القائد …

بقلم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*

من نقطة ما و في دائرة قطرها حوالي ثمانية كيلومترات إنطلقت طائرتان مسيرتان عن بُعد Drones من نوع “كوادوكوبتر” Quadcopter تابعتان للعدو ألإسرائيلي لتنفذا سوية عملية إستطلاع و من ثم إنقضاض على هدف محدد في عمق ألضاحية ألجنوبية للعاصمة و تدميره ؛ و من دون ألدخول في تفاصيل ألتحقيقات ألتي تجريها مديرية مخابرات ألجيش أللبناني بإشراف ألقضاء ألعسكري وبألتنسيق مع جهاز أمن حزب الله ، إضافة إلى ما تداولته وسائل ألإعلام و ألتَواصُل ألإجتماعي من احتمالات كان آخرها سيناريو دخول كوماندوس إسرائيلي لبنان مُكتنفآ عبر ألأراضي ألسورية و مُموهآ مُتمكنآ من تشغيل ألدرونز عدد 2 بعد تفخيخهما بآلمتفجرات أللأزمة و إطلاقهما من منطقة مشرفة على ألضاحية ألجنوبية و من ثم ألأنسحاب تحت ستار ألغارتين اللتين نفذهما سلاح جو ألعدو تزامنآ ألأولى في سوريا و ألثانية في ألبقاع أللبناني ..!


كذلك و من دون إجتهادات مُتسرعة ؛ بقيت أهداف ألعملية “معلومة لدى ألقيادة ألمعنية” و في توقيتها و أسبابها لدى ألمراقبين ضمن دائرة ألتحليل و ألإستنتاج سواء من ناحية نوعية و أهمية ألهدف ألمقصود أو لجهة ألمرامي ألإنتخابية و ألقضائية ألمُضمَرة كأحكام ألبراءة من تهم ألفَساد ألتي يحتاج إليها رئيس وزراء ألعدو بنيامين نتنياهو لضمان عودته إلى كرسي رئاسة ألحكومة ..!

في ألرد على ألعدوان :
-ألرَد ألأول ، كان في مضمون خطاب سماحة ألأمين ألعام لحزب الله بمناسبة ألذكرى ألثانية لتحرير ألجرود ألشرقية ألحدودية ، إذ عادت متلازمة Syndrome ألخوف من أشباح ألمقاومين أو متلازمة “ألحدود ألشمالية ألنفسية” Fear of the northern border تنتشر بين جنود ألعدو و ألمستوطنين مما دفع سكان ألمستوطنات إلى ألملاجيء كما أُرغِم جيش ألعدو على رفع حالة ألتأهب مع سحب حواجزه و وقف دورياته في ألمنطقة ألحدودية بعمق 5 km تقريبآ مانعآ ألتجول على ألمدنيين و حادَآ من حركة جنوده في آن معآ ..


-ألرَد ألثاني ، فهو ألعسكري ألصارم و ألحازم من ألمقاومة ضمن توازن ألرعب و تثبيت قواعد ألإشتِباك ألسارية منذ صدور ألقرار ألأممي 1701 !! و هنا أيضآ كُبرى ألعَثرات إذ أن في ألإنتِظار ملل قد يصيب مقتلآ ؛ حيث يشعر جنود ألعدو بألخوف من ألقتال ، رجفة في ألقدمين ، دقات قلب سريعة و إرتفاع في ضغط ألدم و هذه ألحالة ألمرضية تنتشر كلما طال “إنتظار ألرَد على ألعدوان”؛ مما سيفرض على قائد ألفيلق ألطبي ألجنرال “طريف بدر” General Dr Tarif Bader تأمين ألدَعم أللوجستي للجنود بدواء Vexal XR75 ألمضاد لحالات ألرهاب – ألهلع و ألقلق ؛ إضافة إلى ألتحضير للعلاجات ألنفسية لما يعرف ب أضطراب ما بعد ألصدمة PTSD Post Traumatic Stress Disorder ..!

-ألرَد ألثالث ، فبعد ان إنجلى غبار ألتفجير و وضوح ألرؤية ، تجلى ألرَد ألأفعل و ألأقوى بوجه آلة ألعدوان عبر ألموقف ألوطني ألجامع و ما أدلى به ألرؤساء ألثلاثة و معظم ألسياسيين و ألكتل إضافة إلى رؤساء ألطوائف ألروحية من تصاريح متضامنة مستنكرة ألإعتداء ألفاضح وألسافر ..!
تاليآ جاء إجتماع مجلس ألدفاع ألأعلى و ما صدر عنه من مقرارات معلنة و أخرى سرية ليؤكد على ضرورة مواجهة أي إعتداء يمس ألسيادة أللُبنانيَة و إعتباره بمثابة إعلان حرب مع تفويض قيادة ألجيش إتخاذ ألتدابير ألدفاعية ألمناسبة ميدانيآ ..

في ألمهم بعد ألأهم .! هو ألموقف ألوطني ألصريح و ألطبيعي لرئيس ألحكومة أللُبنانيَة سعد ألحريري ألرافض للعدوان سواء خلال لقاءِه في ألقصر ألحكومي سفراء ألدول ألخمس ألدائمة ألعضوية في مجلس ألأمن و سفراء ألدول ألعربية لاحقآ ثم ألمنسق ألخاص للأمم ألمتحدة في لبنان “يان كوبيتش” أو في توجيهه مندوبة لبنان لدى ألأُمَم ألمتحدة ألسفيرة أمل مدللي لتقديم شكوى عاجلة إلى مجلس ألأمن ألدولي لإقدام ألعدو على إنتهاك ألسيادة ؛ كذلك ما أُعلن خلال ألإتصال ألهاتفي مع ألأمين ألعام للأمم ألمتحدة “أنطونيو غوتيريس” حيث حَمَلَ فيه ألرئيس ألحريري إسرائيل ألمسؤولية ألكاملة عن إعتداءها غير ألمبرر على منطقة سكنية مأهولة و خرقها ألمتكرر للقرار 1701 ..

توازيآ ، حَاوَلَ كثيرون تظهير موقف رئيس ألحكومة كإستثناء و وصل ببعضهم ألأمر من حُلفاء و أخصام و من طامعين في ألمنصب أو ألزعامة إلى إعتباره إرتماءً في أحضان حزب الله ، في حين كان مضيه في تثبيت أداءه ألسياسي و نهجه ألجديد و إيلاءه ألأولوية للمصلحة الوطنية ألعُليا أكبر ألأثر و ألمصداقية مبرهنآ عن تحسس لعمق ألمسؤولية ألتي يتنكبها ..!

لم يكن ألرئيس ألحريري يفكر و يؤدي دوره بعد ألعدوان إلا كرئيس حكومة لبنان متمسكآ بألتسوية رافضآ تعصبآ بائدآ لبعض ألشارع ألسني غير مُبالٍ بشعبوية إنتخابية مُضَلِلَة و مُضَلَلَة و هذا أمر
يسجل له لا عليه فيه كل ألكبر و ألوطنية ألحقة ..!
كما كانت لافتة يوم أمس بعض عباراته ألتي تعبر عن قناعة : “أن ما يقوم به ، هو ما كان ألشهيد والده رحمه الله سيفعله” و هذا صحيح فيه عين ألصواب .. قال أيضآ “أن تيار ألمُستَقبَل لا يحتاج للزعامة بل للكفاءة” ، و ألناس تقول : كذلك هذا ما يحتاجه ألوطن يا دولة ألرئيس ..!

خِتامَآ ، رغم ألكثير من ألأخطاء ألمرتكبة في ألحُكم و في ألمراحل ألسابقة من أداءه ألسياسي بألتلازم مع إسترخاء في إنماء ألمناطق ألمحرومة ، ضعف في مكافحة ألفَساد ألمستشري ضمن ألإدارات و ألمؤسسات و كذلك عدم معالجة ألوضع ألمَالي و ألنَقدي في حينه “ألغير ميؤوس منه ربما على ما يقول ألعرافون” ، إضافة إلى بعض ألهنات ألهينات .. فإن دفة ألقيادة The Helm بدأت تسلس له “ألرئيس ألحريري” في تصحيحه وجهتها عَبرَ ألإستدارة ألكاملة وطنيآ لا مذهبيآ مهما كان ألثمن ..! ألقائد يقود شعبه لا ينقاد معه ؛ و لنا في ألتاريخ عِبَر ..

*عميد كاتب وباحث .
بيروت في 30.08.2019