الهم الابرز للحكومة الجديدة استعادة الثقة

 

 

 

بقلم العميد مُنذِر الايوبي*

لا تزال بَكرَة تأليف الحكومة العتيدة المثبتة حلقتها على مشبك قصر بعبدا بالتزامن مع استخدام مسطرة قياس المسافة التي يتحرك بها الثقل والجهد تدور على محورها في قبضة ذراع التدوير “الرئيس المكلف” بالاتجاه المناسب زمنيآ على الاقل، رغم ضرورة تسريع حركة العقارب نحو الساعة الصفر لولادتها.. انها عملية تراكمية فيزيائية نشطة ومعادلة رياضية كما وصفها الرئيس ميقاتي تتطلب عاملآ مشتركآ Facteur commun، مع استشراف او توقع ان الاجتماع الثاني عشر قد يكون نهاية مرحلة تفكيك العقد من حبل النجاة المثلث الجدائل “بعبدا- عين التينة- القصر الحكومي”، مع رهان منع انقطاعه، درء سقوطٍ على ارض مسننة نتاجها الحتمي تشظي تكاوين الوطن والشعب والمؤسسات الى الف قطعة وقطعة. ما يجعل الجمع ان وُجِد القرار يومآ ما سواءً محليآ ام عربيآ او دوليآ معضلة تحتاج عقودآ ..!

 

تاليآ؛ وعلى فرض التشظي – لا سمح الله – فإن “المقاطعجية” الحاليين غير مؤهلين لإنجاز عملية التلحيم لاحقآ، اذ سبق وجُرِبوا فكان الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت ..! مما يستوجب اللجوء الى اختصاصيين فرنسيين او اقليميين لإنجاز عملية “تلحيم انصهاري” Welding Fusion وليس على البارد المعتاد من نوع المواد اللاصقة المصنعة محليآ كَ “راتنجات الايبوكسي” Resin Epoxy القابل للتفكك عند الشَّد..!
من جهة اخرى؛ شارفت بواكير التأليف على الظهور بعد اعلان الرئيس المكلف من منصة قصر بعبدا تبقي بضعة امتار قليلة لانهاء السباق، ما يعني في التجربة الواقعية تلافي الاحتكاك او التغلب عليه منعآ لانقطاع الحبل او انخلاع البكرة عن مشبكها..!
أعيا اهل البلد تعب المناكفات ومارغ التراب الانوف، اما لهب الحرائق فلا تكاد تخمد واحدة على جمر تحت الرماد حتى تندلع أخرى.. دوس شعب بمداس الدولار الكفيل بسحق كل مقومات الحياة المواطنية الطبيعية من ماء وغذاء ودواء، ملأ الفساد السماء فأغبرت؛ اما الولاء الصافي والصادق للوطن فحدث ولا حرج، لم يهل هلاله بعد مئة عام على نشوء الكيان، اذ بقي في إثم المذاهب والزعامات كما الدول والسفارات..
في سياق متصل، ستواجه الحكومة العتيدة تآلب البعض عليها سرآ وعلنآ في نزق قضم سلطة او تحاصص؛ وعلى وقع غضب دولي مانع او محذر من تأجيل تنتظر صناديق الانتخابات النيابية ملء عين الزمن على رصيف الشاطيء الشرقي للمتوسط اوراق معجزة الظهور لطبقة سياسية جديدة على خشية غلبة من ما بدلوا تبديلا..!

تزامنآ؛ في خشية من انخساف الارض المقدسة لا يزال عامود الخيمة المتمثل بالجيش الوطني صامدآ بوجه زلزال منتجه خلق فوالق جيولوجية تقسم الوطن فدراليات طائفية يروج لها جهارآ تحت ستار اللامركزية الادارية؛ الامر الذي يفرض القفز فوق الامتار القليلة المتبقية لسلوك درب النجاة ..!

في ازدحام القضايا المتوجبة الحل ما بعد الولادة؛ فالحاجة الى وضع الوطن في الحاضنة Couveuse امر ضروري لصون الحياة، لا طموحات فوق العادة بل جدولة الضدِ او اللقاحات “الفريش” لمنع التهاوي مع بيان وزاري من عبارة واحدة “انقاذ لبنان”.. لا حاجة لترف الفلسفة السياسية من نوع الولوج الى عمق مواضيع الحرية، والعدالة، والمِلكية، والحقوق، او تطبيق الدستور و القوانين.. فهي في نوعها اللبناني واطارها المحلي الاوسع تخصص على اختصاص دراسات تطبيقية لتصنيفات من نوع تطنيش عن فساد، بيع شهادات جنسية بارت، تمييز لا تميز في ثقافة ودين، تعدد ولاء معتاد، فروق في الجنس والعرق، الخ.. اما الثروة المكنزة المكتنزة اسرار جناها ففي يد قلة مصطفاة من غير الله سبحانه..!

خِتامَآ؛ على امل انتهاء مرحلة المخاض السياسي سريعآ واستخلاص الحكومة المرتجاة من رحم الازمة، الامل كل الامل بأداء مستقبلي ملتزم يكفكف دموع الناس وينقذهم من ذل وفاقة ويأس وبؤس… الامل بالاصلاحات المالية والاقتصادية بالتوازي مع التدقيق الجنائي واستعادة الاموال المستلبة من المواطنين عنوة مع لجم التفلت المصرفي المرتَكَب من نوع جرم جنائي لإغتصاب غير جسدي متمادٍ في الزمان والمكان والتكرار.!
منذ عام 1920 قام الاوائل ببناء فكرة الوطن الرسالة، وان الديمقراطية افضل طريقة لجمع المكونات وعدم تهميش احداها او بعضها، لكن الاواخر المعاصرين فتكوا بها اذ باتت توافقية مذهبية.. الهم الاهم اليوم المتوجب على الحكومة الوليدة استعادة الثقة والمصداقية، ثقة الناس على المستوى الداخلي بديمومة الوطن وقدرة مسؤوليه على الانقاذ، وثقة خارجية تسمح للدول الصديقة والشقيقة بمد يد العون للوطن المنكوب..!

  • بيروت في 18.08.2021