية الدائمة: هل استخدام القوة طريق متزن منطقي لفرض السلام ام الاستسلام..؟
على صعيد متصل اتت زيارة الرئيس الاميركي المملكة العربية السعودية اولآ لتؤكد المجريات والمحادثات دورها المحوري على صعيد الاقليم، سواء من خلال اجتماعه مع قادة دول الخليج في الرياض ام لجهة تكريس تموضعها الجيوسياسي التفاعلي مع قضايا الشرق الاوسط بالتنسيق مع الادارة الاميركية..
يشار في نفس السياق الى اهمية لقاء الرئيس السوري احمد الشرع الرئيس ترامب مع فتح القناة الفيديوية لمشاركة نظيره التركي رجب طيب اردوغان بحضور ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وتلبية طلب الاخير رفع العقوبات وقانون قيصر عن سوريا؛ لِيُطوَب الشرع رئيسآ لسوريا من منطلق العمل على تحقيق ما طُلِبَ:
-حماية الاقليات الدرزية، العلوية، المسيحية وإفساح المجال لمشاركتها الحكم.
-وقف تعيين قيادات اجنبية متطرفة من دول (ستان) Stan Countries في الجيش وطرد المسلحين.
-إنضمام سوريا للاتفاقات الابراهيمية وتطبيع العلاقات مع اسرائيل..
هنا يعود القدر الى دائرته الأولى مُبرمآ لا يتغير لإنعدام ارادة فك ارتباط قيادات مع خارج كما تحمل المسؤولية الوطنية، إذ يبدو ان لا إنقلاب على مبدأ “وحدة المسار والمصير” الذي صبغ العلاقات السورية- اللبنانية طوال عقود بل إستدارة الى وجهة معاكسة لُقِمَت للرئيس الشرع ضمان بقاء اساسها سقوط محور الممانعة..
إنطلاقآ من مفاصل الجولة الخليجية والقضايا العالمية الشائكة المطروحة (حرب الإبادة في غزة- العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا- الملف الايراني- الهجمات الحوثية الخ…) إضافة الى فرض الولايات المتحدة رؤيتها الاستراتيجية على دول العالم أصبح خَطب وِدَها ضرورةً ومكسبآ إن لم يكن درء وصاية او انزلاق إلى مواجهة..! قبيل مغادرته ابو ظبي عائدآ الى واشنطن تعهد الرئيس ترامب أن (العالم سيكون افضل خلال اسابيع قليلة).. مستطردآ سألتقي مع الرئيس فلاديمير بوتين “بمجرد أن نتمكن من ترتيب الأمر”…
ضمن تشاؤل منطقي لتأرجح بين إيجابي وسلبي، استعيد الدور الاستراتيجي للولايات المتحدة بالثقل النوعي على صعيد الشرق الاوسط والإقليم بعد تخلٍ وَسَمَ سياسة الرئيس الاسبق جو بايدن.. كما ثَبُتَ ان الكلمة الفصل للرئيس ترامب متحررة من اللوبي الصهيوني، وتجاهل زيارة تل ابيب اولى اشارات سقوط نتنياهو ونفيه سياسيآ ما يجعل ربما الاقليم مكانآ افضل الى حد ما..!
*عميد متقاعد، مختص في الشؤون الامنية والاستراتيجية
بيروت في 17.05.2025