المخرج من الاستعصاء الرئاسي باستعادة ثوابت الصيغة اللبنانية (لا غالب ولا مغلوب)..!!

 

بِقَلَم العَميد مُنْذِر الايوبي*

وللأشواق عودة ملامح لطالما ارتسمت على محيا الموفد الفرنسي الى لبنان جان إيف لودريان؛ ثم ان على جمر الانتظار ومحفزات الطموح يبحث المتبصرون النجباء عما في سحابته iCloud مِن خزين ملفات ومقترحات وخيارات معدلة تجدول آلية انتخاب مدجنة اثر حوار مرتجى، كما تنقيبآ عن توليفة مواصفات قد يمكن اسباغها على الشخص المنتقى، بالتالي عما رُصِف من احجار تردم حفرآ على مسلك الوساطة الفرنسية صنف فعالية يحدد على اساسها مقياس الرفض او القبول إثر تمزق العضلة الضامًَة بين الأخوة الاعداء..!

واذ يجمع معظم المراقبين ان الامور ليست بالسهولة المتوقعة مهما حَوَّت حقيبته طالما لا متغيرات طرأت او معطيات استجدت سواء عَلى الصعيد الداخلي او الاقليمي والدولي، ثم ان التعنت بات سمة ثابتة بين اطراف اللعبة السياسية اذ تمادى مزاوجآ فراغآ رئاسيآ استراتيجيآ إستطل اضاعة وقت قَيِم، كُرِس عجزآ مميتآ عن معالجة المعضلات الوطنية المطروحة، كالنزوح السوري والاصلاحات الاقتصادية المالية والوضع الامني المهتز مِن حين لآخر..
كما ان التعنت لدى رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو صنو عناد صفة جرمية رغم مراوغة وانكار، فحرب غزة مستمرة دون هوادة مع صفر إنتصار او تحقيق اهداف عدا دمار وقتل عشوائي، ما يعني ان جبهة الاسناد الجنوبية مفتوحة سند قول الرسول الاشرف: أنصر أخاك ظالمآ (بمعنى منعه من الظلم) او مظلومآ،.!

في السياق؛ قد يحمل جدول لقاءات المبعوث الفرنسي عَلى المرجعيات السياسية بعض ايحاءات تصب في خانة توطيد الآمال المعلقة على مشجب التسويات الاقليمية وعلى خلفية نتائج زيارتيه واشنطن والرياض بعد الاخيرة بيروت..
فيما تبقى بعد اقلاع إثر انتهاء وعودة بخُفَّي حنين ستطول ارتدادات الزيارة ضمن مدار زمني من بحث وتحليل تُظَهر برامج حوارية متلفزة تزادف جلسات انس وسمر على شواطيء بحر تمخر عبابه قوارب الموت تسللآ.في هدأة ليل من صخب الخافرات.. فيما بدت زيارة السفيرة الاميركية ليزا جونسون الى رئيس المجلس النيابي منفردة مؤشر الاهتمام المستجد تسقط علامة التعجب عن خطوط المسار..

مِن جهة اخرى، باتت كتلة الاعتدال الوطني في سعيها وحضورها السياسي ثابتة جدية الاداء أرسَت ثقة ذات قبول وتشجيع سواء مِن اللجنة الخماسية الدولية ام مِن الرئيس نبيه بري، كما برهنت حيادية واقعية ملموسة نفت شكوكآ سابقة عن محاولات تسويق مضمرة لمرشح دون آخر.. كما اخلصت في دور دؤوب مقبول شعبيآ مُرَحب به برز في تواضع القول والعمل سعي تقريب رؤى وتفليص خصومة ذوي القربى، عل وعسى تساهم في جزء من فك الشيفرة الرئاسية إن لحظة حضرت، مصادفة غير متوقعة قد تسابق تموز الموعود تشابه فلتة الشوط والفوز ..!

تاليآ، رغم ان لا تمنيات امام مصالح الدول فالاستراتيجيات تحكم وفق براغماتية صوانية صلبة؛  “كم كان جميلآ” لو بدلت الطائرة الفرنسية وجهتها من بيروت الى بروكسل ليرافق الموفد الفرنسي لودريان وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب الى المؤتمر الاوروبي الثامن “حول مستقبل سوريا والمنطقة” في المهمة الوطنية الوجودية الأهم، فرضية اثبات تجرد باريس من مصالحها وسعيها الحثيث لحفظ الكيان اللبناني ودوره الحضاري، نأيآ به ودعمآ له بوجه مؤامرة أممية تُنفذ علنآ دون مهابة من دولة او رهبة من نتائج، تحمله قسرآ عبء النزوح السوري الهائل ولو على حساب البقاء..!

اخيرآ، مما لا شك فيه ان عملية طوفان الاقصى انهت حالة التبريد الاقليمي تطبيعآ وتسويات لتعود القضية الفلسطينية اساس السلام الاقليمي الشامل الدائم؛ كما ان طبيعة الصراع ادت لا بل اعادت العروة الوثقى تربط لبنان بالاقليم. من هذا المنطلق ونجاةً من مندرجات الاستعصاء السياسي يتوجب لزومآ عودة الحوار بين الافرقاء اللبنانيين على صنوف معادلات الاوائل الرجال، للرئيس صائب سلام حصته منها: “لا غالب ولا مغلوب” كما شعار “تفهم وتفاهم” الخ.. لكم فيما مضى عبرة تستحق الاعتبار وسوى ذلك مناطحة الجدار حتى تحطيم اسوار الوطن…!

بيروت في 28.05.2024
*عميد متقاعد، مختص في الشؤون الامنية والاستراتيجية