الأدوية المحظورة في الرياضة تخل بأُسُس المنافسة وتسبب مخاطر صحية

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف*

قد يؤدي استخدام أدوية تحسين الأداء إلى حظر الرياضي من ممارسة رياضته وقد يضر بصحته أيضاً، لذلك؛ حظرت السلطات الرياضية العديد من الأدوية والمواد الأخرى، ليس لأنها تمنح الرياضي ميزة غير عادلة على المنافسين الآخرين فقط؛ بل لإنها تسبب مخاطر صحية عديدة عند تعاطيها أيضاً.
صُنِّفت الأدوية والعمليات المحظورة من قبل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات WADA في مجموعات عدة:
1- الأدوية والعمليات المحظورة في الأوقات كلها:
وهذا يعني أن المادة أو العملية محظورة في المنافسات وخارج أوقات المنافسات أيضاً.
وتشمل المواد المحظورة في الأوقات كلها:
المواد غير المعتمدة أو غير الموافق عليها.
العوامل البنائية مثل 1-أندروستينيديول Androstenediol
الهرمونات الببتيدية، وعوامل النمو، والمواد الأخرى ذات الصلة، والمقلدات مثل الإريثروبويتين Erythropoietin (EPO).
2- مناهضات بيتا مثل السالبوتامول Salbutamolالهرمونات ومعدلات الاستقلاب.
3- المدرَّات والعوامل المقنِّعة (مثل الديسموبيرسين والأسيتازولامايد والفورسيمايد والكلورتاليديون والإنداباميد).
أما بالنسبة للعمليات المحظورة، فهي تشمل:
التلاعب بالدم وبمكوناته (كإدخال أي كمية من الدم أو منتجات خلايا دم حمراء من أي أصل إلى الدورة الدموية)
التلاعب الكيميائي والفيزيائي (كالعبث والتزوير أو محاولة التزوير لتغيير شرعية العينات المجموعة).
التنشيط الجيني والخلوي (كاستخدام الأحماض النووية أو نظائرها من الأحماض النووية التي قد تغير تسلسل الجينوم أو التعبير الجيني بأي آلية).
2- الأدوية المحظورة في المنافسات:
وهي تشمل المنبهات والمخدرات ومواد القنب الطبيعية والصناعية والقشرانيات السكرية (الغلايكوكورتيكوئيدات).
3- الأدوية المحظورة في رياضيات معينة:
وهي مواد محددة محظورة لبعض الرياضات، منها ما حُظِر في خلال المنافسات؛ ومنها ما هو محظور في الأوقات كلها.
وتشمل هذه المواد:
حاصرات بيتا:
وهي محظورة في وقت المنافسات بالنسبة للرياضات الآتية:
– رياضات السيارات.
– البلياردو.
– الغولف.
– التزحلق على الجليد.
– التزلج.
– الرياضات تحت الماء ورياضات حبس النفس.
– رياضة إصابة الهدف وقطع النفس المتغير الوزن.
وتكون محظورة في وقت المنافسات وخارجها بالنسبة للرياضات الآتية:
– الرماية.
– الرماية بالبندقية.
وتختلف مخاطر تعاطي هذه المواد فيما بينها اعتماداً على طبيعة المادة؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر:
الستيروئيدات البنائية:
يتناول بعض الرياضيين بعض أشكال الستيروئيدات البنائية لزيادة الكتلة العضلية والقوة لديهم، إلا أنها قد تؤدي لدى الرجال إلى تطور أثداء بارزة، وانكماش الخصيتين، والعقم، وتضخم البروستات.
وقد تؤدي لدى النساء إلى تطور صوت غليظ، وتضخم البظر، وزيادة شعر الجسم والصلع؛ وكل هذه الأعراض قد تكون لا عكوسة، وقد تغيب الدورة الشهرية أو تصبح قليلة الحدوث.
و قد يعاني كل من الرجال والنساء من حدوث حالات شديدة من حب الشباب، وزيادة خطر الإصابة بالتهاب الأوتار وتمزقها، وشذوذات في الكبد وأورام فيه، وزيادة مستويات البروتين الشحمي المنخفض الكثافة (الكوليسترول الضار LDL)، وانخفاض مستويات البروتين الشحمي المرتفع الكثافة (الكوليسترول المفيد HDL)، وارتفاع ضغط الدم، ومشكلات في القلب والدورة الدموية، وتطور سلوكيات عدوانية وهياج وعنف، فضلاً عن الاضطرابات النفسية كالاكتئاب، وإدمان الدواء والاعتياد عليه، وخطر حدوث عداوى خطيرة كالـHIV أو التهاب الكبد في حال حقن الأدوية، وتثبيط النمو والتطور، وخطر حدوث مشكلات صحية في المستقبل عند المراهقين.

استُخدِم الأندروستينيديون Androstenedione -على سبيل المثال- من قبل السباحين الأولمبيين من ألمانيا الشرقية والرياضيين الآخرين في السبيعينيات والثمانينيات من القرن الماضي لتحسين أدائهم، وقد اعترفت العداءة الأمريكية ماريون جونز باستخدام التتراهيدروجيسترينون THG؛ مما أدى إلى عدم احتساب نتائجها في المسابقات بعد أيلول/سبتمبر 2001.
هرمون النمو البشري:
وهو هرمون ذو تأثير ابتنائي أيضاً، يأخذه بعض الرياضيين لتحسين كتلة العضلات وأدائها لديهم، ومع ذلك؛ فلم يظهر -على نحو قاطع- أنه يحسن القوة أو القدرة على التحمل.
تتراوح الآثار الضارة المرتبطة بهرمون النمو البشري في شدتها؛ وقد تشمل آلام المفاصل، وضعف العضلات، واحتباس السوائل، وداء السكري، واضطرابات في الرؤية، ومتلازمة النفق الرسغي، وخلل في تنظيم الغلوكوز، تضخم القلب، وارتفاع ضغط الدم.
وقد أُوقِف لاعب كرة القدم الأمريكية (الرغبي) الإنجليزي تيري نيوتن في عام 2010 بعد أن أظهرت التحاليل نتيجة إيجابية لهرمون النمو البشري، كذلك؛ فقد مُنعَت العداءة البلغارية إينا إفتيموفا من المنافسة في عام 2012 للسبب ذاته.
الإريثروبويتين:
وهو نوع من الهرمونات المستخدمة لعلاج فقر الدم لدى الأشخاص المصابين بأمراض كلوية شديدة؛ فهو يزيد إنتاج خلايا الدم الحمراء والهيموغلوبين الذي ينقل الأكسجين إلى أعضاء الجسم؛ الأمر الذي يحسن حركة الأكسجين إلى العضلات بالنتيجة. ويتناول رياضيو التحمل الإيبويتين Epoetin؛ وهو الشكل الاصطناعي من الإريثروبويتين.
كان استخدام الإريثروبويتين شائعاً بين راكبي الدراجات، وزُعم أنه المساهم في وفاة 18 شخصاً على الأقل؛ إذ يؤدي التناول الخاطئ للإريثروبويتين إلى زيادة خطر الإصابة بالسكتة والنوبات القلبية والانصمام الرئوي.
وقد أثارت جولة فرنسا لعام 1998 Tour de France جدلاً كبيراً عندما استُبعد فريق فيستينا Festina بأكمله بعد العثور على عدة مئات من جرعات الإريثروبويتين ومواد منشطة أخرى في سيارة الفريق، واستمر ارتباط الإريثروبويتين بهذه المسابقة؛ فقد أُثبِت تعاطي لانس أرمسترونغ للإريثروبويتين في انتصاراته السبعة في هذه المسابقة. وارتبطت هذه المادة برياضات أخرى أيضاً؛ كالملاكمة مع شين موسلي في عام 2003، والمشي لمسافة 50 كيلومتر مع أليكس شوازر في عام 2012، وألعاب القوى مع رشيد جيكوبس في عام 2008.
المدرَّات:
وهي الأدوية التي تسبب إدرار البول فتغيُّر التوازن الطبيعي للسوائل والأملاح (الشوارد) في الجسم، مما قد يؤدي إلى الجفاف. يمكن أن يقلل فقدان الماء وزن الرياضي، وقد يستخدم بعض الرياضيين هذه المدرات لاجتياز اختبارات الأدوية عن طريق تمديد بولهم، ويشار إليها حديثاً باسم “عوامل التقنيع”.
ُعرِّض مدرات البول المُتناولة بأية جرعة -حتى الجرعات الموصى بها طبيَّاً- الرياضيين لعدّة تأثيرات ضارة كالتجفاف، وحدوث تشنجات عضلية، والدوار، ونقص مستويات البوتاسيوم، وانخفاض ضغط الدم، وفقدان التنسيق والتوازن، والموت.
وقد أثبتت التحاليل تعاطي أنجح لاعبة سباقات مضمار في جامايكا -فيرونيكا كامبل_براون- لمدرِّ بولٍ محظور في عام 2013، بالإضافة للاعب الكريكيت الأسترالي السابق شين وارن الذي اتَّضِح تعاطيه لمدر بول محظور في عام 2003؛ مما أدى إلى حرمانه من ممارسة أشكال لعبة الكريكيت جميعها لمدة 12 شهراً، وغيابه عن كأس العالم لعام 2003 بالنتيجة.
وفي النهاية؛ يجب التركيز على أهمية الصحة؛ فالفوز مهمٌّ بالطبع، ولكن هل يستحق تلك المجازفة؟ بالتأكيد لا! فلا يجب على الرياضي أن يخاطر بسلامته أو بسمعته بين الناس في سبيل تحسين أداء قد لا يكون كافياً للفوز حتى في الكثير من الحالات.

————————————

رئيسة القسم الثقافي في “الدنيا نيوز”.