«الموضوع ليس كشراء حذاء رياضي أو زبدة الفستق. الناس بحاجة إلى الأدوية. ولو أنها كانت تُشبه السلع الاستهلاكية الأخرى، لما كان لكلّ هذا أهمية كبرى. ولكنّ الأدوية تختلف عن غيرها. يعتمد الناس عليها من أجل صحّتهم… وحتّى حياتهم». كتبت الطبيبة الأميركية مارسيا أنغيل هذا المقطع في كتابها «حقيقة شركات الأدوية. كيف يخدعوننا وما العمل حيال ذلك» حول الضرر الذي تتسبّب به شركات الأدوية في حياة السكّان في سياق سعيها نحو مراكمة الثروات. المعركة ضدّ الشركات مشتركة بين جميع الشعوب، ولبنان جزءٌ من هذا الصراع. كلّ من الكارتيلات يملك حصة من كعكة النفوذ، إلّا أنّ كارتيل الأدوية يُعدّ الأقوى بينها وصاحب سطوة كبيرة على القرار السياسي. أعضاؤه مستعدّون للتفرّج على المرضى يموتون جرّاء انقطاع الدواء، ولن يضخّوا الكميات اللازمة في الصيدليات إذا لم تكن حصّتهم من الأرباح محفوظة. وهم ما كانوا ليستقووا لو وُجدت «دولة» تُمارس واجبها الاجتماعي. كارتيل الدواء قويّ في لبنان إلى درجة أنّ رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ووزارة الصحة وبقية المسؤولين يرضخون له، ويُسعّرون الجزء الأكبر من الأدوية على أساس سعر صرف 12000 ليرة للدولار، ولا يرضى. يُجاهر برفضه الاتفاق، وبأنّ الأدوية في المستودعات ولن يُفرج عنها إلّا بعد رفع إضافي للأسعار… «وأعلى ما في خيلكم اركبوا». يُحرّك وسائل الإعلام التابعة له والسياسيين و«الخبراء» لشيطنة الأدوية المستوردة من إيران أو أي مصدر آخر لا تربطه به اتفاقات احتكار، أو للهجوم على قرار وزير الصحة الذي قضى بالاستيراد الطارئ للأدوية. هكذا يتحوّل الدواء من حقّ إلى سلعة للمقتدرين فقط.