الحراك الدبلوماسي الفرنسي وتردداته…

بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*
مُنذُ قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القيام بزيارة رسمية إلى لبنان و تأجيلها تكرارآ لظروف و أسباب شتى سياسية أو أمنية ربما و التحرك الديبلوماسي ألفرنسي لا يهدأ أو ينقطع يخفت وهجه حِينَآ ليعود و يلتمع أحيانَآ كثيرة ؛ و سواء برز هذا الاهتمام الفرنسي الى العلن سواءً عبر ألحوار مع الولايات المتحدة الاميركية و أطرافٍ إقليمية اخرى معنية أو عبر قنوات إتصال خلفية إلا ان الغاية دائمآ بغض النظر عن المصالح الفرنسية هي لحسن ألحظ الحفاظ على ألوطن الصغير ألرسالة و تركيبته الفريدة في هذا الشرق ..!
محطات كتيرة تَدخل فيها ألإليزيه مرارآ و مباشرة : عند إعلان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إستقالته من المملكة العربية السعودية و ما رافقها من ملابسات على سبيل المثال ؛ إضافَةً الى أُخرى مفصلية لعب فيها رأس الديبلوماسية الفرنسية وزير الخارجية “جان إيف لودريان” J-Y Le Dorian دورآ بارزآ ؛ و كذلك السفير الفرنسي في بيروت “برونو فوشيه” Bruno Foucher و موفدين آخرين ..
من جهة أخرى ، أتى مؤتمر “سيدر” Cedre و مقرراته محط آمال كثيرين لإنتشال ألإقتصاد اللبناني من إنهيار محتوم و إنقاذ ألوضع المالي و ان كان مشروطآ بضرورة إطلاق الحكومة اللبنانية رزمة إصلاحات بنيوية إقتصادية مالية كما كان تتويجآ لجهود الرئاسة الفرنسية في دعم لبنان و السعي لإخراجه من محنته .. من سياق هذه المقدمة المختصرة للعلاقة مع فرنسا خلال السنوات الثلاث الماضية تأتي زيارة رئيس دائرة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية “كريستوف فارنو” Christophe Varno بيروت منذ يوم أمس ضمن الاهتمام الفرنسي الغير مستجد بالوضع اللبناني لا سيما بعد الحراك الشعبي إنتفاضة 17 Oct الماضي ..
تاليآ ؛ فإن ما رشح من مصادر معنية في “ألكَي دورسيه” Quai D’Orsay 37 وزارة الشؤون الخارجية والأوروبية يؤكد أن الموفد الفرنسي لا يحمل في حقيبته خارطة طريق الحلول ألناجعة للواقع اللبناني السياسي و الاقتصادي المهترئ ؛ إذ أن جولته الاستطلاعية على الرؤساء الثلاثة و مسؤولين آخرين من ضمنهم وزير الخارجية جبران باسيل سيكون في أولوياتها ألإصغاء و في مقدمة أهدافها حَث المسؤولين على الإسراع بتشكيل حكومة جديدة نزيهة ذات مصداقية تكون بتركيبتها و نوعية وزرائها قادرة على إكتساب ثقة اللبنانيين عمومآ و جماهير الحراك المنتفضين بصورة خاصة ؛ ألأمر الذي يؤدي إلى إنكفاء جموع المحتجين عن الشوارع و الساحات و عودة دورة الحياة الاجتماعية و الاقتصادية تدريجيآ الى طبيعتها و بألتالي ألبدء بتنفيذ ألأجندة الإصلاحية ..
توازيآ ؛ ستكون الحكومة الجديدة في حال أتَت على قدر آمال الشرائح الشعبية المتعددة مع ألحِفاظ على التوازنات السياسية ألقائمة ألمتوائمة مع تركيبة ألبَلَد ألفسيفسائية فرصة ذهبية لإستكمال و تنفيذ ألمقررات أ لصادرة عن مجموعة الدعم الدولية للبنان كما ستساهم في إزالة آثار الإطارات المحترقة و أبخرتها عن الواقع اللبناني فَ تحظى بثقة المجتمع الدولي في لحظة مفصلية إقليميآ ..
إستطرادآ لن يكون رفض الحراك و هيئات المجتمع المدني على إختلافها تلبية رغبة السفير Varno الاجتماع به تعبيرآ عن عدائية مطلقة للعلاقات الفرنسية اللبنانية بل إظهارآ لإستياء مفرط من ألأداء الفرنسي على مستوى الشارع اللبناني في أقل تجلياته استمرار احتجاز المناضل اللبناني جورج إبراهيم عبدالله في السجون الفرنسية منذ 35 عامآ و في أدقها الحالي رفض معلن لأي تدخل خارجي على خط الحراك الشعبي قد يُشتَم منه محاولات لاستيعابه او إجهاضه ..!
على صعيد آخر ؛ شهدت الساعات الماضية زحمة كلمات و لقاءات صحفية للعديد من ألمسؤولين منها المؤتمر الصحفي لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة و خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمناسبة يوم الشهيد و آخرها ألمقابلة التلفزيونية ليل أمس مع فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بألتزامن طبعآ مع العديد من التغريدات السياسية تراوحت في مجملها و في قراءة مضامينها ألعميقة ضمن مُجلد التوجيهات و التمنيات أو ألإقتراحات و ألمواقف في ظل تعقيدات المشهدية السياسية ألمتأزمة محليآ و إقليميآ دون ألولوج حتى ألآن الى خطوات عملية إنقاذية لبلد يحتضر ..!
ألحال إذن في ألرهان على عودة الموفد الفرنسي “فارنو” إلى بلده عَسى يستطيع أن يُحضِر او يُرسل وصفة الدواء ذات التركيبة ألحكومية السحرية بمفعولها العجائبي و ألمذيلة بألتوقيع ألثلاثي واشنطن-باريس-طهران و بعد ذلك لكل حادث حديث ..!