لشعب لبنان أجر الصابرين..!

بقلم العميد مُنذِر الايوبي*

إنه الألم؛ حاصل مشترك “لا انتخابي هجين”، هو بين ألآه وألآخ، نوع من صرخةٍ وان كانت الاخيرة “الآخ” اشد واقسى لإيحاء في حرفيها ارتباطآ بعزيز او شقيق..!
ألآه تأخذ مسلكين متباعدين ذات وجهين نقيضين، قد تكون تعبيرآ عن فرح غناء او نشوة، او في وجهها الآخر عن لوعة وحزن.. اما الآخ فحصيلة حزن، لهاث صعب وزفير ألم عميق مِعبر تفسير واحد قد يكون قاتلآ..!
في الألم تجربة حسية او عاطفية بغيضة، نتاج جسدي مادي لإصابة او مرض، ونفسية معنوية خليط لوعة او قلق وتوتر.. الاخيرة “النفسية” اكثر ايلامآ، اما الاقسى والاشد مرارة ففي معاناة من الاثنين معآ، سوية ضرر فعلي او كامن، تلازم في نقطة التقاء من خلايا الياف عصبية ناقلة،..
وفي المعتاد البسيط زمنيآ مدة الألم عابرة، تمضي بعد إزالة الاسباب بدنيآ “شفاء من مرض او نجاح في علاج”؛ لكن ما يصعب فازالة الحوافز المسببة لمعاناة نفسية من مثيل اكتئاب، قد يتكفل النسيان او يكون نوعآ من “تخدير” Anesthesia شبيه مسكنات الالم البدني ما يساهم في خفض نسبته..
في حالة معظم اللبنانيين اليوم تمازج الجسدي مع النفسي، الم من جوع وانعدام قدرة على علاج امراض او حصول على دواء، بالتالي موت على ابواب المشافي، مع ازدواجية معاناة نفسية يومية جهد تحصيل قوت، او سعي لهجرة فقدان ابسط مقومات العيش الكريم..!
تاليآ، تُعَد الذاكرة امرآ حيويآ في مسار حياة وعبور تجارب، ما يستوجب استعادة اداء معظم سياسيين وارتكابات كثر من مسؤولين، مع تحديد نقاط القتل العمد كانفجار الرابع من آب، ورسم النطاق الحسي المشفر لهدم مقومات وطن، سطو على ودائع
شعب وتحطيم مستقبل اجيال..

من هذا المنطلق، لن يكون ألألم صعب التفسير، او معضلة فلسفية؛ بات تحدٍ امام خيارات وطنية لتجدد سياسي ديمقراطي، رغم قانون انتخابي هجين مُلزِم مشوه مثال تساوٍ بين عددين مختلفين، ما يفرض شفافية أداء قناعة نقية دون تقية لانتخاب نواب امة عُذبت، درء رشوة او ابتزاز واستزلام، استدلال خطى نحو مستقبل افضل، وعي عبور صندوقة اقتراع جردت قسرآ لسوء نوايا الاوليغارشية الحاكمة من “الميغا سنتر” ومقاعد المغتربين الستة..!
في ألألم قد يكون الحب تسامٍ والصبر فضيلة اما التسامح فغالبآ خطيئة.. لا يحتاج اهل البلد الى كراهية اكثر؛ ولو تعذر الحساب لتجذر شياطين النظام.. في الواقع قد يبدو الألم خاضعآ ايضآ لحكمة إلهية، اذ لم يقلل صمت “النبي أيوب” من عمق الألم والخسارة التي تحملها صابرآ، الى ان هبط ملاك السماء يقرأه السلام قائلآ : “لقد أُجبت دعوتك أن الله يعطيك أجر الصابرين”..

في أزلية المسيح الفادي كان احتمال الألم إنساني، فاق مقدار الصلب الى حد تألم الخشب عن البشرية جمعاء، جوع وعطش، عذاب وعري واضطهاد، نبذ وخيانة، هزء وظلم، لحد الموت..في قراءة عن بعد من تزامُن الشر مع الألم ربما كان دافعآ الى امعان الكهنوت والاناجيل السبع في توصيف العذابات اكثر من فرح القيامة..
واذ امعن الحكام من طغاة و عرابي مصارف في فداحة خطاياهم، فتغرب عن الله حكم تغرب عن الناس، فإن الاقتراع في انتخابات مرجوة الحصول سبيل تغيير آتٍ شبه لا بل مثيل انتصار على الآلام، نزول عن صليب الموت الى قيامة تجدد الحياة..

عن تأمل صباحي؛ انها زهور الربيع كورانية لوزية بيضاء توحي أملآ ليس ببعيد..! تبقى الخشية من اعاصير الاقليم، اذ لا تنبت البراعم ان تحطمت الاغصان بل يتألم الشجر..!

بيروت في 21.03.2022