إشارات الواي فاي هل تعبر الجدران؟

 

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف*

تعد إشارات الوايفاي WIFI نوعًا من أنواع الإشعاعات الكهرومغناطيسية، مثل الضوء المرئي. تمرُّ الموجات الكهرومغناطيسية ذات الطول الموجي الذي يقع في نطاق إشارات الوايفاي عبر الجدران بنفس السهولة التي يمر بها الضوء عبر النوافذ الزجاجيّة. واحدة من أكثر المشاكل شيوعًا في العالم الحديث هو عدم توافر خدمة الوايفاي، وخصوصًا عندما تكون في أمسِّ الحاجة إليها!
بعض خصائص تقنيات الوايفاي لو ذكرتها قبل بضعة عقود ستجعل الناس يتهمونك بالجنون، مثل وجود تقنية تمكنك من بث مقاطع الفيديو والاتصال ببقية العالم لا سلكيًا، هذا الأمر كان بمقدوره أن يحيّر عقل الجميع.
إضافة إلى ذلك فإن إشارات الوايفاي تستطيع الوصول إلى جهازك حتى لو كان جهاز التوجيه (الراوتر router) بعيدًا عنك، لأن تلك الإشارات تعبر الجدران والنوافذ، أي ستكون قادرًا على تصفح الإنترنت باستخدام الوايفاي حتى لو كان جهاز التوجيه في غرفة مختلفة.
أليس من الغريب أن الضوء لا يستطيع العبور عبر الجدران على عكس إشارات الوايفاي؟ كيف يكون ذلك ممكنًا؟

بالتأكيد لقد صادَفتَ إشعاعًا كهرومغناطيسيًا مؤخّرًا! فنحن محاطون بها دائمًا، الضوء المرئي وتقنية البلوتوث حتى إشارات الوايفاي والأشعة تحت الحمراء، إنها موجودةٌ في كل مكان، ومن وجهة نظرٍ تقنيّة فإن الإشعاعات الكهرومغناطيسيّة هي شكل من أشكال الطاقة التي تنتقل بسرعة الضوء وتصنف إلى موجات الراديو وأمواج المايكروويف والأشعة فوق البنفسجية وهكذا، اعتمادًا على ترددها أو طولها الموجي.
توجد ستّة أنواع رئيسية من الإشعاعات الكهرومغناطيسية سابعها الضوء المرئي. أمواج الراديو واحدةٌ من تلك الأنواع وتقنية الوايفاي تعمل في المجال الترددي لتلك الأمواج.
تستخدم تقنيّة الوايفاي موجات الراديو لإنشاء اتصال بين جهازين أو أكثر، ويوجد ترددان رئيسيّان لتلك الأمواج اعتمادًا على كمية البيانات المُراد نقلها إما 5 غيغا هرتز أو 2.4 غيغا هرتز: كلما ازدادت كمية البيانات المنقولة في الثانية الواحدة ستحتاج إلى تردد أعلى. وعلى ذلك فإن الأمواج ذات التردد 5 غيغا هرتز تُستَخدم لإرسال كميات كبيرة من البيانات بين الأجهزة.
كيف تعبر إشارات الوايفاي الجدران ؟
عندما تصل الأمواج الكهرومغناطيسية إلى سطح ما، يوجد ثلاثة احتمالات ممكنة:
عبور الأمواج خلال السطح.
انعكاس هذه الأمواج عن السطح.
امتصاص السطح لتلك الأمواج.
عندما يعكس جسم ما طولًا موجيًا معيّنًا للضوء المرئي، يصبح اللون المرتبط بهذا الطول الموجي هو لون الجسم.
مثال على ذلك، يكون لون التفاحة أحمر لأنه عندما يسقط الضوء على سطحها، فإن الطول الموجي للضوء الذي تعكسه هو الأكثر ارتباطًا باللون الأحمر.
السؤال الثاني الآن، ما الذي يجعل الجسم يمتص أو يعكس أو يكسر طول موجي معين من الإشعاع الكهرومغناطيسي؟
جواب هذا السؤال يعتمد كليًّا على تكوين الجسم.
كما نعلم، كل شيء في هذا الكون مصنوع من أجزاء صغيرة تسمى الذرات، حجم هذه الذرات والمسافات بينها هو الذي يحدد ما إذا كان هذا الجسم سوف يمتص موجة معينة ذات طول محدد من الإشعاع الكهرومغناطيسي أو أن يسمح لها بالمرور.
بالنسبة للضوء المرئي عندما تغلق باب غرفة نومك، لا يدخل الضوء من الخارج إلى غرفة نومك، أليس كذلك؟ لم لا؟
ذلك لأن الضوء المرئي لا يمكن أن يمر من خلال الأجسام الصلبة، مثل الجدران أو باب غرفة النوم الخاصة بك. لكن بإمكانه أن يمر بسهولة من خلال بعض الأشياء الصلبة الأخرى كالنوافذ الزجاجية.
هذا هو بالضبط السبب في أن إشارات الوايفاي قادرة على المرور عبر الجدران والأبواب.
وكما أن النوافذ الزجاجية شفافة للضوء المرئي، فإنّ الجدران شفافة لإشارات الوايفاي وذلك لأن التردد (أو الطول الموجي) لإشارات الوايفاي تجعلها قادرة على اختراق الأجسام الصلبة، ولكن بالطبع إلى حد معين.
فإذا كانت الجدران سميكةً جدًا، لن تتمكن إشارات الوايفاي من المرور خلالها. أيضًا بما أن إشارات الوايفاي تنتقل عبر الهواء، فهي تتعرض للتّشتّت، وهذا يعني أنها ستفقد بعضًا من طاقتها.
بالتالي إذا كان لديك راوتر داخل غرفة محاطة بجدران خرسانية سميكة، فلن تحصل على أي استقبال للوايفاي خارجها. وبالمثل، لن تحصل على استقبال وايفاي جيد على جهازك إذا كان الراوتر على مسافة كبيرة بعيدًا عنك (150-300 قدم).
ببساطة، الجدران شفافة تمامًا لإشارات الوايفاي كما هو حال النوافذ الزجاجية بالنسبة للضوء المرئي، وهذا هو السبب في أن إشارات الوايفاي يمكن أن تمر بسهولة عبر معظم الجدران وتضمن لك البقاء على متصلًا  بالإنترنت!

————–

رئيسة القسم الثقافي في جريدة “الدنيا نيوز”.