مغامرات نيلز العجيبة

 

 

“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف

الأديبة السويدية سِلما لاغرلوف Selma Lagerlöf رائدة من روّاد أدب الأطفال الكلاسيكي، نالت شهرتها العالمية بعد حصولها على جائزة نوبل للآداب عام ألف وتسعمئة وتسعة، وكانت أول سيدة تفوز بهذه الجائزة منذ تأسيسها عام ألف وتسعمئة وواحد. ولدت سِلما لاغرلوف عام ألف وثمانمئة وثمانية وخمسين عملت في التعليم في مدارس الأطفال، قبل أن تتفرّغ للكتابة، حيث جاءت أغلب مؤلفاتها موجهة للأطفال. في حين دارت أحداث معظم رواياتها في مقاطعة فارميلاند السويدية. كما أن رحلاتها عبر أوروبا وفي فلسطين ومصر ألهمتها كتابة عدد من أعمالها ومنها رواية: القدس.
عام ألف وتسعمئة وأربعة عشر أصبحت سِلما لاغرلوف أول امرأة تنضم إلى الأكاديمية السويدية. وبسبب ولعها بكتابة قصص الأطفال بقالب شيّق وخيالي، وصلتها في أحد الايّام رسالة من الاتحاد الوطني للمدرسين في السويد، تطلب منها تأليف كتاب جغرافي مدرسي يستمتع الأطفال بقراءته في حجرات الدراسة، ليثير اهتمامهم بجغرافية السويد ويجعلهم يتعرّفون إليها أكثر. وطلبت الرسالة أن لا يكون الكتاب جغرافي الطابع وحسب، وإنّما يطل على التاريخ والأساطير الشعبية. رحبت سِلما بالفكرة، وعلى امتداد ثلاث سنوات قامت بدراسة كل ما يخص بلادها السويد من جغرافيا وطبيعة وتاريخ وتقاليد شعبية، حيث قرأت عشرات الكتب، وقامت برحلات ميدانية متعددة.
وبعد ذلك، قامت سلما لاغروف باستخدام هذه المعلومات ليخرج كتاب “مغامرات نيلز العجيبة” عام ألف وتسعمئة سبعة. ليلاقي إقبالاً كبيراً من الصغار والكبار على حد سواء.
أحداث الرواية:
في روايتها “مغامرات نيلز العجيبة” وصفت “سِلما لافروف” السويد من خلال عيون الفتى نيلز الذي يسافر في أنحاء البلاد على ظهر الإوزة نورتون. في بداية الرواية نتعرّف إلى نيلز، الفتى المشاغب، السيئ الطباع الذي يرى سعادته في أن يأكل وينام ويؤذي حيوانات مزرعة والده وطيورها. وذات يوم يرى قزماً يعبث بأغراض أمه فيصطاده بشبكة صيد الفراش وبعد أن يتوسل إليه القزم ويغريه بالهدايا يطلق سراحه. وما إن يستعيد القزم توازنه حتى يلطم نيلز ويدخله في غيبوبة، وحين يستيقظ منها يجد نفسه قد تحوّل قزم. يبدأ نيلز بالبحث عن القزم الساحر لعقد سلام معه ومصالحته ليعود كما كان، ولكن دون جدوى. ثم يحاول نيلز الاستعانة ببعض حيوانات المزرعة لمعرفة مكان القزم، إلا أن إيذاءه المستمر لها جعلها ترفض الفكرة، ولم تكتفِ برفض مساعدته بل سخرت منه. ويحس نيلز بالضعف ويستجدي حيوانات المزرعة لتصفح عنه، لكنها ترفض ذلك إلاّ إن قام بجولة عبر السويد على ظهر الإوزة نورتون، كي يعود بعدها فردا عاديا مرة أخرى. يوافق نيلز، فتحمله الإوزة الأليفة نورتون على ظهرها وتنضم إلى سرب من الإوز البري كان يستعد للهجرة. وتبدأ رحلة نيلز العجيبة، فيطوف بصحبة نورتون مع سرب الأوز من قرية الى أخرى ومن منطقة إلى منطقة، وهناك يكتشف مظاهر الطبيعة المختلفة، كما يتعرف إلى الكثير من الأماكن الأثرية، والمعالم التاريخية والطبيعية، ويمرُّ بالعديد من الجزر والخلجان والمرتفعات والأودية والمدن والقرى، ويتمتع بالطبيعة الخلاّبة لبلاده متعرفاً إلى تاريخ بلاده وعاداتها وأساطيرها وحكاياتها الشعبية، كما يشاهد كيف تتصارع بعض الكائنات فيما بينها من أجل البقاء، كما يتعلّم منها بعض الحيل إضافة إلى العزف على المزمار حتى صار يعزف أعذب الألحان.
حياة نيلز الجديدة لم تخلُ من المخاطر والأحداث المشوّقة، ومنها حين تختطفه الغربان وتسيء معاملته، لكنه ينجّي نفسه بالحيل التي تعلـّـمها. وفي نهاية الرواية يصبح نيلز فتى طيباً يحب الحيوانات والطيور ويساعدها، وصديقاً للطبيعة، ثم يعود سالماً إلى والديه اللذين يسرّان بعودته.
قيمة الرواية:
أحسنت لاغرلوف في تلك الرواية توظيف خبرتها المدرسية في معاملة التلاميذ الصغار إذ إنها عملت مدة عشر سنوات كمدرسة قبل تفرّغها للأدب.
نهجت سلما في كتاباتها بشكل عام الطابع الملحمي واعتمدت بشكل كبير على أشخاص من الخيال ومواقف وعناصر سحرية أسهمت في تميز أعمالها التي ترجمت إلى أكثر من أربعين لغة وما زالت متداولة حتى الآن.
أمّا رواية “مغامرات نيلز العجيبة” فقد ترجمت إلى أغلب لغات العالم وأصبحت من كلاسيكيات الأدب التعليمي الموجه للطفل، الذي يعتمد القصص أسلوباً غير مباشر لتعليم الأطفال. كما أصبحت هذه الرواية موضوعاً محبباً للكثير من الأعمال الفنيّة، ومنها مسلسل كارتوني شهير موجه للأطفال.