إقبال “مفاجئ” على معرض المحجّة 2023 رغم أزمة العبء المكانيّ للكتاب .. وبيرم يقدم “رؤية ثورية”

خاص- “الدنيا نيوز”

 

بقلم : سلوى فاضل*

لم تكن مغامرة إدارة “دار المحجة” عبثا، بل جاءت في توقيتها الصحيح، خاصة أن الاقبال المتنوّع لقاصديه الذي لفت المنظمين.. فتنوّع العناوين الهائل والكبير يضع المهتم في حيرة كبيرة فيما يخصّ المُفاضلة والاختيار في ظل الغلاء الفاحش.

وما لفت في حفل الاختتام هذا هو تقديم وزير العمل لرؤية جميلة حول دور الفتية في تغيير التوّجهات العامة والكبرى للأمة، مُستعينا بتفسير مُتجدد وثوريّ للقرآن الكريم.

وربما جاءت جهود القيّمين أكثر مما وجب، لكون المواطن اللبناني في غير وارد وفي غير دنيا، نظراً للأزمات المُتتالية، ولبُعد الموقع الجغرافي عمليّا للمعرض عن المركز (بيروت)، كما هو حال قاعة (البيال أو سي سايد آرينا) التي تُشكّل كل عام عبئا على البقية الباقية من القرّاء المنتشرين في كل لبنان كنقاط سوداء على لوحة بيضاء.

حاول كل من الحاج علي نورالدين والحاج أحمد الخرسا تحريك الراكد في سوق المطالعة، وادخالها في “بازار” التجارة، لكن وعلى ما يبدو أنه_ ورغم ارتفاع نسبة الشراء ما ببن 5 و17 آيار في “كافيه” شعبية، إلاّ أن الاقبال كان ليكون أعلى بكثير لو أن ثمة مُنشد أو احتفال سياسي أو معرض أطعمة مثلا.

افتتح المعرض واختتمه وزير مُثقف، بل متناسب مع الفكرة الثقافية، وخارج عن اطار “ما يطلبه الجمهور”، وهو معروف بندواته على صعيد التنمية البشرية، لكنه ذكرنا بالمحاضرات التي كان يُقدمها الدكتور حسن جابر في قاعة “إتحاد الطلبة المسلمين” في ثمانينيات القرن الماضي في الغبيري، وهذا ليس انتقاصا، بل للقول إنّ الفكرة العقدية المُلتزمة غادرتنا منذ زمان، وحلّ محلها تقنيات العالم الافتراضي، وما لف لفها من تقدّم تقني آخرها “تشات جي تي بي”.. فلا مكان للعقيدة اليوم، بل المطرح للكتاب الإلكتروني مثلا، ولكل ما هو مُزلزل للرواسخ، ومُدمر للأنسنة، ومُبيح للتشيؤ ولكل ما هو إفتراضي.

فنحن المجتمع المشرقي الفقير، لا زلنا نعتبر الكتاب الورقي علامة الثقافة، في حين أن حياتنا بتمامها تحوّلت إلى الاتكال على الآلة. بل وصارت كافة تعاملاتنا جزء من التقانة ليست الألية بل الإفتراضية اللاملموسة في مرحلة ما بعد الحداثة بأشواط. فالملايين من الكتب، مثلا، صارت عبارة عن “لنك” يُمرر إلى القارئ عبر “التلغرام” مثلاً وبكبسة إلكترونية.
فلا رؤية بيرم الثورية تنفع اليوم، رغم جماليتها وتماسكها، ولا الكتاب الورقيّ المُكدس كأوراق العملة العراقية في أكياس الخيش في أيام الحصار والأزمات، والعملة اللبنانية حاليا.. ربما من هنا أطلق نورالدين والخرسا فكرتهما المميزة “من لا يملك ثمن الكتاب فليحمله مجانا”، في محاولة للخلاص من العبء المكاني للورقيّ.

وما اختتام بيرم إلاّ نوع من “نوستالجيا” نحبها جميعا نحن الجيل الماضي.. لكنها لا تعني أبدا الجيل المستقبلي.. فالتأويل الديني تطوّر أيضاً.

——————————-

*صحافية