حروب جون بولتون ..! ‏The Wars of John Bolton

بِقَلَم ألعَميد مُنذِر ألأيوبي*
من مايكل فلين Michael Flynn إلى جون بولتون مرورآ ب هربرت مكماستر Herbert McMaster تُختصر سياسة ألرئيس ألأميركي دونالد ترامب و قراراته ألإستراتيجية أو تلك ألمتعلقة بألأمن ألقومي تحت عبارة “ألأمر لي”.. من هذا ألمنطلق جاء قرار ألرئيس ترامب بإقالة ألمستشار لشؤون ألأمن ألقومي رقم 3 منذ بدء ولايته في حزيران 2017 حتى ألآن .! و في تغريدة له أوضح ألرئيس أن طلبه من بولتون تقديم إستقالته و ألإستغناء عن خدماته جاء على خلفية ألتناقض ألكبير بينهما لكثير من ألقضايا ألمتعلقة بألسياسة ألخارجية و ألأمن ألإقليمي ..!
لم يكن مستغربآ تعيين جون بولتون عام 2018 مستشارآ للأمن ألقومي و هو أحد مريدي ألفيلسوف ألأميركي أليهودي “ليو شتراوس” Leo Strauss مبتدع و مُنَظِر إيديولوجيا ألمحافظين ألجدد ألتي يتبناها معظم قياديي و نواب ألحزب ألجمهوري وذلك في مرحلة تخبط إلإدارة ألأميركية وفق ما وَصَف ألكاتب ألأميركي “مايكل وولف” Michael Wolff في كتابه ألأخير “نار و غضب” Fire and Fury خفايا ما يجري داخل أروقة ألجناح ألغربي في ألبيت ألأبيض من دسائس و تسريبات ، حيث أقيل أو إستغني عن خدمات ألعشرات من فريق ألإدارة يبنهم وزراء و مستشارين و عسكريين من رتب رفيعة ..!
كذلك كان متوقعآ عاجلآ أم آجلآ إستقالة أو إعفاء بولتون من مهامه في ظل تعاكس و تضارب أداءه ألسياسي كذلك تصريحاته مع خارطة ألطريق ألجيوسياسية و ألإستراتيجية التي يحددها و يسلكها ألرئيس ترامب وفق (أجندته) ألخاصة و بكل إستقلالية ..
تبلور هذا ألإنفصام ألجوهري في ألرؤى و ألمواقف وألأهداف عند محطات مفصلية عدة منها إستنكاف ألرئيس ترامب بعد تحريك ألأسطول ألخامس ألأميركي إلى مياه ألخليج ألفارسي عن توجيه ضربة مؤلمة لإيران في أعقاب إسقاطها طائرة ألتجسس ألأميركية ألعالية ألتقنية و ألمسيرة عن بُعد MQ-4C Triton في أجواء مضيق هرمز ، إضافة إلى جموح بولتون نحو ألمواجهات ألعسكرية أو ألضربات ألجوية ألخاطفة في ألقضايا ألساخنة كبديل عن أية مفاوضات لا سيما مع كوريا الشمالية – ألملف ألنووي و ألصواريخ ألإستراتيجية – معارضته ألإعتراف و ألتفاوض مع حركة طالبان في أفغانستان (بعد أن تكبدت ألقوات الأميركية أكثر من 3200 قتيل و أنفقت حوالي ألتريليون دولار) منذ بداية ألحرب ،
و قرار ألرئيس ترامب سحب ألقوات الأميركية تدريجيآ و عودة ألفتيان إلى ألديار ، ألدفع بإتجاه غزو ألجيش ألإميركي أو فرض ألحصار على فنزويللا و دعم ألمحاولة ألإنقلابية ألفاشلة ألتي قادها رئيس ألجمعية ألوطنية “خوان غوايدو” Juan Guaido^ بتشجيع من وكالة CIA ، كذلك رفضه انسحاب القوات الأميركية من سوريا ..إلخ ..!
من جهة أخرى ، إذا كانت عبارة ألإستقالة ألمفروضة أو ألإقصاء و ألعزل هما وجهان لعملة واحدة فمن ألواضح أن هذا ألقرار يأتي في توقيت دقيق حيث – يضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في إنتصار للإنسانية اللمسات ألأخيرة على صَفقة ألعَصر لإنهاء ألصِراع بألنقاط بين أميركا و إيران – وفق إفتتاحية “ألزميل عباس صالح” أليوم .. و على هذا ألأساس أعلن ألرئيس ترامب أن تعيين مستشار جديد للأمن ألقومي لن يتأخر عن بداية ألأسبوع ألقادم ..!
من هذا ألمُنطلق ألمخرج ستتبلور أنعطافة جذرية في سياسة ألرئيس ألأميركي ألتي كانت مُقيدة بنظرة جون بولتون ألإيديولوجية وألخشبية تجاه إيران ، ليس أقلها إعرابه عن استعداده لقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني في ظروف مناسبة إضافة إلى تقديم خط إئتماني و تمويل قصير الأجل لطهران ، هذه ألخطوة رُفِضت من ألمرشد ألإمام ألخامنئي وقيادة ألحَرَس ألثَوري حتى ألآن بإنتظار رفع ألعُقوبات ألمفروضة كليآ قبل ألجلوس على طاولة ألحلول “ألماكرونية”..!
توازيآ ، مما لا شك فيه أن كبير ألمحللين ألإستراتيجيين “ستيف بانون” Stephen Bannon يعتبر أن عدم ألإنسجام في ألطباع و ألشَخصية مترادفآ مع ألخِلاف في ألسياسة و متناقضآ بعمق مع ألأفكار ألفلسفية لِ بولتون أكثر من كافٍ لهذه ألإقالة ؛ و زاد من تفاقم ألأمور ألإشتِباك ألدائم بين ألأخير و وزير ألخارجية مايك بومبيو ..!
في نفس ألسياق ، دَأبَ “بولتون” على وضع خطط ألحرب ألطارئة على طاولة ألمكتب ألبيضاوي في كل مناسبة أو قضية مطروحة كأحد ألخيارات ذات ألأولوية دون أي إعتبار لقادة ألبنتاغون لا بل رفضهم جر ألولايات ألمتحدة إلى حُروب ليست من مصلحتها أو لا تتوافق مع إستراتيجياتها ..
خِتامَآ في هذه ألعجالة ؛ لن يكون أللوبي أليهودي في ألكونغرس وألحزب ألجمهوري GOP و على رأسه Ronna R.McDaniel مرتاحآ لقرار أقالة “بولتون” كذلك عراب تعيينه و ألداعم ألكبير للرئيس ترامب الملياردير اليهودي “شيلدون أديلسون” Sheldon Adelson ألمدير ألتنفيذي لشبكة كازينوهات لاس فيغاس و مالك صحيفة “إسرائيل أليوم” إضافة لوسائل إعلامية أخرى ..! بألمقابل ربما يكفي شعار ألرئيس ترامب “أميركا أولآ” ليكون ألقاسم ألمُشترك و ألضمانة و هو الذي قال يومآ : “لو كان الأمر متروكًا لجون (بولتون)، لكنا في أربع حروب الآن”…!
*عميد، كاتب و باحث.
بيروت في 12 /9/ 2019