دراسة ومقارنة عن مجالس القيادة في القوى المسلحة

العميد المتقاعد أنور يحيى*

حددت المادة الأولى من قانون الدفاع الوطني (المرسوم الأشتراعي رقم 102 تاريخ 16 أيلول 1983) القوى المسلحة اللبنانية كما يلي:”الجيش، قوى الأمن الداخلي،الأمن العام وبوجه عام سائر العاملين في الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات الذين يحملون السلاح بحكم وظيفتهم.

ظهرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لأول مرة  مع ترتيبات الرئيس فؤاد شهاب الإدارية والأمنية والعسكرية وغيرها بنتيجة تقرير الأب لوبريه 1959، وطغى عليها إعتماد الجدارة والإستقامة،فكان قانون الجيش والمرسوم الأشتراعي رقم 138/59 (تنظيم قوى الأمن الداخلي)،والمرسوم الأشتراعي رقم 139(تنظيم الأمن العام)وعُين الزعيم الأول نور الدين الرفاعي أول مديرا عاما للأمن الداخلي التي ضمت وحدات : الدرك، الشرطة القضائية، و شرطة بيروت والمعهد إضافة الى مفتشية عامة.،

كانت قوى الأمن الداخلي قبل ذلك تتشكل من:المفتشية العامة للأمن الداخلي إضافة ألى:مديرية الشرطة وتتولى مسؤليات الأمن في العاصمة والمدن بإدارة مدير مدني ولا يوجد مجلس قيادة فيها،و فيلق الدرك الذي كان لديه مجلسا قيادة:أحدهما إداري مالي وأخر عملاني،كلاهما برئاسة قائد الدرك وبمهام عديدة.

I. مجلس قيادة الأمن الداخلي ما بين 1959-1990

حددّ المرسوم الأشتراعي رقم 138/59،ولاحقا المرسوم الإشتراعي رقم 54/67 (تنظيم قوى الأمن الداخلي) تشكيل ومهام مجلس القيادة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والذي يرتبط بوزير الداخلية، على النحو الأتي:

– المدير العام لقوى الأمن الداخلي     رئيسا  

والأعضاء:

– المفتش العام

– قائد الوحدة المعنية أو قائد وحدة يعينه وزير الداخلية لمدة لا تزيد عن السنتين،للأمور التي تُعني أكثر من وحدة

ضابطان قائدان من الجيش ينتدبهما وزير الدفاع بناء لأقتراح قائد الجيش ويعينهما وزير الداخلية لمدة لا تزيد عن السنتين.أي خمسة أعضاء يشكلون المجلس.

تُتخذ القرارات بالأكثرية على أن لا تقل هذه الأكثرية عن أربعة أصوات..وإذا لم تحصل الأكثرية رُفع الأمر إلى مجلس الوزراء بإقتراح وزير الداخلية للبت بالقرار بأكثرية 3/5.

في مطلع عهد الرئيس أمين الجميل(1982-1988) صدر المرسوم الأشتراعي رقم 103 تاريخ 16 أيلول 1983،تنظيم قوى الأمن الداخلي،وشُكِل مجلس القيادة من خمسة أعضاء على النحو الأتي:

المدير العام:رئيسا.إضافة الى الأعضاء :رئيس الأركان-المفتش العام إثنين من قادة الشرطة يُعينان في أواخر كل عام عن العام الذي يلي بقرار من وزير الداخلية بناء لأقتراح المدير العام.

تُتخذ القرارات بالأجماع أو بأكثرية الأصوات وتُرفع الى تصديق وزير الداخلية وفقا للأصول.

لم يلحظ مشاركة ضباط من الجيش بعضوية المجلس.

لكن هذا التنظيم الجديد اُلغي بموجب المرسوم الأشتراعي رقم 26/1985 وعاد العمل بالمرسوم الأشتراعي رقم 54/1967 .
II. مجلس القيادة الحالي إعتبارا من 1991

بعد صدور القانون رقم 17 تاريخ 6 أيلول  1990(تنظيم قوى الأمن الداخلي) إرتفع عديد وحدات قوى الأمن الداخلي إلى تسع إضافة إلى المفتش العام لقوى الأمن الداخلي ،أضحى مجلس القيادة الجديد يضم كل من:

-المدير العام (رئيسا)

أما الأعضاء:

-المفتش العام –قادة وحدات:الدرك الأقليمي،الشرطة القضائية،شرطة بيروت،جهاز أمن السفارات،المعهد،القوى السيارة

ورؤساء وحدات:هيئة الأركان،الخدمات الإجتماعية والإدارة المركزية،

كما أصبح عديد مجلس القيادة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إحدى عشر عضوا ويرتبط بوزير الداخلية. (المادة 18) كما يحق للمجلس إستدعاء من يراه مناسبا لحضور جلساته التي تتسم بطابع السرية،ويقوم رئيس شعبة العديد بمهام أمانة السر لدى المجلس.

من أبرز مهام المجلس:

إقتراح إنشاء القطعات وتحديد تسمياتها،تعيين الدركيين والرتباء المتمرنين،الموافقة على تسريح الأفراد والرتباء لأسباب قاهرة،إختيار المقبولين من الرتباء المرشحين لرتبة ملازم،تعيين مراكز نقل الضباط غير المفتش العام وقادة الوحدات،وضع أنظمة التطوع،وضع أنظمة مباريات وأمتحانات الكفاءة وغيرها.

يتخذ مجلس القيادة قرارته بالأجماع  أو أكثرية ثمانية أصوات (من أصل 11 عضو)على الأقل.وينبغي على من يخالف رأي الأكثرية أن يُعلل موقفه في المحضر.أي بأكثرية 72،7%؟

بعض القرارات المتخذة بأجماع أو أكثرية ثمانية أصوات تُرسل للوزير للإطلاع ويعود اليه إما تصديقها خلال مهلة أسبوع أو عدم ردها فتصبح نافذة على الفور،ويحق له إعادتها الى المجلس بمهلة إسبوع لإعادة الدرس فإذا أصر المجلس بالأكثرية أو الإجماع،فعلى الوزير إما تصديقها أو رفعها الى مجلس الوزراء ليتخذ القرار النهائي بشأنها. لماذا مدير عام قوى الأمن الداخلي بحاجة إلى أكثرية استثنائية من أصوات المجلس لتسهيل إدارة المرفق الأمني وهذا يختلف عما في باقي الأجهزة العسكرية والأمنية؟؟؟

III. المجلس العسكري في الجيش اللبناني

يتألف المجلس العسكري في الجيش اللبناني من:

1-قائد الجيش:رئيسا (ماروني) ،2-رئيس الأركان(درزي):نائبا للرئيس

3-أعضاء:

المدير العام للإدارة (شيعي)،4-المفتش العام(أرثوذكسي)،5-أمين عام المجلس الأعلى للدفاع(سني)،6- ضابط عام يُعين بمرسوم في مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزير الدفاع بعد إستطلاع رأي قائد الجيش(كاثوليكي).

يضم الجيش اللبناني عشرات الأف المتطوعين الجنود ويُشكل مجلسه العسكري من ستة أعضاء فقط يمثلون الطوائف اللبنانية الرئيسية وهؤلاء الأعضاء موظفون فئة أولى ويعينون بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء ويشكل المسلمون نصف عديد المجلس الذي يرتبط بوزير الدفاع الوطني.تصدر قرارات المجلس العسكري بالأكثرية وعند تعادل الأصوات يكون صوت الرئيس مُرجحا، يتولى رئيس الأركان رئاسة المجلس في حال غياب الرئيس وتتسم مناقشاته بالسرية التامة ومن أبرز مهام المجلس:تنظيم جميع المؤسسات الرئيسية التابعة لوزارة الدفاع،تشكيلات قادة المناطق والفرق والألوية وقادة قوى الجو والبحر والمعاهد العسكرية وتصدر التشكيلات بموافقة المجلس،بقرار وزير الدفاع.وغيرها من المهام.(المرسوم الأشتراعي رقم 102/1983 وتعديلاته)

IV. مجلس القيادة في الأمن العام

المديرية العامة للأمن العام ترتبط بوزير الداخلية ويُشكل مجلس القيادة فيها من خمسة أعضاء:

المدير العام    رئيسا

أربعة أعضاء من الضباط العامين أو القادة،يُعينهم وزير الداخلية لمدة سنتين بناء لإقتراح المدير العام للأمن العام(إضافة إلى عضوين إحتياطيين لتأمين تشكيل هيئة المجلس عند غياب البعض).

      تُتخذ قرارات المجلس بالأجماع أو بالأكثرية ثلاثة أصوات على الأقل. ويُصدق وزير الداخلية على هذه القرارت وفقا للأصول.(المرسوم الأشتراعي رقم 139/59 وكافة تعديلاته)

من أبرز مهام المجلس :إقتراح تحديد الملاك العام،وضع أنظمة التطوع،الموافقة على تعيين المأمورين والرقباء المتمرنين،الموافقة على الترقيات الأستثنائية وغيرها.

V. مجلس قيادة جهاز أمن الدولة

يُشكل مجلس القيادة في المديرية العامة لأمن الدولة من عضوين:

المدير العام (رئيسا) ونائبه المُعين بمرسوم مُتخذ في مجلس الوزراء،وتصدر قرارات المجلس بالتوافق بين الأثنين،وعند الخلاف يُرفع الأمر إلى المجلس الأعلى للدفاع للبت بها .

الخلاصة

بنتيجة مشاركتنا في جلسات مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي بصفة:مدير عام بالوكالة وقائد لوحدة الشرطة القضائية(2005-2010) ، ورغم أن جلسات المجلس تبقى سرية،فغالبا ما كان المجلس يفشل بأتخاذ قرارات ضرورية لتسيير أعمال المرفق العام، بسبب عدم حصول القرارات على الأكثرية المطلوبة بوجود منازعات سياسية بين القوى النافذة المُوثِرة على بعض الأعضاء، ،مما أنعكس سلبا على قضايا :التطويع،تشكيلات الضباط،إقتراح إستحداث قطعات جديدة،وضع مشاريع جداول العديد والعتاد العامة،وغيرها .

أن تقييد حصول  مدير عام قوى الأمن الداخلي بأكثرية 72،7% من أصوات المجلس لإصدار القرار لا يتناسب مع الأكثرية المطلوبة في المجلس العسكري في الجيش اللبناني (4/6) ،بحيث أن صوت العماد، رئيس المجلس ،إضافة الى عضوين فقط من أصل ستة،يجعل القرار نافذا مع حفظ الصلاحيات المُناطة بوزير الدفاع الوطني وفقا لأحكام المواد 26-27-28 من قانون الدفاع الوطني(102/83).

بما أنه قبل صدور التنظيم الحالي ،شُكِل مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي من خمسة أعضاء فقط مما سَهّل عمل المجلس المناط به 25 مهمة عددتها المادة 20 وكلها في غاية الأهمية.

تسهيلا لإتخاذ القرارت المناسبة في مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي،

وبما أن القوانين لخدمة مصالح الناس وتسيير المرفق العام.

أقترح:

-إما تعديل المادة 21 من القانون رقم 17/90 لتصبح الأكثرية المطلوبة لأخذ القرار في مجلس القيادة سبعة أصوات على الأقل

أو تشكيل مجلس القيادة من ستة أعضاء  إسوة بالجيش اللبناني ويضم:

المدير العام (رئيسا)،

المفتش العام لقوى الأمن الداخلي (عضوا)

إضافة إلى أربعة من قادة ورؤساء الوحدات ،أعضاء، يُعينون بقرار وزير الداخلية سنويا بناء لإقتراح المدير العام (إسوة بالأمن العام)وتتمثل فيه الطوائف  وتكون الأكثرية لأخذ القرارات أربعةفقط.إسوة بمجلس قيادة الجيش اللبناني لتسهيل إدارة المرفق الأمني العام في الجمهورية اللبنانية.

——————————

*قائد سابق للشرطة القضائية.

*ماجستير في القانون العام.