من “سناب باك” إلى الصواريخ الباليستية: أين تتجه المواجهة الأميركية – الإيرانية؟ ..

خاص – “اخبار الدنيا”

 

بقلم العميد منذر الأيوبي*

نهاية الأسبوع الماضي أعلنت الولايات المتحدة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة السابقة على ايران بصورة تلقائية، عبر تفعيل آلية «كبح الزناد» SnapBack Mechanism، وذلك على خلفية برنامجها النووي الذي سبق وخضعت طهران بموجبه لتدابير مماثلة في إطار اتفاق العام 2015.
يأتي هذا التدبير بالتزامن مع اتخاذه ايضاً من قبل بريطانيا، فرنسا وألمانيا “الترويكا الأوروبية” بدعوى عدم التزام طهران تعهداتها.

تاليآ، في وقت بدا فيه ان أي اختراق دبلوماسي باللحظة الأخيرة مستبعدا. صدرت العقوبات مستهدفةً شبكاتً وأفرادًا وكيانات مرتبطة بالبرامج النووية والصاروخية، اذ طالت 21 كيانًا و17 فردًا، معظمهم مرتبطون بوزارة الدفاع الإيرانية و«لوجستيات الحرس الثوري»، حيث شملت تأمين مكونات متقدمة للصواريخ وشراء معدات عسكرية بطريقة غير مشروعة. هذا الأمر أعاد رفع مستوى المواجهة من ملف النووي إلى فضاء يشمل الصواريخ التقليدية والطائرات المسيّرة والقدرات البحرية التي قد تهدد الملاحة الدولية.

في المقابل، أعلنت طهران رفع مستوى الردع عبر زيادة مدى صواريخها الباليستية، في محاولة لتعزيز قدرات ترسانتها سواء تجاه الغرب أو لطمأنة جمهورها الداخلي، لتصبح القوات الأميركية والغربية الحليفة المنتشرة في العراق وسوريا والخليج تحت مظلتها الصاروخية. ما يدفع المنطقة نحو خط التوتر العالي، ويساهم في إطلاق سباق تسلح متجدد مع انعكاسات مباشرة على الأمن الإقليمي.

سياقآ، تعتبر آلية كبح الزناد، التي نصّ عليها قرار مجلس الأمن 2231 عام 2015، صمام أمان للاتفاق النووي مع إيران، لكنها تقترب من نهايتها الزمنية القانونية، ما يفسر استعجال واشنطن لتفعيلها عمليًا، بينما لم تُفَعِل أوروبا الآلية بشكل مستقل، ورفضت موسكو وبكين الشرعية العملية للخطوة.

من جهة اخرى؛ لطالما اصطدمت العقوبات دائمًا بإشكاليات التنفيذ، فإيران طوّرت شبكات معقدة من الشركات الوهمية والمكاتب الوسيطة، مع تلبية الطلب على الطاقة الإيرانية من دول آسيوية ما يفتح ثغرات لتسويق النفط بعيدًا عن العقوبات. وفي الميدان الإقليمي، يمنح الانسحاب الأميركي الجزئي في العراق وإعادة تمركز القوات في كردستان إيران هامش نفوذ أكبر عبر الحشد الشعبي، بينما محاولة إنعاش النفوذ الإيراني المقنع في سوريا وتهديد الملاحة الخليجية يعقّد أي انسحاب أميركي كامل، ويضع حزب الله في دائرة استهداف غير مباشر.

مع اقتراب انتهاء مفعول الآلية، يبقى المشهد مفتوحًا على ثلاثة مسارات:
١- التصعيد والمواجهة، حيث تستمر واشنطن في فرض عقوبات لترد طهران بتطوير قدراتها الصاروخية.
٢- المساومة المؤقتة عبر تفاوض محدود مع الأوروبيين أو دخول وساطة خليجية حول برنامج الصواريخ والتخصيب النووي مقابل رفع جزئي للعقوبات.
٣- التسوية الكبرى المؤجلة التي قد تشمل اتفاقًا نوويًا–أمنيًا أشمل، لكنها تواجه صعوبات بالغة في التوافق الدولي والتنازلات الداخلية.

استطرادآ؛ يسكن الصراع بين واشنطن وطهران قلب المعادلة الإقليمية والتركيبة الجيوسياسية الحالية، حيث تتقاطع العقوبات الأميركية مع الرد الإيراني العسكري، ما يضع الأمن الإقليمي والملاحة والقدرات العسكرية على المحك، فيما يراهن العالم او ينتظر قدرة الدبلوماسية على احتواء التصعيد ومنع انزلاق المواجهة إلى صدام مفتوح..!

*عميد متقاعد، مختص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية

📢 اشترك بقناتنا على واتساب
تابع آخر الأخبار والتنبيهات أولًا بأول.
انضم الآن