دانفورد – غيراسيموف

 

بِقَلَم ألْعَميد مُنْذِر ألأيوبي*

 

كانت فيينا مَكان أللِقاء ألهام ألذي عُقِد أوائل ألأسبوع بين رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية ألجنرال “فاليري غيراسيموف” ونظيره الأميركي ألجنرال “جوزيف دانفورد”، أما أهداف أللِقاء فكثيرة متشعبة بِقَدرِ مشاكِل ألكَوكَب ..
لا شك أن ألوضع في سوريا أخَذَ حَيزآ هامآ من ألمباحثات، حيث جرت مراجعة للمرحلة ألسابقة، ومن ثم تقييم شامل للوضع ألميداني حاضرآ بعد ألوصول إلى ألمرحلة ألأخيرة من ألقضاء على تنظيم ألدولة ألإسلامية “داعش” وألتنظيمات ألإرهابية ألأخرى ألرديفَة ،، تَبِعَ ذلك تحضير و إستشراف ألوضع ألمُستَقبَلي خاصة فيما يتعلق بألأكراد ، ألمنطقة ألآمنة ، إدلب و إستكمال ترتيبات إنسحاب ألقوات ألأميركية ألنهائي من شرق و شمال شرق سوريا ، بِألإضافة إلى تفادي حصول تصادم و ضبط أداء أللاعبين ألإقليميين على ألمسرح ألسوري كل وفق ألخطوط وألمساحة ألجغرافية ألمسموح له بها بإنتظار ألحسم ألنهائي بما يتناسب و إستراتيجية كلا ألبَلَدين و بألتالي وفقآ لمنظور ألقائدين ألعسكريين …

“ليس من باب ألمصادفة” أن يكون لِقاء “فيينا” مُتزامنآ مع زيارة رئيس وزراء ألعَدو بنيامين نتنياهو موسكو و من ألبديهي أن يكون موضوع ألمباحثات مع ألرئيس ألروسي بوتين على ما يَعتَبَر نتنياهو وفق تصريحه عنوان وحيد “إن إيران و حلفاءها هما أكبر تهديد للشرق الأوسط” أما ألنتيجة فقد أوردتها قناة “مكان” الإسرائيلية ألتي جاء فيها “أن ألرئيسان ناقشا موضوع خروج القوات الإيرانية التي تمركزت في سوريا بعد بدء الحرب الأهلية فيها”..

بألعودة إلى تفاصيل لقاء فيينا فَ بَعد جلسة صباحية على فنجان ألقهوة ترافقه حلوى Mohnnudeln ألنمساوية ،، فُتِحَت ألمَلفات ،، بِدايَةً جرى بحث حركة ألقطع ألبحرية ألحربية ألأميركية في ألبحر ألأسود و بحر ألبلطيق و فرضيات تفادي ألحوادث مع ألبحرية ألروسية ، إضافَةً إلى وجوب إلتزام بنود اتفاقية “مونترو” Montreux لعام 1936 ألتي تنص على ألتالي: “يسمح للدول ألواقعة خارج حوض ألبحر ألأسود بإبقاء قواربها في المياه الإقليمية للبحر ألمذكور لمدة لا تتجاوز 21 يومآ”..

في موضوع ألمسألة ألفنزويلية،، كان إتفاق ألحَد ألأدنى حتى ألآن هو عدم ألإنزلاق نحو ألتدخل ألعسكري – و ترك ألحِراك ألفنزويلي يأخذ مداه .. ألأمر ألذي يعني “أللَعِب في ألظلام” بألمفهوم ألإستخباراتي ..!

من ناحيةٍ أخرى ،، أخذت مسألة الدفاع الصاروخي و إنسحاب ألولايات ألمتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى ألموقعة عام 1987 Intermediate-Range Nuclear Forces Treaty حَيزَآ هامَآ من ألنقاش ، إذ بات واضحآ أن تملص واشنطن من ألإتفاق ليس “حسب زعمها” لِإنتهاك موسكو بنود ألمعاهدة و إنما بسبب إقدام ألصين على تطوير قدراتها ألصاروخية و هي غير موقعة على ألمعاهدة و ليست أحد أطرافها أصلآ، ألأمر ألذي تَعتبره واشنطن تهديدآ إستراتيجيآ لقواتها في المحيط الهادئ و جنوب شرق آسيا ..

في نفس ألسياق و رغم ألتعليق ألمتبادل لِمعاهدة IRNF يُعَوِل ألجنرال ألروسي “غيراسيموف” على عدم ألتصعيد من جانب حِلف أل NATO إذ أن موسكو تغتبر نشر صواريخ جديدة في أوروبا تهديدآ ستواجهه بنشر منظومتها ألصاروخية ألباليستية ألفوق صوتية Tsirkon والبحرية Kalibr بطريقة تغطي أوروبا بأكملها .

إستِكمالآ ، ناقش ألقائدان ضرورة إبقاء قناة ألتَواصُل “نَشِطَة” و رفع مستوى التنسيق ألمنتظم بين ألقيادتين ألعملانيتين لتلافي أي خطأ في ألحسابات بين العسكريين الروس و الأميركيين ،، خاصةً خلال عمليات القوات المسلحة الأميركية
أو الروسية في مناطق ألنزاع بما يضمن الاستقرار الاستراتيجي و ألأمن ألإقليمي …”

في موضوع أوكرانيا ،، إعتبر ألجانب ألروسي ما
ورد على لسان المبعوث الخاص لوزارة الخارجية ألأميركية إلى أوكرانيا “كورت فولكر” Kurt Volker : “إن الولايات المتحدة ستنظر في زيادة وجودها في البحر الأسود و ستقوم بتسليم أسلحة فتاكة إلى كييف” أمرَآ خطيرآ يمثل تهديدآ مباشرآ سيدفع موسكو إلى تركيز أسلحة هجومية مُدَمِرَة ،، و هذا ألأمر عَبَرَ عنه في حينه رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي ألجنرال فلاديمير شامانوف Vladimir Shamanov أن : “روسيا ستعارض الوجود الأميركي في البحر الأسود بكل ألوسائل ألمتاحة”..!
على صَعيدٍ ألإقليم فقد أبلغ “غيراسيموف” نظيره “دانفورد” تفاصيل قمة سوتشي ألثلاثية (بوتين-أردوغان-روحاني) و ألتزامهم ألتوصل إلى ألتسوية ألسياسية ألموضوعة على نار حامية ..!

أعتُبِرَ ألهجوم ألإرهابي ألدموي ألذي نفذته ما يسمى مجموعة “جيش محمد” و إستهدف ألقوات ألهندية في إقليم كَشمير مَدعاة قَلَق،، و حافزآ لِكِلا ألطَرَفَين ألهندي و ألباكستاني لِلتهدئة و ألتعاون لضرب ألجماعات ألإرهابية ألمتواجدة في ألأراضي ألباكستانية ،، كذلك ضرورة إلتزام قواتهما خط ألهدنة ألمتفق عليه ..

في ألمُحَصِلَّة ،، جاء لقاء رئيسي أركان ألقوات ألأميركية و ألروسية و طواقمهما إيجابيآ ،،! و مما
لا شك فيه أن نتائجه ستنعكس خفضآ للتصعيد
و ألتوتر على ميادين ألصراع ألمتعددة في ألعَالَم بإنتظار ألتسويات ألسياسية ،، لا فَرق سواءً أتَت “بألمفرق أوِ بِألمقايضة” !! لكن ألمُفَضَل تَرغيبَآ لا تَرهيبَآ …!

*عميد،كاتِب وَ باحِث في ألشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية .