الرئيس المكلف بين “اليوتوبيا” و “الديستوبيا”..!

بِقَلَم العميد مُنذِر ألأيوبي*
 
في إنجراف مقصود أو معلوم فَ سيان ، خطا لبنان خطواته ألإنحدارية نحو هاوية ألإضمحلال و ألتفكك ،، بدأت رواية ألوطن بعد ألإستقلال بدرب يؤدي إلى ألمدينة ألفاضلة Utopia أو ما يقاربهاعلى ألأقل طموحآ ، ودون إنتقاص من حكمة و ولاء رجال ألحكم آنذاك فإن ألرئيس أللواء فؤاد شهابكان باني مداميكها ألأول و ألأخير ، عليها إرتفع ألبنيان و بإنتهاء ولايته بدأت ملامح ألطوفان تدريجيآ إلى أنَ أصيب “ألفُلك” عام 1975 بأثلام و ثقوب أعلنت ملامح ألغرق في حرب أهلية طائفية قذرة تداخلت فيها عوامل ألإنفجار ألداخلي أللبناني مع تناقضات إن لم نقل خصومات ألإقليم ألعربي ألمحيط إضافة إلى ألصراع بين دول ألمعسكرين ألغربي و إلشرقي في إنقسام عامودي vertical breakup عقائدي Ideological مسرحه ألكوكب ..!
 
أُلقيَ حبل ألنجاة بَعدَ عقدين من مدينة ألطائف إتفاقآ بُنيَ أساسآ على يأس أو تعذر إنتصار فريق على آخر إضافَةً لعدم تسارع ألقدرة ألمحلية على إنتاج جيل جديد من ألمقاتلين سواء بسبب هجرة معظمه أو على خلفية تغييرات دولية حاكمة لدول متجبرة على نزق ..! تباعآ إرتدى معظم قادة ألجبهات لبوس أسماء أحزاب صنعت على عجل، إن صنفت فمبادئها سلطوية Autoritarian على طوائفها ، شُرِعَت طروحاتها أو أقنعت رُبما كثيرين ، حواريات دجالة quackery Conversational إمتطت ألشاشات ثم قبضوا على أعِنَّة ألحكم و هكذا كان ..!
 
تأمل ألناس ألمواطنين من ألخير ألفتات ضمن مفهوم “عَسى خيرآ” أو “ما كلف ألله نفسآ إلا وسعها” لكن ألحقيقة كانت في مكان آخر ، عالمُ واقعٍ مريرٍ مخيف نشأ جعل ألفقر عميمآ أو يكاد ، بألتوازي مع ألإصابة ألفكرية بما يدعى أدب ألمدينة ألفاسدة Dystopia في تجويف ضَحِل shallow cavity  وتوازن مصطنع بين ألإحترام و ألمهانة ..!
مَضَت ألأيام على مضض تخللتها ومضات رائعات كَ “تحرير ألارض ألطاهرة” من ألعَدو ألصهيوني راحلآ حافيآ مرتحلآ باكيآ فكان دم ألشهداء كماءِ ألزَهرِ عطرآ زمزميآ (نسبة لِ نبع زمزم) يروي صحراء ألعرب إن عبروا أو تشبهوا، لكن ألخيبات و ألمحن كانت أعظم.. شَوَت ألأبدان و رمدَت ألعُقول سرعان ما سادت “إستشهاد قيادات ومواطنين” ضمن مسلسل تفجيرات متنقلة مدروسة تحطيمية Brokenly أفرزت ما هو مطلوب 8/14 ثُم أوجدت “إشكالية ألتحيز ألقسري” The Problem Of Forced Bias دونَ حيز وسط ممكن فأصبحت توافه ألأمور Trivia خيارآ ..!
 
في نفس ألسياق ألمتدحرج كانت “ألديستوبيا” شمولية قصصية تُروى في مقاهي ألأزقة و تُصنَع في أروقة ألقصور ، خيالية في تجردها من إنسانية متوجبة في عناصرها ألسياسية و ألإقتصادية و ألإجتماعية ألخير فيها وهم ، مع إنحطاط كارثي جماعي مجتمعي بيئي ملوث طائفيآ و مذهبيآ بعيدآ عن قيم روحية سامية ..!
 
أتَى 17 October متجاوزآ ما ورد في قصة Fahrenheit 451 إذْ أطفئ لهيب ألكُتُب ألتي تحرقها ألدَولَة خوفآ مِما قد تحرض عليه “كما أورد” ألكاتب Ray Bradbury بغزارة سائل رغوي Foam Solution من مكوناته وسائِل ألتَواصُل ألإجتماعي Social Media حيث كَتَبَ ألمنتفضون أو ألثوار أو ألحراك و هُم بمجملهم أهل ألبَلَد رواية عالم جديد جريء في مصادره ألقوى ألحيَة ألشبابية للمجتمع ..!
 
يُطرح ألسؤال ألأهم أليَوم عَن كيفية ألإحتواء Containment و ألإنتصار ..؟
يرتبط ألتَغيير ألحتمي في ألربط بين سمو ألأهداف وقوة ألوسائل ، إذ لا بناءً إفتراضيآ للدولة هنا ، ألواقعية ألواعية تفرض نفسها و عَليها يشاد ألمُستَقبَل حَيثُ تضمحل تعاسة ألعامة و تُصَفَر ألنوازع ألشخصية ..! 
و مما لا شك فيه أن ألذَم سَهلٌ و ألرفض أسهل ، أما ألفرص فَلطالما رافقتها كلمة “ألضائعة” و هنا ألخشية .!
في كتابه A Father’s Book of Wisdom يقول ألكاتب Jackson Brown “الفرص ترقص دائماًمع أولئك الذين يرقصون فعلاً على حلبةالرقص” إذ إن انتهاز الفرص المناسبة وبمثابةإجتياز عدة مراحل بخطوة واحدة ..!
 
ربما يكون ألدكتور حسان دياب ألَذي لا أعرفه مثيل أو شبيه رجل ألأطفاء في كتاب “فهرنهايت ٤٥١” فَهو لن يقتنع بالشر ألكامن في ألكتب .. فليعطي ألثوار له ألفرصة و مِنها عسى نخرج من ألإختناق ألسياسي عَله ينجح فَيحقق نتائج ترتقي إلى أحوال يسيرة من ألمدينة ألفاضلة أو يسقط فتكون قبضة ألثورة في إنتظاره إقصاءً و محاسبة ..!
إستطرادآ لن يكون للتدخل ألخارجي أي قدرة أو دور في عدم ألإستِقرار و لم يعد ممكنآ أيضآ عودة ألمنظومة ألأوليغارشية ألحاكمة إلى سابق عهدها مُستحكمة أو تنظيم صفوفها بوجه شعبها ، كَما أنه لا مكان أو إمكانية لدى ألعدو ألإسرائيلي لخربطة ألوَضع ألحُدودي أو ألتسلل مخابراتيآ إلى ألداخِل أللبناني و ألجيش ضمانة ..! 
 
خِتامَآ ، على قاعدة أن ألخيار يكون محدودآ دائمآ بين الإمكانيات المتاحة في ألجوهر و ألعدد مِما يجعل ألأمور واقعيآ معركة مؤلمة بين خيار الخير الأقصى و ألأقَل خيرآ ؛ فليخوضها ألثوار معركة ألفرصة و ألخير ..! و هذه وجهة نظر بإسم بعض أهل ألبَلَد ..!
 
بَيروت في 22.12.2019
عَميد، كاتِب و باحِث.