“هيومن رايس ووتش”:لبنان هدم بنى للاجئين السوريين في عرسال وحكومته تضغط لإعادتهم قسراً..

انتقدت منظمة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، الحكومة اللبنانية لقيامها “بهدم حوالى 20 مأوى لنازحين سوريين في بلدة عرسال”.

وقالت “هيومن رايتس ووتش” في بيان وزعته اليوم  “إن الجيش اللبناني هدم حوالى 20 مأوى للاجئين سوريين في 1 تموز/ يوليو 2019، على أساس أنهم لم يمتثلوا لقوانين السكن القائمة منذ فترة طويلة، والتي نادرا ما تُطبّق”.

وقال البيان “ان القوات المسلحة (اللبنانية) تُجبِر اللاجئين أيضا الذين يعيشون في مساكن شبه دائمة في الأراضي الزراعية على تفكيك الجدران والأسطح الإسمنتية لهذه المساكن، واستبدالها بمواد أقل حماية، وإلا هدم الجيش مساكنهم”.

وذكرت المنظمة في بيانها ان “التفكيك القسري للمساكن (ينفذ) بموجب أمر صادر عن المجلس الأعلى للدفاع يجعل مساكن اللاجئين إلى حد بعيد أقل ملاءمة لتحمل الظروف المناخية القاسية، خاصة في منطقة عرسال، ذات الشتاء القاسي”.

وقال مدير برنامج حقوق اللاجئين في “هيومن رايتس ووتش” بيل فريليك والذي شاهد اللاجئين السوريين في عرسال وسهل البقاع يهدمون مآويهم: “يجب الالتفات إلى حقيقة هذه الحملة على انتهاكات قانون السكن، وهي الضغط غير الشرعي على اللاجئين السوريين لمغادرة لبنان. كثير من المتضررين لديهم أسباب حقيقية تخيفهم من العودة إلى سوريا، منها الاعتقالات، والتعذيب، وسوء المعاملة على أيدي فروع المخابرات السورية.

أضاف:”ينطبق الإجراء على 3,500 إلى 3,600 عائلة لاجئة في عرسال، أي حوالي نصف مساكن اللاجئين في البلدة، وفقا لرئيس بلديتها باسل الحجيري”.

وقال “ان البعض يرون إن ما يصل إلى 15 ألف طفل في عرسال سيتأثرون بهذا الأمر التنفيذي. كما ينطبق على اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ملاجئ صلبة مبنية على أراضٍ زراعية في جميع أنحاء البلاد. يستند القرار إلى قانون البناء اللبناني لعام 2004، والذي تقول المنظمات غير الحكومية التي تعمل في المخيمات منذ سنوات إنه نادرا ما يُطبَّق. ينطبق على جميع أنحاء البلاد، ولكن مع وجود اختلافات في مواصفات الهدم والمواد، ويتم تطبيقه حاليا أيضا في سهل البقاع، وبعلبك، والهرمل”.

وذكر انه في “أواخر حزيران/يونيو 2019، قابلت هيومن رايتس ووتش 40 لاجئا متضررا في عرسال وسهل البقاع، قالوا إن الأوامر تزامنت مع زيارات الجيش المتكررة إلى مساكن الخيام غير الرسمية، والتي وصفها بعض اللاجئين بأنها “مداهمات”. قالوا إن الجيش يعتقل الرجال والصبية، لفترات قصيرة عادة، لأنهم يفتقرون إلى أوراق إقامة مناسبة أو للاشتباه في حدوث خروقات أمنية”.

واعتبر ان “أوامر الهدم والمداهمات ليست ضغوطا منعزلة على اللاجئين السوريين في لبنان. فهي تتزامن مع قرارات جديدة من المجلس الاعلى للدفاع تجيز الترحيل بإجراءات موجزة للسوريين الذين يعبرون الحدود بشكل غير منتظم، ومكافحة العمال الأجانب غير المصرح لهم والمؤسسات التجارية التي يديرها سوريون. تقيّد تعليمات جديدة صادرة عن “المديرية العامة للأمن العام” قدرة الأطفال السوريين على الحصول على الإقامة القانونية بالإقامة القانونية لأحد الوالدين الذي يتبع كفيلا لبنانيا”.

وقال فريليك: “الأمر بالهدم هو واحد من عديد من الاجراءات الاخيرة لزيادة الضغط على اللاجئين السوريين للعودة. يشمل ذلك الاعتقالات الجماعية، والترحيل، وإغلاق المتاجر، ومصادرة أو إتلاف المركبات غير المرخصة، بالإضافة إلى القيود الأخرى القائمة منذ زمن، بما فيها حظر التجول والاخلاء والحواجز أمام تعليم اللاجئين وحصولهم على الاقامة القانونية وإجازات العمل”.

واشار تقرير المنظمة الاممية الى ان أمر الهدم يأتي أيضا في وقت يتصاعد فيه الخطاب السياسي ضد اللاجئين. حيث قال الرئيس ميشال عون مؤخراً: “ان موجة النزوح السوري تركت تداعيات سلبية أثرت على جميع القطاعات اللبنانية”، وأنه “لا يمكن انتظار حل سياسي للأزمة السورية” لعودة اللاجئين السوريين. واتهم وزير الخارجية جبران باسيل اللاجئين السوريين مؤخرا بنيتهم البقاء في لبنان، ودعاهم إلى العودة إلى سوريا.

وقال رئيس بلدية عرسال، الحجيري، لـ هيومن رايتس ووتش: “الأمر لا يتعلق بقوانين السكن. إنه قرار سياسي. السبب وراء قيام الحكومة الآن فجأة بهدم جدران اللاجئين هو الضغط عليهم للعودة. نتمنى أن يعود اللاجئون إلى بلادهم، لكن يجب ألا نضغط عليهم للقيام بذلك”.

لكن لم يقل أي من اللاجئين الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش إنهم سيعودون إلى سوريا لأن مساكنهم أصبحت أقل حماية لهم.

قالت أرملة عمرها 35 عاما من حمص توفي زوجها في المعتقل بعد توقيفه عام 2011، وهي تبكي: “اللبنانيون يقولون إننا جئنا واستولينا على بلدهم ونعيش في فيلات، لكن انظروا فقط إلى حالة الحمام. نحن نعيش مع الحشرات والفئران. هربنا من الحرب والقتل إلى هنا، ولكنهم لا يريدون أن نعيش حتى هكذا. الجميع يود أن يعيش في بلده، لكنني لا أستطيع العودة. سيكون أطفالي في بؤس أكبر في هذا المخيم، لكن على الأقل سيبقون على قيد الحياة”.

ولفت تقرير المنظمة الدولية الى ان “لبنان استضاف أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري منذ عام 2011، وهو أعلى معدل بالنسبة لعدد السكان في العالم”.

وأشار التقرير الى ان “هيومن رايتس ووتش دعت مرارا الدول الأخرى إلى زيادة مساعدتها للبنان وإعادة توطين أعداد أكبر من اللاجئين السوريين الذين يعيشون في لبنان”.

وقال التقرير ان “تفاقم إرهاق لبنان جراء استضافة اللاجئين بسبب نقص الدعم الدولي. لم يُموَّل نداء الأمم المتحدة بتقديم أكثر من 2.24 مليار دولار أمريكي كمساعدات دولية لتلبية احتياجات المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين في لبنان لعام 2019 سوى بنسبة 15.8 بالمئة حتى 3 تموز/ يوليو 2019”.

وأكد ان “على الدول المانحة أن تولي الأولوية لحماية حقوق اللاجئين وتقاسم المسؤولية عن الاحتياجات الإنسانية”.

ورأت “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها انها “تدرك أن عديد من مساكن اللاجئين في الأراضي الزراعية لا تمتثل لقوانين السكن اللبنانية الحالية. مع ذلك، امتثالا لالتزامات لبنان بعدم التراجع عن ضمان الحق في السكن اللائق للجميع في البلاد، ونظرا إلى أن الملاجئ الخفيفة لن تكون كافية لحماية اللاجئين من ظروف الشتاء، ينبغي لمجلس الدفاع الأعلى والسلطات اللبنانية الأخرى التنازل مؤقتا عن القيود المفروضة على الجدران الإسمنتية للاجئين السوريين في المساكن غير الرسمية، حتى تتوفر بدائل مناسبة”.

قال فريليك: “ينبغي للسلطات اللبنانية أن تحترم بشكل كامل مبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو ما يعني عدم إعادة اللاجئين إلى خطر محتمل. ينبغي ألا يخلق لبنان ضغوطا تُجبر اللاجئين على العودة القسرية إلى ظروف غير آمنة أو كريمة”.