الملهاة الالهية..!

بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*

ماذا يَكتُب من صَادَقَ الورق واغوته الاقلام، أيدخل في المقال من باب الملامة ام يصف الالم.؟ ولمن ان كتب او نطق.؟ فالقصور خوت ليس من يقرأ ولا من يسمع، اما ترداد الصدى ففي صمت استوطن الجدران المتآكلة واستكان ..!

في قراءة متجددة للواقعية السياسية المحلية على خلفية يوم الاضراب العميم والحراك النقابي العظيم المقولب حزبيآ أمس الخميس، كان الادراك الفطري المطلبي او النقابي الغريزي الخمول أصلاً يسقط الضمير الغائب عن الارث السياسي الاستنسالي Reproductive، لكنه اثبت المفارقة الفاقعة في فهم مؤكد لشبهة وشكوكية التحالف..!

بدا الشارع الآسن رائحةً، متخمآ بانواع “السرعوف” Mantis Insect الذي نما على مدى تمانية اشهر توالت مضضآ منذ التكليف لاستيلاد التشكيلة الهجينة، تكون نتاج تزاوج سلالتين متضادتي الالوان على استحالة المزج الكيميائي الشخصاني التوليف بين برتقالي وازرق.
حالة من تجاذب مع انعدام الجاذبية وتكاذب يصفر الصدقية لا زالت مشتعلة على احتدام تحت موقد لهيبه من “سخام اسود” Black Soot. وقفت خلالها دول العالم مستنكرة مدهوشة امام ما يحصل؛
الا قلةً سبق وأخضعت الطبقة السياسية للمعالجة الحرارية في مختبراتها، فارضة على اعتياد مؤدِب مخطط الاتزان Balance Chart سواءً في النوع “حكومة الوفاق، او التوافق، الانقاذ او الاصلاح، الخ..” ام الكم من سلسلة اعداد “لوغاريتمية” Logarithm “18-24-32 الخ..”، جبرية عند نقطة التحول الواجبة لتحويل “الجداء” Product الى مجموع، في التوقيت المناسب ووفقآ للحالة الاقليمية التفاعلية Reactivity ..!

تاليآ، دون الغوص في تحليلات المواقف السياسية والاجتهادات، سواء منها ذات نكهة الاعراف او تلك الحاملة تفسيرات لمواد دستورية جليلة، في محتواها صلاحيات لهذا او حرم وتحريم لذاك، باتت في مجموعها ممجوجة “لم تعد تسمن ولا تغني من جوع”، بعد ان سقطت كل المباديء واسقطت كل المبادرات كما تلاشت معظم المسؤوليات او انعدمت.. فكان التشخيص التفريقي Differential Diagnosis للاضطرابات وبالتالي العلاجات مرتبطآ بالنقص المعرفي الارادي لحجم الخطر المحدق بالكيان. لقد ترك اهل البلد يقلعون شوكهم بايديهم. في حين اتخمت المصارف الاوروبية بتحويلات الاموال نتاج سطو لا مقنع فاجر على اموال الناس وجنى اعمارهم..!

في الانسلاخ العقلي؛ Mental Alienation تحولت احزاب الى موقع المعارضة ضد ذاتها، حالة من تشوه الذات الغير سوية اصلآ، فانقلبت على نفسها، مثبتة بعد 17 تشرين 2019 تبددآ وانفصامآ اصاب عمق شخصيتها التاريخية؛ في غربة عن جمهورها متلازمة مع نوبات قلق خشية انفصال وانعدام قدرة على التحكم.!

توازيآ؛ خلف منصة وعلى شعور بالتشوش الذهني Mental Confusion المضني نتيجة فقدان القدرة على تقدير المسافات والاحجام وبالتالي الاهتداء والتوجه؛ تَظَهر خلل مفاجيء في وظائف الادمغة؛فكانت الكلمات من نوع الصادمة الصعبة التكيف، تصف حراك الكادحين والناس المكربين المتألمين انها نقطة جمع على افتخار للمكونات الحزبية الطائفية، كأن الجمع مستحيل بينهم وهم ذاتهم في لبهم ومن لدنهم من اجتمعوا وتآمروا على ذبح الشعب حيآ في رزقه وماله، ثم تواطئوا على تدمير وطن، وخراب مستقبل اجيال..!

تزامنآ؛ من منطلق الضعيف المُستَهلَك المنبطح دون حياء، الموغل في الاحتماء بعباءة تقديس الزعيم ودوام الخلود، وُجِهَت دعوة لمصادقة الحمير تتماهى مع وسائل النقل الحضرية حماية للبيئة وتطبيقآ لمعاهدة باريس لتغير المناخ. عقول سائدة مؤطرة حزبيآ منسلخة عن جسد متعصبة طائفيآ تؤسس لحضارة متقوقعة تسعى لانسحاق الوطن وتهميشه، في زمن السخف والسخرية والبلاهة المحلية السائدة؛ نقيضآ مؤلمآ للمد العولمي للفورة الحضارية الانتاجية والمعرفية القيمية والتكنولوجية..!

إستطرادآ؛ لم يعد انقطاع التيار الكهربائي ولا جفاف السدود او نضوب المحروقات وفقدان الادوية، كما تهريب الاغذية وانهيار قيمة النقد الوطني مع افقار اهل البلد مشكلة لدى المصابين ب “الذهان” Psychosis السلطوي المنطوي على هلوسات إكتئاب واوهام صلاحيات ثنائية القطبية Bipolarity ادت وتؤدي الى انتحار وطن او نحره فالموت سيان.!

في تحفة الادب الايطالي، وملحمته الشعرية “الكوميديا الالهية” Divina Commedia أخذ الشاعر الايطالي المعروف ب “الاعلى” Dante Alighieri مدمنيه من قراءه في رحلة خيالية بين الممالك الثلاث: الجحيم، المطهر والجنة. رحلة استغرقت اسبوعآ يومان في الجحيم، اربعة في المطهر ويوم في الجنة. كان قسم الجحيم هو الأشهر قال: “يا للعجب ارى في الجحيم اناسآ بدون خطايا”.. في المطهر يرى تعذيب المترددين الذين لم ينضموا الى حزب من الأحزاب المتصارعة. فيقول: “إذا كان العالم الحالي منحرفاً وضالاً فابحثوا عن السبب في أنفسكم”، «اما المأساة، ففي العقول النائمة، المدانون في الجحيم هم أولئك الذين فقدوا القدرة على التفكير والإدراك والفهم». هو عندما ينظر إلى أعماق الإنسان يرى أن قلبه يتآكله الحسد والبخل والطمع..!

استنساخآ على ختام فكر قائم على العدل؛ في الجحيم بؤس المصير، فيه اليوم نحيا ونار بؤس العيش حارقة تليد.. في تقويم الاعوجاج والتدقيق الجنائي والمحاسبة مسلك الى المطهر Purgatory حيث نار آكلة لكنها مطهرة، بها التكفير والتوبة في استعادة اموال الناس من الخطأة الباحثين عن الغفران.. الجنة خلود وطن بلا موت ورفاه شعب الى الفردوس ينتقل، بعد ان جفت المآقي ونضبت المسالك ربما تؤدي اليها انتخابات نيابية قادمة هي على ما يبدو الدرب الوحيد المسيج بالجيش الوطني لبناء لبنان الجديد..!

بيروت في 18.06.2021