لبنان .. ضرورة وقف إنهيار الأمن الاجتماعي..!

بقلم العميد منذر الايوبي *

تعرف عملية التجدد Regeneration في علوم الاحياء: انها قدرة الكائنات الحية على اصلاح او معالجة اعضاءها التالفة بنفسها بعد تضرر او اذى، سواءً على المستوى الخلوي او النسجي، ومنها في حالات استثنائية تعويض اعضاء مفقودة بالكامل..!
تاليآ، ان كان التجدد في معناه استمرارية الحياة وتطورها، فمساره عكسي انحداري في الحالة اللبنانية؛ اذ لا إدارة للأزمات Crisis Management
بالحد الادنى كما لا مقاربة او تلمس واجب لخيوط تقود الى المعالجات..!

من مختصر هذه المرتكزات فشل النظام السياسي بتركيبته الحالية الصنمية المتجددة إن بالتوريث الحزبي والاقطاعي او خلف ستارة الغطاء الديني والايديولوجي في استيعاب الراهن الاستراتيجي الاقليمي المتحول، سواء بالوجهة الايجابية “التفاهم السعودي- الايراني؛ عودة سوريا الى مقعدها في جامعة الدول العربية الخ…” ام بالمؤشرات السلبية “الاشتباك الجوي الروسي- الاميركي في سوريا، التمايز والتبريد التركي عن روسيا سيما بعد اعادة انتخاب الرئيس رجب طيب اردوغان لولاية جديدة الخ…”..

من جهة اخرى؛ ادى تمادي الانكفاء السياسي كما القصور عن فهم ومواكبة الاحداث الى فضح هزالة استيعاب الحاصل الدولي-الجيوسياسي المتقلب ثَبْتُ قناعة تولدت استوطنت الرأي العام لاسباب عدة، ليس اقلها ارتهان افرقاء المنظومة لدول الخارج حرص تنفيذ رغباتها ومصالحها، مقايضة بقاء زعامتهم وضمان مناصبهم وبالأهم المتوازي ابعاد سيف العقوبات عن رقابهم..
لكن معالجة الاوضاع المعيشية الاجتماعية المأساوية لا عذر له ولا تبرير فيه سوى النية الجرمية بالقتل العمد بسلاح الرغيف، تجاهل قصدي أسقط ثورة وأمات اعتراضآ لدى العامة، اسلوب لطالما اعتمد في قرون غابرة،، حيز مفرط من استهتار كرت دعوة مختصر المضمون الى الهجرة..
وإذ ادمنوا تهاونآ بجرعات مفرطة رفض اصلاح طالت كل مؤسسات ومفاصل الكيان في مؤدى هلاك، قاوم الجيش الوطني اهانة الاهمال وسياسة التجويع بصمت وترفع لا تدركه الا النفوس الابية؛ مثابرآ على تنفيذ المهام من مكافحة الارهاب والتنظيمات المتطرفة حتى اطفاء حرائق الغابات، درجة بلوغ مرحلة الامن الاستباقي او الوقائي بكفاءة كافلة منع هيكل الكيان من الانهيار..!

تزامنآ؛ من الطبيعي بعد تنفيذ النيات البينات المبيتات سقوط الامن الاجتماعي، انعدام اهتمام وزارات وجمعيات اهلية او تلك المعنية بالتوعية والعلاجات النفسية، اذ طفت على السطح فقاعات نتنة من غرائب موبقات لم يشهدها المجتمع اللبناني (جماعة الفرقان) اضافة الى ارتفاع في نسبة الانتحار، تفشي جرائم القتل، العنف الاسري، الاتجار بالبشر والاغتصاب طالت الحُرُمات كما الطفولة في براءتها دون وازع ديني او اخلاقي، ساهم في استشرائها موجات النزوح السوري الى لبنان، اذ باتت بعض مخيمات النزوح قواعد تموين بالمخدرات والكبتاغون كذلك ممارسة الرذيلة والبغاء..!


في السياق، ادى سقوط الامن الاجتماعي وما إستتبعه من انعدام التنمية البشرية والاقتصادية كما انهيار القيم الاخلاقية والتربوية الى خلق حالة صدمة نفسية جماعية عميقة، دفع اهل وعائلات الى البحث افراديآ عن سبل ابعاد اخطار ومتغيرات سلوكية معقدة المعالجات متعددة الانساق الحياتية “ادمان، فسق، انحلال اخلاقي الخ…” متداخلة دون استواء مع الانتماءات الطائفية والاعراف الاجتماعية…!
اما الأسوأ المضاف فانعكاساته على الامن القومي والوطني لتصبح فئات ضعيفة مهمشة اثقلتها الالام وآلمتها اشواك الوجدان فرائس تُطوع لصالح جهاز استخبارات العدو (الموساد) واجهزة استخباراتية اخرى، هذا ما يفرض عبئآ امنيآ اضافيآ في الاستعلام والرصد والمكافحة ..!

في ختم المقال؛ على تقاطع كياني ووجودي خطر، هزلت الممارسات وغابت الانجازات كما انعدمت المسؤوليات، عَلَت المصالح الشخصية والفئوية على الوطنية ثم اعتلى قراصنة الزمكان ظهور الناس قصم وسلب جنى اعمارهم تعميم اذلالهم.. انعدمت التوعية الاجتماعية والتربوية كما السياسية علمآ وثقافة وممارسة بغياب رجال دولة قادرة مخلصة من اصناف رجال فعل لا ثرثرة.. في ظل ارتفاع التحديات وجوب “تجدد” مستلحق لشفاء البنية الاجتماعية واعادة انبات اعضائها وخلاياها الحيوية ضرورة تنفيذ فهرس معالجات مبوبة نتاج واقع الحال..! بحور الامل تبدأ بإنهاء الفوضى الاجتماعية والهلهلة السياسية عبر إنتخاب رئيس للجمهورية المعتلة ولا تنتهي باحقاق توازن في عدالة وديمومة رعاية، تأكيد عقاب ومحاسبة لزوم اشتراطي اساس لبقاء وَطَن وحياة شعب..!

——————————

طرابلس في 28.07.2023