سقوط القناع واستراتيجية المواجهة..!

 
بقلم ألعَميد منذر ألأيوبي*
 
في عقد إستثنائي إلتأم مجلس وزراء ألداخلية العرب في مقر ألأمانة ألعامة أواخر ألأسبوع ألماضي و على جدول أعماله بند وحيد ألخطة ألآميركية للسلام في ألشرق ألأوسط “صَفقة ألقَرن” ألتي أعلنها ألرئيس دونالد ترامب يوم ألثلاثاء ألماضي من ألبيت ألأبيض و إلى جانبه رئيس وزراء ألعدو بنيامين نتنياهو ؛ حضر ألجلسة ألإفتتاحية ألرئيس ألفلسطيني محمود عباس حيث ألقى كلمة إستغرقت أكثر من ساعة تناول فيها مجمل ألقضية ألفلسطينية و ألمراحل ألتي قطعتها يمكن إيجازها بعبارة واحدة : القدس ليست للبيع و”صفقة القرن” مؤامرة لن تمر ..
حظي ألبيان ألختامي للمؤتمر على ألإجماع و تَضمن ثمانية بنود أكدت على رفض ألصفقة و مركزية ألقَضية ألفلسطينية و ألهوية ألعربية للقدس ألشرقية عاصمة دولة فلسطين ألمحتلة مؤكدآ على حقها بالسيادة على كافة أراضها المحتلة عام 1967 و مجالها الجوى و مياهها الإقليمية إضافةً إلى مواردها الطبيعية و حدودها مع دول الجوار ..
 
على صعيد آخر ، عقد يوم أمس في مقرها مدينة جدة – ألمملكة ألعربية ألسعودية جلسة طارئة لوزراء خارجية دول منظمة ألتعاون ألإسلامي ألتي تضم 58 دولة بغياب إيران و ذلك لبحث تداعيات ألأعلان عن ألخطة ألأميركية .. جاء ألبيان ألختامي غب ألطلب إذ دعا جميع الدول الأعضاء لعدم التفاعل معالصفقة أو التعاون مع الإدارة الأمريكيةفي تنفيذها بأي شكل ؛ كما ورد ما حرفيته : “نرفض الخطة كونها لا تلبي الحد الأدنىمن حقوق وتطلعات الشعب الفلسطينيالمشروعة، وتخالف مرجعيات عمليةالسلام“.. توازيآ ، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، إن المنظمة تدعم إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 و عاصمتها القدس الشرقية ..!
 
مما لا شك فيه أن هذه ألصفقة ألعار ألمجحفة تشكل إنتهاكآ للقانون ألدولي كَما تعتبر إنتكاسة لخيارات و أسس ألسَلام ألعادل و ألشامل و مبادرة بيروت ألعَربية للسلام 2002 ، كذلك تضرب بعرض ألحائط مصداقية قرارات ألأُمَم ألمتحدة ذات ألصلة ألمتعلقة بألنزاع و و وَقف ممارسات ألإحتلال ألدموية بحق ألشعب ألفلسطيني ..!
 
ألسؤال ألذي يطرح ألآن ما هي إستراتيجية ألمُواجَهَة .؟ و هل تكفي بيانات ألشجب و ألإستنكار في ظل زيارات ألتطبيع ألتي يقوم بها نتنياهو و آخرها يوم أمس حيث حطت طائرته في مطار ألعاصمة ألأوغندية كيمبالا للقاء رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان و ذَلِكَ تلبية لدعوة رئيسالجمهورية الأوغندي يوري موسيفينيحَيثُ تم الاتفاق بين نتنياهو والبرهانعلى بدء التعاون المشترك ألَذي سيؤديإلى تطبيع العلاقات بين البلدين وفق ما ورد في بيان ديوان رئيس وزراء ألعدو ..!
 
في مواجهة ألصفقة و ألتهديدات ألمتنامية خيارات كثيرة لكنها تستلزم أولآ و أخيرآ إنجاز ألمصالحة ألداخلية و توحيد ألصف ألفلسطيني و بألتالي ألعَرَبي و تناسي ألخلافات ألمستحكمة ألمتجذرة أو ألمصطنعة :
أولآ – تحذير واضح و جازم للعدو ألإسرائيلي من تنفيذ بنود ألصفقة و تحميله ألمسؤولية ألكاملة عن تداعيات و إنعِكاسات ما يحصل ..! مع ألتأكيد على ألتمسك بألسلام كخيار إستراتيجي للحل ألشامل فأن ألمقاومة بكافة أشكالها ستكون ألخيار ألمتوازي أو ألبديل مع مقاطعة أي حوار فلسطيني مع ألكَيان ألعبري و راعية ألصفقة ألولايات ألمتحدة ألأميركية مما يفرض رؤية جديدة مشتركة للمواجهة على ألمدى ألمتوسط و ألبعيد ..!
ثانيآ – حَشد ألمجتمع ألدولي و ألدول ألمحبة ألمقتنعة و ألملتزمة بألسلام و حَل ألدولتين للتصدي و ألتحرك بغية وقف مفاعيل ألصفقة بِألتَزامُن مع دعوة ألإدارة ألأميركية “مجلس ألنواب – ألكونغرس” للعودة عن ألقرار سواء فيما يتعلق بألصفقة أو ما يتعلق بألقدس و ألإعتراف بها عاصمة ألإحتلال و كذلك قرار ضم مرتفعات ألجولان كجزء من أراضي ألدَولَة ألعبرية ..!
ثالثآ – إلتزام جدي بألمقاطعة ألعربية و وَقف أو رفض عمليات التطبيع مع ألعدو بصورة قطعية ..! إضافةً إلى مواجَهَة ألحصار ألمفروض على قطاع غزة عبر تقديم ألدَعم ألمَالي
و ألمادي مع تفعيل عمل منظمة ألإنروا UNRWA غوث أللاجئين ..! إستطرادآ رفض توطين أللاجئين ألفلسطينيين في ألدول ألمضيفة بكافة أشكاله ألمعلنة أو ألمقنعة..!
رابعآ – ألتوجه شرقآ نحو ألإتحاد ألروسي كخيار إستراتيجي بديل بإعتباره وسيطآ نزيهآ و حليفآ قادرآ يؤمن توازنآ لا بد منه بوجه ألإنحياز ألأميركي للكيان ألغاصب ..!
خامسآ – مواجهة أساليب ألدعاية و ألتضليل ألإعلامي ألذي ينتهجه ألعدو إضافَةً إلى إختراقه وسائِل ألتَواصُل ألإجتماعي لتبرير عدوانه و ممارساته ألعدائية بحق ألشعب ألفلسطيني ..!
سادسآ – إعتماد كافَة ألوسائل ألمشروعة و كل ما من شأنه تحقيق دولة فلسطين ذات ألسيادة ..!
 
من جهة أخرى ، رُغمَ عصر ألإنحطاط ألذي تمر به ألأُمَة ، لا يزال ألإنسان ألعربي يحلم بقيادة شجاعة عابرة للحدود تعمل على توحيد و تطوير ألمقدرات ألعسكرية للجيوش ألعربية و تنسيق رؤيتها و قراراتها ألدفاعية و ألأمنية ضمن إستراتيجية عسكرية للمواجهة في سبيل إستثمارها سواء على صعيد خيار ألتحرير أو على مستوى فرض خيار ألسلام ألعادل و ألشامل ..!
 
في سياق متصل ، شكلت ثورات ألربيع ألعربي و ألحروب ألأهلية أو ألداخلية إنهيارآ لمنظومة ألدفاع ألعربي ألمُشترك فأستدارت ألبندقية عن ألعدو ألأساسي نَحو ألداخِل ألمهتريء كَما أن ألقوى ألعسكرية ألعربية دخلت في حرب إستنزاف و مواجَهة محمومة مع إرهاب صبغ بلون ألإسلام ألحنيف ممنهج متمكن و متنقل ..!
 
إضافة لكل ما تقدم و إزاء كل ما يحصل ؛ رُغمَ تضاؤل فرص ألحل ألسلمي ألمنشود ستبقى ألقضية ألفلسطينية قضية ألعرب ألأولى ألمركزية ؛ و سُقوط ألقناع عما يطرح في محاولة هضمها يعني أن ألمقاومة ألمسلحة ستبقى حاجة قومية و وطنية إستراتيجية مناهضة للإحباط ، إذ ستتوارث ألأجيال إستمرارية مقاومة ألإحتلال و ستتكيف مع متغيرات ألأساليب ألإستعمارية و تنوعها فهي قادرة على أن تؤهل نفسها بنفسها .. هذه حتمية ألتاريخ مع ثبات ألعقيدة لذا على ألجميع إستيعاب هذا ألأمر خاصة ألمراهنين على إستسلام سراب ، إذ لا سلام مفروض و منحاز مع ألكَيان ألمغتصب و لو بَعدَ ألف عام ..!
 
بيروت في 03.02.2020
*عميد كاتِب و باحث .