العودة إلى الوطن …آن الأوان

 

 

بقلم ألعميد منذر ألأيوبي *

لم يكن ينقص المشهدية اللبنانية المنهارة سوى قرار الرد المحلي المصدر باستهداف موكبه على طريق مطار بغداد الدولي بقصف جوي صاروخي اميركي منذ سنة تمامآ 03.01.2020 غير رفع صور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني ورفيقه نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي ابو مهدي المهندس في ساحات الضاحية الجنوبية وبصورة خاصة الطريق الدولية المؤدية الى مطار (رفيق الحريري) بيروت الدولي اضافة لرفع الستار عن تمثال القائد سليماني في حفل رسمي اقامته بلدية الغبيري وكذلك اطلاق اسمه على احد الشوارع الرئيسية للمنطقة التي تعتبر الخزان البشري والمعقل الرئيسي لحزب الله اللبناني حيث تتمركز معظم فروع قيادته الميدانية ومؤسساته الصحية والاجتماعية ..
استطرادآ ودون الدخول في دوره المعروف والمعلن بدعم المقاومة الاسلامية وحزب الله ميدانيآ لتحرير الجنوب اللبناني من احتلال العدو الاسرائيلي عام 2000 ثم صمود الحزب في الحرب التي شنت على لبنان عام 2006 وانتصاره من خلال متغير فرضه بالدم والدموع يتمثل بتثبيت استراتيجية الخضوع المتبادل لمعادلة الرعب او الردع مع العدو فإن ما حصل في ذكراه السنوية الاولى تجاوزت مراميه التكريم وفاءً عبر انزلاق غير محمود الى بروباغندا اعلامية اثارت من ردود الفعل الكثير غبارآ لا بل عاصفة رملية من المواقف التي استهدفت الحزب في سلوكياته و اداءه كما لم تعفِ نفسها وسائل التواصل الاجتماعي من تبادل الاتهامات والعبارات المقذعة في بث غير متقطع وترويج مرتفع السقف لهذا الفريق الخصم او ذاك الحليف سواء من الاقربين او الابعدين، ايضآ ضجت وسائل الاعلام المحلية والاقليمية ، وبصورة خاصة الدولية المرئية والمكتوبة بما حصل في استغلال متوقع عن حق او غير حق وفقآ للانتماء ترجمة لانقسام عامودي سياسي وايديولوجي يضرب بنية المجتمع اللبناني وينغرس نصله اكثر فأكثر في الجسد المتهالك ..

من جهة اخرى؛ كان رأي كثير من المحللين محليين ام دوليين موالين ام اخصام ان الامر اشبه ما يكون باستعراض غير مباشر وغير موفق في الطريقة والتوقيت على الساعة اللبنانية لفائض القوة التي يملكها حزب الله امام المتربصين والاعداء تهديدآ والحلفاء ترييحآ مع تعبئة لا حاجة لها لجمهوره المكتفي ايديولوجيآ ودينيآ. كما دفع ما حصل كثيرين من سياسيين ومنظرين منتمين لهذه الطائفة او تلك للسؤال او التساؤل عما اذا كانت اللحظة الاقليمية للتسوية بدأت تلوح في افق الدولة العميقة والادارة الاميركية في استقراء زمني بمفعول رجعي لاستراتيجية الديمقراطيين وبالتالي لخيارات مدرجة على اجندة مولوده الرئاسي الجديد جو بايدن.!
في سياق متصل؛ اتى الاستنتاج على المستوى الدولي ان محفزات ما حصل رغم رمزيته رسالة مشفرة بان التسوية الاقليمية التي ستنتج حتما نظامآ اقليميآ جديدآ لا تفرض اخضاع ايران لما هو مرفوض لديها بل ترتيب مكان اصطفافها المتقدم والمؤثر ضمن الرباعي (اسرائيل؛ تركيا؛ المملكة السعودية وإيران) نتيجة ما جنته من مكاسب او خسائر جراء انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي لدول 5+1 وصمودها المؤلم امام تعرضها المزمن للعقوبات الاميركية القاسية وكذلك استطالة اذرعها الضاربة القابضة على مفاصل اقليمية هامة ليس اقلها القدرة العسكرية الرادعة لحزب الله المتناسبة مع تموضعه الجغرافي الحدودي على خط المواجهة المباشر مع العدو الاسرائيلي.!

تاليآ على صعيد الداخل اللبناني وبعد مرحلة التعطيل الشامل والانهيار الكامل الذي نشهده وطال، فإن الترجمة باللغة العربية وباللهجة اللبنانية سَتكون في المسار المفترض المتوازي بين ترسيم الحدود البحرية مع العودة فقط الى المادة الثالثة مِن اتفاقية اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949 وبين ترتيب مكان الطائفة الشيعية المتقدم في التركيبة السياسية على خلفية عودة الحزب عديدآ وعتادآ الى الوطن وبالتالي استيعاب منظومة السلاح النوعي الصاروخي والاطقم المشغلة كقيمة مضافة للقوى العسكرية اللبنانية من خلال اقرار الاستراتيجية الدفاعية في نجاحها نسق مجرب سابقآ عندما تم استيعاب الميليشيات الحزبية في هذه القوى بعد اتفاق الطائف ..
لكن ما هو مختلف عن الاقليمي وغير القابل للاستمرار تأسيسآ للجمهورية الثالثة هو عدم امكانية الترتيب المتقدم لأي طائفة على أخرى ايآ تكن قدراتها وامكاناتها وايديولوجيتها، فالجلوس مفروض على طاولة مستديرة لا مستطيلة والتسوية الميثاقية تعني التساوي؛ و إذ آن الأوان لعودة الحزب الى موقعه الطبيعي في الداخل فمن الضروري عدم الانزلاق نحو زعم فاشل يتداول لما يسمى العصر الشيعي تناوبآ او مداورةً وفق ما مر به لُبنان منذ استقلاله .!
خِتامَآ ؛ رغم الاجواء الملبدة برائحة البارود واليورانيوم المخصب والامونيوم المنفجر مع ألتهديدات العسكرية المتبادلة فان صيغة جديدة انقاذية توطد الاساس الثابت للمئوية الثانية قائمة عَلى الرسالة الحضارية للوطن الصغير في تنوعه الطائفي والفكري والاجتماعي غنى وفي سياسته وعلاقاته حيادية ايجابية الى حد ما تترجم علاقات متزنة مع الاقرباء العرب والعجم والترك متوازنة ايضآ بين الشرق و الغرب.!
ألأمل بذرة قابلة للحياة واليأس لَيسَ  عادة بَل ابن ساعة.

يقول عالم الفلك الاميركي “روبرت ليجتون” Robert Leighton «الزهرة التي تتبع الشمس تفعل ذلك حتى في اليوم المليء بالغيوم » ..!

—————-

بيروت في 07.01.2020