البحث عن رجل دولة ينقذ ما تبقى من وطن..!


بقلم العميد منذر الايوبي*

في عمق الازمة التي يمر بها لبنان ثلاث، السياسي. المالي والاخلاقي.. في الشق السياسي ارباك وتشوش حد الفشل؛ وتستخدم “حالة الارباك او الارتباك” Confusion مبدئيآ كمقياس لمدى صعوبة معضلة التنبوء.. اما اعتلاج المعلومات Information Entropy في المعادلة الرياضية “البت” فتفسيرها
انها متوسط مستوى المفاجأة او عدم اليقين المتأصلة في النتائج المحتملة للمتغيرات العشوائية.. وانطباقها على الانتخابات الرئاسية يجوز طالما ان العشوائية سيدة الموقف، والمعضلة “العقدة” بانتظار الحل الخارجي من الخماسي الدولي، الذي طالته ايضآ عدوى الارتباك الظاهر، المتبلور في جولات السفراء على السياسيين المتورطين والمتواطئين مؤشر إرباك، تخبط واثبات..!

في الشق المالي؛ حالة السطو Burglary بمعنى الاستيلاء على مال الغير بالقوة، كما يعتبر السطو على الاعداء الهجوم عليهم قهرآ وبطشآ، والعمل بالحالتين تم، اذ ارتكب الجرم بالتمادي بحق المواطنين اللبنانيين عبر سرقة جنى اعمارهم مدخراتهم وافقارهم، لكأن عدواً أرحم بهم .. اما اساطين الزمان فنخوا منهم بمعنى استنكفوا، مهربين اموالهم في خلسة عشرة ايام من بداية اقفال المصارف، ثم الاستزادة مع كل حدث احتجاجي من مودعين بائسين إثر الانهيار الكبير.. وإذ كابرت الطبقة السياسية وناورت لاعادة هيكلة القطاع المصرفي مطلب رئيسي لصندوق النقد الدولي، بالتزامن مع تقارير علمية واحصائية محلية ودولية نتاج تحقيقات حول غسيل مليارات الدولارات خارج البلاد من جانب كبار الاوليغارشية الحاكمة البلد والمستحكمة في مقدراته، اصبحت الازمة متفلتة حال إستحالة عبور اي مسار للمعالجة جدي نقي ونزيه ..!

في الشق الاخلاقي؛ Morality سقطت منظومة القيم الجالبة للخير والطاردة للشر وفق الفلسفة الليبرالية، وهي امتياز السلوك الانساني، فيما تعد الاخلاق وفق الابجدية اليونانية طاقم معتقدات ومثاليات اجتماعية ومهنية تتخلل الفرد والمجتمع.. واذا كانت المسؤولية القانونية تتحدد بالتشريعات والقوانين، فالاخلاقية اوسع واشمل من دائرة القانون لارتباطها بعلاقة الانسان مع ذاته، مسؤولية امام نفسه وضميره.. كما تتبدى الخلفية الايمانية مأزق فكري لجهة الحفاظ على المقياس الاخلاقي من التشويش.. وكلا المسؤوليتين منعدمتين لدى المنظومة دون مبالغة..!


من جهة اخرى؛ انعكس ما تقدم على الديموغرافيا “علم السكان” اللبنانية كمآ ونوعآ، التي بدأت تتهاوى نتيجة قسرية للنزوح واللجوء؛ بالتوازي مع (التحول الجغرافي) Geographic Transition، وبصرف النظر عن الاحصائيات فان الهيكلية السكانية المرتبطة بعوامل عدة كالتنمية والتعليم والتغذية والثروة، وبالتالي مستويات الرفاهية المعيشية لم تعد مستوية.. لَحظ توقع انفجار سكاني من شريحة النازحين السوريين لم يعد بعيدآ، طالما ان عجز الدولة عن اية مبادرة متزامن مع تواطؤ اممي غير مبرر ، ما يضع التركيبة اللبنانية في موضع الخطر والانحلال..!

في الاستحقاق البلدي، التدابير اللوجستية واتمام الجهوزية وجهي مسكوكة واحدة.. اسدلت الستارة على تأجيل صنو تعطيل في اجواء متشنجة اسقطت احترام المهل الدستورية واستمرارية عمل الادارات المحلية…


في عودة التفاهمات على المسرح الاقليمي “السعودية- الايرانية؛ التركية- المصرية، والسورية- التركية” الخ.. كما انهاء الحرب اليمنية وعودة سوريا الى الجامعة العربية بقرار جامع عرابته المملكة خواتم مقبولة بعد تبريد مرحلي متسارع.. لكن ما يثير الريبة ويدعو للاسف رغم كل الدعوات والتحذيرات انهزام الافرقاء المحليين وانعدام القدرة على استغلال الفرصة المؤاتية وبالتالي المسؤولية الوطنية.. انغماسية نكايات بهلوانية صبيانية صراع بالسلاح الابيض والورقة البيضاء، ترى الكلمة اشد تأثيرآ، لطالما حَوَّت تهديدآ معتادآ بفتنة اشد من القتل..
في آخر المطاف؛ “التضاغط” tensegrity في علم الميكانيكا هو موضع تقارب الجزيئات والتخلخل حيث تتباعد اما الاهتزاز فدائمآ لاسفل دون اتزان..
قد تكون تسوية مضغوطة منتظرة مفروضة ان حصلت، او جلسة اجترار وقائع على طاولة حوار مقلقله مستعرضة سبقت؛ المشترك في كلا الامرين هدنة مرحلية قد يكرسها رجل دولة غير متنكر لمواقفه وعلاقاته مرحلة نهوض وخلاص، مبتعدآ في آن عن جهوية في الاداء او عشائرية في الالتزام كما عن طائفية بغيضة..!

بيروت في 18.04.2023