قراءة في قرارات الحكومة .. لا لتحويل المعركة الى الداخل اللبناني؟

بقلم :د قاسم قصير*

 

من الواضح أن ما جرى في الخامس من آب وفي السابع من آب في جلسة مجلس الوزراء كان تطورا خطيرا جدا لأن الحكومة اللبنانية تبنت المطالب الأميركية والإسرائيلية لنزع سلاح حزب الله والمقاومة بدون أي التزام حقيقي من قبل العدو الإسرائيلي والاميركي بالانسحاب او بإطلاق الاسرى أو وقف الإعتداءات.

هذا القرار الأولي مشروط بنقطتين:
النقطة الأولى وضع خطة من قبل الجيش اللبناني خلال شهر آب.
والنقطة الثانية القرار مشروط بمدى قدرة هذه الخطة على التنفيذ في ظل رفض مبدئي من قبل حزب الله وحركة أمل لما أقرته الحكومة.

نحن دخلنا مرحلة جديدة، هناك ترحيب دولي وإقليمي لما قامت به الحكومة لتشجيع هذه الحكومة على الاستمرار لكن هناك حالة شعبية تغلي في لبنان وشهدنا بعض مظاهرها وحتى الآن لم نذهب لما يمكن تسميته للمواجهة الكبيرة لمواجهة هذه القرارات لأن حركة امل وحزب الله حريصان على عدم الذهاب لصدام شعبي او سياسي.

نحن أمام مرحلة جديدة تتطلب رؤية متكاملة وليس مجرد الانسحاب من مجلس الوزراء أو الانسحاب من الحكومة وأي قرار سيؤخذ يجب ان يكون له تداعيات لأننا امام مرحلة جديدة بكل شي سواء بالظروف الإقليمية والدولية او الداخلية .
واذا عدنا للتاريخ فنحن امام مرحلة تجمع ما بين مرحلة الـ 58 التي أدت الى ثورة شعبية ومرحلة الـ 75 التي شهدت الحرب الأهلية ومرحلة الـ 82 الى الـ 2006 وصولا الى اليوم نحن امام مرحلة مكثفة بالمعطيات والظروف والتطورات تتطلب رؤية جديدة للمواجهة والأهم هو عنوان المواجهة وان لا تكون المواجهة داخلية بل تكون نحو العدو الإسرائيلي.

         ماذا لو اصرت الحكومة على تنفيذ القرار؟

الحكومة اللبنانية اتخذت قبل شهرين قرارا بنزع السلاح الفلسطيني في لبنان ونزع السلاح الفلسطيني اذا اعتبرنا ان له علاقة بالسيادة هو أولى من سلاح المقاومة.

وهل يمكن للجيش اللبناني أن يذهب لمعالجة سلاح المقاومة قبل معالجة السلاح الفلسطيني؟ وهل يستطيع الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية الذهاب الى مواجهة مع الفلسطنيين تحت عنوان نزع السلاح بالقوة ماذا سيحصل بالبلد تحت عنوان الملف الفلسطيني؟

الملف الثاني ان هناك حوالي مليونين نازح سوري وهناك قرارات من الحكومة اللبنانية بإنهاء قضية النازحين وهناك حديث عن خطط معينة لاعادة السوريين الى بلادهم وحتى الآن الحكومة السورية ترفض وتشترط استعادة اموال السوريين وانهاء ملف الموقوفين السوريين وغير ذلك من الشروط .
اليس أولى من موضوع مواجهة سلاح المقاومة الذي هو سلاح لبناني انهاء ملف النازحين السوريين.

لذلك ما يجب مناقشته اليوم ما هي الأولويات من يطرح أولويات السيادة اليس الاولى انهاء الاحتلال الإسرائيلي ووقف الاعتداءات الإسرائيلية.
والآن امامنا فترة خمسة اشهر لنهاية السنة ما هي آليات النفيذ .

سيكون هناك مطبات كثيرة امام تنفيذ أي خطة بهذا الاطار لكن الأهم ان لا نذهب الى ما يريده العدو الإسرائيلي والأميركيين ونحول المعركة الى معركة داخلية طائفية ومذهبية او سنية شيعية تحت عنوان مواجهة رئيس الحكومة ولا معركة مع رئيس الجمهورية ولا أي معركة داخلية والاخلال بالسلم الأهلي.

وهذه أهم نقطة اليوم حتى لا يتم تحويل الصراع ما بين المقاومة والعدو الإسرائيلي وتحويل حزب الله ومن يدعمه الى ميليشيا .

لذلك يجب التركيز أن المعركة هي مع العدو الإسرائيلي والضغط يجب ان يكون على العدو الإسرائيلي لتنفيذ المطالب اللبنانية وانهاء الاحتلال ووقف الاعتداءات وهذا يجب ان يكون هدف السلاح.

              البحث عن أرضية مشتركة

هذا الأمر يحتاج الى حوار وقد بدأ حزب الله في الأيام الماضية لقاءات مع قيادت سياسية لبنانية وهو تطور مهم ولذلك ينبغي البحث في إعادة ترتيب الأوليات لمنع تحويل المشكلة الى مشكلة داخلية.

وحتى الآن القرار الرسمي لدى حزب الله وحركة أمل بعدم الذهاب الى تحركات تسيء للامن والاستقرار الداخلي.

وأهم نقطة الآن ان يتم وضع خطة متكاملة للمواجهة سواء بالخطاب الإعلامي او بالخطاب السياسي او بالأداء وصولا لإعادة رسم الأولويات.

نحن أمام مرحلة جديدة دقيقة جدا على مستوى العالم والمنطقة وعلينا أن لا نستعجل بحسم المسائل ونحصن وضعنا الداخلي ونعيد ترتيب أداءنا السياسي والإعلامي لعدم الإنجرار لما يريده العدو الإسرائيلي، والوضع الجديد يتطلب أداء جديدا بشكل نحفظ نقاط القوة ونواجه نقاط الضعف وحماية لبنان.

المقاربة الجديدة التي أدعو إليها تتعلق بكل المسائل أولها عنوان المعركة واهم نقطة ان لا يكون عنوان المعركة طائفيا و مذهبيا بل مواجهة العدوان الإسرائيلي وهو عنوان وطني عام يمكن أن يجمع اكبر عدد من القوى، وان يكون العنوان هو السيادة اللبنانية وبسط اللبناني ويبدا بسط السيادة من تحرير الأراضي اللبنانية، والسيادة اللبنانية تبدأ بوقف العدوان والاحتلال الإسرائيلي واستعادة السيادة اللبنانية وبناء جيش قوي.

مراجعة الخطاب
نحن بحاجة الى مراجعة الخطاب ورفض أي خطاب يأخذ المعركة الى خطاب مذهبي وأي خطاب يؤدي أي استنفار سني شيعي سيكون خطابا خاطئا.

خطة متكاملة للمواجهة
والأهم هو وضع خطة كاملة ومن الخطأ اليوم التصرف كرد فعل والمطلوب تقديم رؤية متكاملة : من هم الحلفاء، علاقتنا برئيس الحكومة، علاقتنا برئيس الجمهورية، لذلك المهم عدم التسرع في المعركة.
إضافة الى موضوع أهالي القرى التي دمرت بيوتهم هؤلاء أين هم في هذه المعركة فهم يمنعون من العودة الى قراهم، ومع الأسف اليوم لا يوجد هيئة وطنية للمطالبة بحقوق أبناء القرى الحدودية، لذلك مفيد تشكيل هيئات وطنية من أجل تسليط الضوء على مشاكل هذه القرى وإعادة تفعيل كل الهيئات الموجودة وهي كثيرة.

                        في المجال الإعلامي
هناك نوع من الانفلات الإعلامي الكبير ولا يوجد مراقبة وتنتشر الاخبار المضللة وتؤدي إلى توتير الأجواء، لذلك فإن المطلوب مواكبة إعلامية وتشكيل غرفة عمليات دائمة، ونحن امام معركة كبيرة وصعبة ودقيقة تستدعي خطة طوارئ متكاملة سياسية وثقافية وإعلامية لمواجهة كل المتغيرات تحت شعارات أساسية: استقرار لبنان رفض الحرب الأهلية، ضد الفتنة الداخلية، ضد أي صدام مع الجيش اللبناني والتأكيد على ان المعركة مع العدو الاسرائيلي.

————————-

*صحافي وكاتب سياسي