زيارة ماكرون إلى السعودية تثير عاصفة انتقادات حقوقية غربية

سلطت وسائل إعلام غربية الضوء على ما تعرض له الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون من انتقادات شديدة في أوروبا على خلفية زيارته إلى المملكة العربية السعودية، حيث اتُهِمَ بالسعي لكسر العزلة الدولية المفروضة على ولولي العهد، السعودي محمد بن سلمان، منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وكان ماكرون وصل إلى السعودية في ختام جولة خليجية له استغرقت يومين وشملت قطر والإمارات والتقى ببن سلمان في مدينة جدة، ليكون الرئيس الفرنسي أول القادة الغربيين الذين التقوا الأمير محمد بن سلمان في السعودية منذ جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018 في قنصلية بلاده بإسطنبول.

ووفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية فإن زعماء الدول الغربية تجنبوا على مدى ثلاثة أعوام، اللقاء المباشر بولي العهد السعودي، بمن فيهم الرئيس الأميركي، جو بايدن الذي كانت إدارته قد أعلنت أنها ستحصر تواصلها مع الرياض عبر الملك سلمان بن عبد العزيز.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها بهذا الشأن، أن زيارة ماكرون علامة فارقة لولي العهد، وأنها ستصب في محاولات مساعدته في إصلاح الأضرار التي لحقت بمكانته الدولية منذ اتهامه بقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.

ونقلت قناة “الحرة” الاميركية عن مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا، أيهم كامل، قوله أن جزءا من أهداف زيارة ماكرون لجدة هو المساعدة في إعادة تأهيل ولي العهد دوليا.

فيما أكد الباحث في مركز جنيف للدراسات الدولية، ناصر زهير للقناة، أن زيارة ماكرون ستشجع العديد من الزعماء والقادة الأوروبيين على عقد لقاءات مباشرة مع ولي العهد السعودي خلال الفترة القادمة.

وأضاف زهير أن العلاقات الدولية والمصالح لا تقف عند مثل هذه القضايا.

وقال ماكرون، الجمعة، إن من الضروري الحوار مع السعودية “الدولة الخليجية الأولى من حيث الحجم” للتمكن من “العمل على استقرار المنطقة”.

لكنه أضاف أن هذا “لا يعني أننا راضون”، في إشارة إلى قضية مقتل خاشقجي. وتابع ماكرون “أشير إلى أن السعودية نظمت قمة مجموعة العشرين في العام التالي (لمقتل خاشقجي) ولم ألاحظ أن العديد من القوى قاطعت مجموعة العشرين”.

وأكد الرئيس الفرنسي قوله: “كنا دائما واضحين في موضوع حقوق الإنسان أو هذه القضية”.

كذلك أكد الباحث في مشروع بروكينغز الاستخباراتي، بروس ريدل، خلال حديث مع الغارديان، على أن اللقاء بين الرجلين سوف يعطي موافقة فرنسية لمحمد بن سلمان تجاه سياسته “وحربه في اليمن”.

وشدد ريدل أن هذه الزيارة تزيل آخر مظهر من مظاهر الرفض الغربي للسلوك السعودي في اليمن.

في غضون ذلك ، رأى المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأوروبية، محمد كلشي، في حديث لقناة الحرة أن “العالم تجاوز قضية خاشقجي في علاقاته مع المملكة، مشيرا إلى أن القضية رغم أهميتها أصبحت تحتل المرتبة الثانية مقارنة بالقضايا الدولية الأخرى التي طرحت نفسها على الساحة الدولية.

وأكد المستشار السابق بوزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي، في حديث للقناة أن ولي العهد خلال الشهور الماضية أجرى اتصالات عديدة مع عدد من قادة العالم، مؤكدا أن ما كان يمنع سفره هو تفشي وباء كورونا، وقال أن المملكة استضافت خلال الشهور الماضية العديد من المؤتمرات والقمم الدولية التي حضرها قادة العالم، مؤكدا أنه مع كل زيارة أوروبية للملكة تُثار قضايا حقوق الإنسان في محاولة لإفشال الزيارة.

 

وانتقدت جماعات حقوقية زيارة ماكرون. وقالت أغنيس كالامارد، وهي مواطنة فرنسية تشغل منصب الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، في اعتراض على اللقاء بين الزعيمين: “مهما كانت المصلحة الاستراتيجية لفرنسا في المملكة العربية السعودية، فلا شيء يمكن أن يبرر إعطاء الشرعية حاكم يقتل الصحفيين ويهدد النشطاء ويسجن المدافعات عن حقوق الإنسان”.

وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش، مبيعات الأسلحة الفرنسية، للمنطقة، وقالت إن على ماكرون التحدث علنا عن انتهاكات حقوق الإنسان خلال زيارته لبعض دول الخليج العربية.

وأكد الباحث في مركز جينف أن الغرض الرئيسي من هذه الزيارة هو أن تطرح فرنسا نفسها كلاعب يمكن الاعتماد عليه في الشرق الأوسط من خلال العلاقات الاقتصادية والدفاعية، وعقد صفقات الأسلحة، وخاصة مع “توجه الولايات المتحدة لتخفيض تواجدها من الشرق الأوسط”.