الغراب المغرور بين الانتصار وعدم الاكتراث ..!

بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*

على مدى مئة عام من عمر الكيان توالدت الغربان الى ان اصبحت تملأ الغابة عديدآ ونعيقآ، وخلال كل عقد من السنوات او اقل دأبت كل فصيلة من هذه الخلائق على تنتقي قائدآ لها يبز اقرانه من فصائل او مجموعات أُخَر…
تاليآ؛ في اصناف “الغرابيات” لوحظ انها تنتشر عبر قارات العالم الخمس؛ وفي تعداد اجناسها 18 عشر، الرئيسية من صنوفها ست : “الغداف- القيظ- الزيتون- القيق- العقيق- كاسر الجوز” يقابلها ستة أُخَر من فصائل مهجنة او هجينة..!

استكمالآ؛ تُعَدُ الغرابيات من اكثر فصائل الطيور ذكاءً على الاطلاق؛ وقد اظهرت خلال التجارب والمحن اشارات ارادية تعكس وعيآ وادراكآ وقدرةً على التناحر والتنافس الى حد اراقة دماء بعضها البعض او احراق اعشاشها نكرانآ لنظرية التعايش او العيش المشترك فيما بينها..! كما تبين انها مالكةُ مهارات متعددة تعد عصية على انواع الحيوانات الاخرى بإستثناء بني البشر، هي مهارات وخصال من نوع السطو على الاطعمة او سرقة المحاصيل..الخ..!

أثبتت الابحاث العلمية المعمقة والمزمنة حول تركيبتها البيولوجية والجينية انها متوائمة ومتآلفة مع بقع انتشارها وتوزعها الجغرافي بمعنى ابنة بيئتها.. كما كشفت الدراسات ان النسبة الاجمالية لحجم الدماغ الى الجسم تقارب تلك التي عند القردة وبذلك لا تقل سوى قليلآ عن الانسان..
في شكلها الخارجي وهيأتها ف أحجامها متوسطة عمومآ، لكن مناقيرها قوية تاكل بواسطتها الاخضر واليابس، كما تسمح لها على اعتياد بثقب الجدران المزدوجة او ما يعادلها قوة كصفائح خزنات المال على سبيل المثال.. ريشها خشن يشابه جلود التماسيح، تخلعه او تستبدله اثناء دورتها الحياتية كل ست سنوات، ولطالما تجاوزت مدتها و القفز فوق اعرافها الاجتماعية غالب ..!

المجلات المتخصصة بالعلوم الطبيعية من نوع « الناشونال جيوغرافيك » National Géographic تواظب على نشر اخبارها وتصرفاتها المقززة ليس اقلها من نوع قتل صغارها او تجويعهم واذلالهم فارضة عليهم دون مبالاة او اكتراث هجرة قسرية عن موطنها..!
أما في يومياتها؛ فإن افضل ما يُمَكِن التعرف اليها هو صوتها ألأجش ونداءاتها القبيحة والمثيرة للضجة..!!

في الخواص الاحيائية؛ فهي “الغربان” تقطن معظم الاماكن وتتأقلم مع اغلب الاوضاع المناخية وتقلباتها على سطح الكوكب الازرق.. انواعها المقيمة خاملة لا مبالية، و هجرات اسرابها تحدث بصورة فجائية او عند نقص حاد في الطعام كذلك اثناء الكوارث الطبيعية والحروب المفتعلة.. اما نخبها فمنفوخة الوجوه متهدلة البطون ذات ريش مُقَزَح متلون..!
لوحِظَ و سُجِلَ انه خلال موسم التزاوج تعود الى اعشاشها لتنتخب القادرين منها على الانجاب، ولتبعد نظائرهم الشبابية او المنافسة، وقد تسمح بتداخل مناطق التعشيش في حال ازدياد اعدادها بما يمنحها فرصآ ونجاحآ اكبر لا سيما لذوي النعيق التفضيلي..!

في الغذاء؛ لاحظ العلماء ان “الغرابيات” حيوانات قارئة لتصرفات اقرانها، نهمة غذاؤها من اللافقاريات وفراخ الطيور كذلك الفواكه والبذور.. وقد تأقلمت الى حد الاندماج مع ظروف الحياة في الحدائق والتجمعات الحضرية، اذ اصبحت تعتمد على الاطعمة الغربية البشرية الحديثة كمصدر للغذاء. كما اظهرت دراسات المعاهد الاميركية والفرنسية انها تكيفت ايضآ مع السلوكيات الحياتية والاجتماعية في التجمعات السكانية البشرية الغربية، ف اليها تهاجر و لها تلجأ، اذ لا تستسيغ الشرقية منها..!

سلوكياتها تُمظهِر غرورآ قاتلآ، لطالما كان نتاج انتصار فئة او طائفة منها على اخرى او لعلة عدم الاكتراث بأسرابها واسرارها.. في وطنها ظاهرة تعرف بالصناديق السوداء والغرف السوداء تصنعها في دمس الليالي خشية العسس المتنوع الانتماء.. اما طوابيرها فتصطف كالزرازير لتحصل على الفتات حيث تتجمهر باشكال عشوائية لا هندسية معقدة..!

اخيرآ؛ اللون الاسود القاتم هو المفضل الغالب لدى “الغربان”وهي كلمة جمع غراب Crows، المتزعم منها تجذبه الاشياء اللامعة والملونة كثيرآ، كذلك روائح العطور وملمس النقود الملوثة.. في عدائيتها تهاجم طيور “الهدهد” Hoopoes لسموها وجمالها و الاخيرة متميزة ببصرها الثاقب.. اما بالمفاضلة فَبُعد التشابيه قد قيل “أن الهدهد هو الذي كان يدل النبي سليمان على مواضع الماء في قعر الأرض”.. اما الحقيقة البيضاء فيكتب عليها بحبر الغراب..!

بيروت في 25.10.2021