الأزمة الاقتصادية اللبنانية يمكن حلها باعتبار الصرافين أعداء

بقلم : بهزاد نیلی

بداية لا بد من التأكيد على ان ما يحصل في سياق عمليات صرف العمله اللبنانيه، لا يمكن فهمه ولا تفسيره الا في إطارالاحتيال والحرب النفسية.

باختصار، ان ما يجري هو عمليات نصب وسرقه في منتصف الليل. وبامكان اللبنانيين وسواهم ان يعيدوا خفض سعرالدولار وتعويم سعر العملة اللبنانية من خلال مقاطعة التداول بالعملات الاجنبية في خلال ايام وتخفيض سعره 40 مرة.

يمكن للبنانيين ان يكونوا مثل اليابانيين، وهذا مصداق يصح العمل به بفنزويلا وبسوريا وبايران ولكن للأسف الشعبنائم والنصابين ما زالوا  مصرون على رفع ارقام الدولار وتخفيض سعر العملات المحلية بإرادتهم.

ما هو حافز الصرافين؟

وحين نتحدث هنا عن الصرافين فإن المقصود هو كل الجهات التي تتعاطى بيع وشراء العملات والبنوك والمراكز والشركاتالمالية.
وبالطبع، فإن الصراف بهذا المعنى، ينتفع كلما ارتفع سعر الدولار، وكلما تضاعف سعر الدولار يتضاعف ربحه، لان ذلكيعني ببساطة انه حصل على ٥٠ بالمئة من حسابي عن طريق السرقة.

كيف؟ نحن نعرف ان مدخول الصراف من الليره ومن الدولار.وحين تكون بضاعته دولار وبامكانه ان يسحب في عمليةاحتيال ونصب في ليلة واحدة٥٠% من حسابك فهل سيعمل او حتى يقول ان سعر الدولار سوف ينزل؟ يعني علىافتراض ان سعر الدولار انخفض بشكل مفاجئ الى نصف ما كان عليه امس، فان ذلك يعني ان الصراف خسر ٥٠% منرأس ماله، لأن بضاعته هي الدولار، وبالتالي فان كل ما سرقه من حسابات الناس سيعود اليها على أعتبار. ان بضاعتهدولار.

فهل يمكن انه من تلقاء نفسه سيعمل على تخفيض سعر الدولار؟ على العكس من ذلك فإنه دائما ما سيعمل على رفعسعر الدولار تماشيا مع مصلحته.

لكن على الناس ان تتحكم هي بسعر صرف العملة ولا تدع الصرافين يقررون مصير ثرواتهم واموالهم، وذلك ممكن منخلال إجراءات سنأتي على ذكرها لاحقاً.

ومن الطبيعي ان ذلك سيعد عملاً وطنياً بطولياً لأنه عمل من اعمال حمايه العمله الوطنية.

لكننا حين نسلّم جميعاً بعدم المحاسبة وعدم رفع الصوت في وجوه السارقين من الصرافين وسواهم، فإن ذلك معناه انناتركنا له الساحة ليضعوا الاسعار التي يريدونها من دون حسابات ومن دون اي حسيب او رقيب، وهذا ما جعل فعلاًالوضع الاقتصادي في لبنان ينهار ويصل الى الحضيض، لعدم غياب المساءلة والمحاسبة،  وهو بالذات ما جعل الدولاريرتفع الى اكثر من 20 ضعفاً وما يزال يتأرجح ويعد اللبنانيين بالمزيد من الخراب والانهيارات المتتالية على كل الصعدالحياتية والمعيشية والاجتماعية.

علمياً، وطبيعياً فإن سعر الدولار كما ارتفع 20 ضعفاً واكثر فإنه من الحتمي ان يعود وينخفض 20 ضعفاً واكثر مرةثانية.

ولكن هل يمكن ان يحصل هذا عملياً ؟ وهل حصل ذلك بعد الحرب الاهليه؟ بالتأكيد لا، وذلك بسبب اللبنانيين انفسهمالذين يشترون من الصراف طوعا وبالسعر الذي يفرضه عليهم بإرادته.

ما هو الحل إذن؟

الحل هو في تعميم ثقافة اجتماعية على الجميع تعتبر ان الصراف بما يعنيه من مؤسسات مالية ومنصات وبنوكوسواه ، هو عدوك الفعلي وعليك ان تتخلص بأي طريقة من اجراءاته، كأن تقاطع شراء الدولار، وهذا الامر تم تجربتهسابقاً في دول محددة وكانت نتائجه مقبولة.

وبالفعل هذا ما يحدث اسواق السلع باليابان حيث ما ان يشعر الناس بارتفاع سعر اي سلعة ولو كان الارتفاع محدوداًولا يتعدى ال 10 % حتى يقاطعون السلعة، ويجبرون البائع على اعادة اسعارها الى ما كانت عليه ولو بالخسارة.

وهناك العديد من المقالات والدراسات والنظريات الاقتصادية المنشورة التي تبين كيف ولماذا لا ترتفع الأسعار في اليابانأبداً منذ 25 عاماً؟

وثمة مقارنة اخرى . فيوم احتل صدام الكويت، في العام 1990، ترسخ اعتقاد كان شبه مؤكد لدى غالبية الماس بأن الامر انتهى، والكويت صارت جزءا من العراق حتى المقيمين في الكويت من ضمنهم عائلتي ابي وامي اعتقدوا بذلك واخذوا كل حياتهم وانتقلوا الى بلدانهم، ولم يكن هناك من امل عند احد بان الكويت سوف يعود. ولكن المفارقة هنا انه حتى في خلال اشهر الاحتلال العراقي للكويت، فقد بقي سعر الدينار الكويتي على حاله ولم يتغير فلساً واحداً.

اضافة الى ذلك فإن هناك عدداً كبيرا من الامثلة في دول عديدة تعرضت لخضات واحداث فعلية وعملانية ومنها ما تعرض للنهب الممنهج لثرواته لكنها لم تصل الى ما وصل اليه لبنان على مستوى صرف العمله، ولم تشهد عمليات الاحتيال والحرب النفسية والنصب والسرقات التي حدثت لمالية الدولة وخزائن البنوك وما الى سوى ذلك.

لكنني اكرر ان الشعب اللبناني قادر من خلال المقاطعه الفعلية والحقيقية والجادة ان يعيد الدولار الى سعره الطبيعي والمنطقي، وباستطاعته ان يكون مثل اليابانيين ويفرض مقارباته على التجار والفجار والسراق واللصوص، وهذا ايضاً يمكن ان يكون مصداقاً لفنزويلا وسوريا وايران، لكن ماذا يمكنك ان تفعل اذا كان الشعب نائم والسراق واللصوص يسرحون ويمرحون؟.