الرئيس حسين الحسيني .. مات أحد اركان الكيان ورجل الدولة وأبو الطائف

كتب عباس صالح:

 

مات اليوم الأب الفعلي لاتفاق الطائف وعرابه، ومؤلف حلقاته، والمشرف على حبكة ثناياه، ببعده الحقيقي الذي انهى الحرب الاهلية في لبنان ووضع حداً للعبة استجرار الدم، وإحراق الهيكل فوق رؤوس قاطنيه وبنيه.

الرئيس حسين الحسيني حكاية جميلة من حكايات تاريخ لبنان الناصع، نظراً لما قدمه من عطاءات جلَّى في مشروع بناء مداميك الهيكل للكيان اللبناني الذي يتداعى اليوم، وربما صار في قعر القعر، جراء غياب آبائه الكبار، وحراس جوهره، والحسيني من ابرزهم حيث قضى حياته  (86 عاماً ) لاعباً اولاً على المسرح السياسي، كرجل دولة من الطراز الرفيع، ومرجعية في التشريع، وصياغة الدستور، وتفصيل القوانين الناظمة للعلاقات بين ابناء الوطن.

ولد الرئيس الحسيني في العام 1937 في محافظة بعلبك، وحصل على دبلوم في إدارة الاعمال من جامعة القاهرة، وعمل ما بين عام 1956 و1963 في بدايات مشواره بالشأن العام مديراً لإدارة شركة توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية في بعلبك، ثم انتخب بعد ذلك رئيسا لبلدية بلدته شمسطار من عام 1957 إلى 1968.
في العام 1973 شارك في تأسيس حركة أمل عام 1973، وبعد اختفاء الامام السيد موسى الصدر تولى رئاسة الحركة من العام 1978 وحتى العام 1980 حيث استقال إثر اندلاع احداث بين عناصر من الحركة وعناصر من الميليشيات الفلسطينية، رافضاً خوض “حركة المحرومين” في لعبة الدم والحروب الداخلية .
في عام 1972، انتُخب الحسيني عضواً بالبرلمان اللبناني وحافظ عل مقعده النيابي في كل الدورات التي تلت حتى تاريخ استقالته من البرلمان في 12 آب 2008.
وترأس الحسيني مجلس النواب في لبنان منذ العام 1984 ولغاية 1992 بعد نهاية الحرب الأهلية.

توفي اليوم عن عمر ناهز 86 عاما وقد نعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري قائلا :” بمزيد من الرضى والتسليم بمشيئة الله سبحانه وتعالى ، بإسم الشعب اللبناني أنعي الى اللبنانيين كبيراً من كبار لبنان ، وقامة وطنية من قاماته التي ما بدلت تبديلاً ، نذرت جل حياتها دفاعاً عن الوطن وعن إنسانه ووحدة ترابه وهويته الوطنية والقومية ، جهاداً متواصلاً بالقول والعمل والكلمة الفصل الطيبة .
عنيت به رفيق الدرب دولة رئيس مجلس النواب السابق السيد حسين الحسيني والذي برحيله وإرتحاله الى جوار ربه نفقد ويفقد لبنان قيمة إنسانيه وتشريعية ونضالية لا تعوض .
إنني بإسمي الشخصي وبإسم الزملاء النواب أتقدم من أسرة الراحل وآل الحسيني ومن اهلنا في البقاع وبلاد جبيل ومن الشعب اللبناني بأحر التعازي سائلاً المولى العزيز القدير ان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه الفسيح من جنانه وأن يلهمنا وإياهم عظيمه الصبر والسلوان” .
كما نعى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الراحل وقال فيه:”فقد لبنان اليوم قامة وطنية ودستورية أصيلة هو دولة الرئيس حسين الحسيني. وبغيابه تطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل السياسي والبرلماني العريق.
لقد شكل حضور الرئيس حسين الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وطبع العمل التشريعي بخطوات أساسية على مدى سنوات عديدة.
وكان لدوره الرائد في حقبة مؤتمر “إتفاق الطائف”فضل كبير في اقرار “وثيقة الوفاق الوطني”التي أنهت الحرب اللبنانية. كما عرف، بحسه الوطني وادراكه العميق لخصوصية لبنان ودوره، كيف يؤمن التوازنات اللبنانية في صلب اصلاحات دستورية تشكل ضمانة الاستقرار في لبنان، فيما لو جرى تطبيقها بالكامل وإستكمل تنفيذها.
بغياب الرئيس حسين الحسيني، نخسر انا وعائلتنا أخا وصديقا كان على الدوام خير ناصح ومتابع، وكنت افخر وأعتز بما كان يقوله بتواضع ، وبالنصح الذي كان يوجهه ، لكونه يكتنز كماً من الخبرات السياسية والوطنية.
دولة الرئيس
نودعك اليوم ، ولكنك باق ابدا في الوجدان وفي ذاكرتنا الوطنية، رجل دولة بامتياز ، لم يكن مروره عاديا بل ترك بصمات لا تمحى وسيسجلها التاريخ بتقدير واعتزاز”.

كذلك نعاه الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري بالقول:”بوفاة الرئيس حسين الحسيني يكون لبنان قد خسر رجلاً كبيراً من رجال الطائف لطالما شكّل الاعتدال نبراسه والحوار طريقه والدستور كتابه وتجديد الوفاق الوطني هدفه”.