أغنيات لها حكايات .. أحببناها ورددناها من دون الاطلاع على أحداثها..

 

 

الدنيا نيوز – دانيا يوسف

تصل إلى مسامعنا يوميا وتأخذ مكانا في الوجدان عشرات الأغنيات، قليل منها ما يكون مرتبطا بقصة ما شخصية، أو حدث تاريخي قامت الأغنية بتخلديه، مثل أغنية “عالروزانا” التي أرّخت لكرم أهالي حلب، ومساندتهم للفلاحين اللبنانيين في وجه التجار الأتراك.
وحملت بعض الأغاني بعدا إنسانيا أو شخصيا، مثل أغنية : “زوروني كل سنة مرة”، التي عالجت العلاقات الاجتماعية داخل نطاق العائلة.
وفي كلا الحالتين، يرتبط دور الفن بتأريخ تلك اللحظات، التي يُمسك بها لحن جيد وكلمات تعبّر عن الحدث.
في هذه المقالة، نستعرض 3 أغنيات ارتبطن بذائقتنا السمعية، ولكن كثيرا منا لا يعرف المعاني وراء كلماتهن.
الحب يذهب إلى حلب
إن بدأنا بالفلكلور الشامي مثلا، فسنجد أن هناك أكثر من رواية وراء قصة أغنية “عالروزانا”، ولكن الرواية الأكثر منطقية تاريخيا هي ارتباط الأغنية بزمن الخلافة العثمانية، وقت وقوع المجاعة الكبرى في بلاد الشام بداية القرن التاسع عشر.


يؤكد جوهر الرواية قدرة أهل حلب على المؤازرة والعطاء، إذ أن سفينة عثمانية محملة بالتفاح والعنب وصلت إلى لبنان لتبيع حمولتها بأسعار منخفضة، بقصد إغراق السوق اللبنانية، مما كان سيعرّض المزارعين في بيروت للإفلاس، ومحصولهم للخراب، وهو ما جعل اللبنانيين يشكون قدوم الروزانا لله بقولهم “الله يجازيها”!
لم يرضَ بذلك تجار حلب -كانت الأخيرة العاصمة الاقتصادية لبلاد الشام- فقاموا بشراء المحصول اللبناني بأسعاره الحقيقية، لمنع كساد إنتاج اللبنانيين من محصولي التفاح والعنب، وانطلقت البضائع اللبنانية إلى حلب، والتجار اللبنانييون يرنمون بكلمات هذه الأغنية “يا رايحين ع حلب حبي معاكم راح”.
صلح بين الأشقاء
وإن سافرنا عن طريق الكلمات إلى مصر، فقد تستوقفنا أغنية “زوروني كل سنة مرة، حرام تنسوني بالمرة حرام!”، التي كتب كلماتها المؤلف المصري الشيخ محمد يونس القاضي.
ويُحكى أن القاضي مر به مرض شديد ألزمه الفراش، ما دفع أهله وجميع أصدقائه لزيارته، وهذا أمر اعتيادي بين الناس، لكن الذي لم يكن متوقعا هو زيارة شقيقته له خلال مرضه، التي كان على خلاف معها، وصل حد تقديم الشكاوى القضائية بسبب الميراث، وهو ما جعله يتساءل في الأغنية “أنا عملت إيه فيكم.. تشاكوني وأشاكيكم؟”. إلا أن هذه البادرة الطيبة من أخته كانت خاتمة للخصام، ما دفع كليهما لإسقاط القضايا المرفوعة. أما كلمات الأغنية فكتبها القاضي تعبيرا عن سعادته بالزيارة، مطالبا بتكرارها سنويا.
سؤال الناس عن الحبيب
بالعودة إلى بلاد الشام، لبنان تحديدا، وإن أردنا الحديث عن الموسيقى والتاريخ الغنائي فلا بد أن تتجلى صورة السيدة فيروز وهي تغني بصوتها النقي على خشبة المسرح، فيما يعم الهدوء المكان.
في عام 1972، أصيب عاصي الرحباني -زوج فيروز- بنزيف في المخ دخل على إثره إلى المستشفى. وخلال مكوثه هناك، كتب أخوه منصور الرحباني أغنية “سألوني الناس”، لكي تغنيها فيروز في مسرحية “المحطة” تعبيرًا عن حزنها لغياب عاصي، وهذا فعلا ما حصل بعد أن لحن الأغنية الابن زياد الرحباني وهو في عمر الـ17.
نالت الأغنية نجاحا كبيرا، إلا أن عاصي ألغى الأغنية من المسرحية -بعد شفائه- ظنا منه أن الغاية منها كانت المتاجرة بمرضه، لكنه أعادها فيما بعد إلى المسرحية نتيجة لنجاحها الكبير. وفي حزيران/يونيو عام 1986، غنت فيروز الأغنية مرة أخرى، لكن عاصي لم يكن موجودا حينها إذ كان قد غادر الحياة، وعندما وصلت فيروز إلى المقطع الموسيقي الذي تقول فيه “لأول مرة ما بنكون سوا” توقفت عن الغناء، ولم تتمكن من إتمام الأغنية…

_______________