لبنان بين مطرقة العدوان وسندان القرار 1701


بقلم العميد منذر الايوبي*

رغم رهانٍ على عهدٍ مشفوع بأمل يبدو ان العبور إلى دولة حقيقية لا يزال في اول المَعبور.. المسار الانحرافي لم ينتهِ تقويمآ وإن خفُت تسارعه لتبقى مقاربة السقوط والاصطدام قائمة، خلفية قصورِ بصيرّة لا ضعف بَصَر مانع عودة الى المدار الصحيح.. ثم ان غالبية قيادات ورموز سياسية لأحزاب وتيارات تَصَمامَت عن واقع لابِسَةَ مُسوح رُهبان، كما طبقة اوليغارشية تَقَمطت خُبثآ دَرَج وشُبهةً فساد تقارب حقيقةَ وضوح بُعْدَ غموضٍ، فيما انضم بالرِضّا المَعيوب الى كومبارس التحليل المالي والتَدليس الاقتصادي بعض امن وقضاء بِتغريرٍ او إكراه..

تاليآ؛ قد لا يعتبر كافٍ الأداء السياسي لِلعهد بمواجهة خطورة المرحلة المصيرية والتهديد الوجودي للكيان مع اعتماد الديبلوماسية لغة الإنقاذ والخلاص لكنها ضرورة عقلانية كرستها تغيرات جيوسياسية فرضت نفسها على الجوار والإقليم؛ فيما الادارة الاميركية لا تغض طرفآ بل تسمحُ جَهرآ مواصلة العدوان، اذ ان اجندة مجلس الامن القومي لم ولن تتغير سواء بقيت نائبة المبعوث الاميركي للسلام في الشرق الاوسط السيدة مورغان اورتاغوس تتأبط شرآ، ام كُلف السفير لدى تركيا توماس باراك ضم لبنان الى صلاحيات السلطنة بعد ان تسلم في الخامس والعشرين من ايار الماضي مهام المبعوث الاميركي الخاص لدى سوريا، لكن العرافات تشير الى جويل رايبورن المرشح لمنصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى، اما اللبنانيين فرغباتهم عاطفية لا براغماتية ترى مرونة مسبقة في مسعد بولس المستشار الرفيع لدى الرئيس الاميركي.. ..

من جهة اخرى؛ تمر المنطقة في مرحلة المخاض لإستيلاد معادلة جديدة بالجمع والقسمة لكيانات ونفوذ مؤداها شرق اوسط جديد، بينما يسعى بنيامين نتنياهو مدعومآ من اللوبي الصهيوني الى الولادة القيصرية، يتريث الرئيس الاميركي دونالد ترامب بإعتماد هذا الخيار.. وبصرف النظر عن نظرية الصيف السياحي الواعد، فالاجواء السياسية والميدانية محليآ واقليميآ غير مريحة قطعآ، الضاحية الجنوبية لبيروت بتفاصيلها ابنية وسكان ضمن شريحة الذاكرة التفاعلية لمُسيرات هيرمس 450، ثم ان لواء الجليل 91 اعاد انتشاره على الحدود الشمالية مع الاحتياط 146 ضمن مهام الإمساك بالتلال الخمس وتثبيت الحزام الخالي على الحافة الحدودية، ليصبح لبنان بين مطرقة العدوان وسندان تطبيق القرار الاممي 1701..!

سياقآ؛ أتت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بيروت لتكرس اتفاق تسليم سلاح المخيمات للدولة اللبنانية، خطوة اولى جدية لتنفيذ قرار الحصرية المُبَوب في خطاب القسم، إلا ان التباين الفلسطيني- الفلسطيني وتواجد مجموعات اصولية مارقة في مخيم عين الحلوة وسواه قد يكون حجر عثرة بوجه المأمول المُفترض .. كما لم تخلو زيارة غير معلنة لوزير الخارجية الايراني عباس عراقجي من إيجابية ملموسة عنوانها في كتابه (قوة التفاوض) مضمونها فتح صفحة جديدة من العلاقات مع الدولة اللبنانية، ليبقى تبريد المنطقة مرهونآ بنجاح مفاوضات الاتفاق النووي.

إستباقآ؛ لم يعد من اهتمام لدى اللبنانيين بزيارات المبعوثين الدوليين والاوروبيين طالما مربط الخيل واشنطن.. قد يسجل للموفد الفرنسي جان ايف لدوريان بعض ثواب لتكبده مشقة السفر وثقل حقيبة بما حَوَّت من ملفات الاصلاحات المالية والاقتصادية، وقف اطلاق النار وتطبيق القرار 1701، تجديد عمل قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوبUNIFIL.. فيما المنتظرين على جمر زيارة توماس باراك يضربون اخماسآ بأسداس لسببين الاطمئنان على الليدي اورتاغوس ولائحة الخيارات الاميركية المعروضة لإنهاء الازمة ..

في السؤال استنادآ لما ورد اين لبنان مما يجري..؟
1-لا يمحو نشاط اركان الدولة في زياراتهم الخارجية وجولاتهم الاستطلاعية على المراكز الرسمية حال التضارب والانقسام العامودي السياسي- الطائفي، إذ يتعرض الجهد الديبلوماسي الساعي إلزام العدو تنفيذ انسحاب كامل وتسليم الاسرى الى ضربات متتالية من بعض افرقاء الداخل، سببية بطء في عملية نزع السلاح الاستراتيجي لحزب الله، فيما رئيس الجمهورية متفهم للتركيبة اللبنانية واضعآ الإستراتيجية الدفاعية او الوطنية إطارآ وهذا يحسب له لا عليه.
2-شكل انجاز الإستحقاق البلدي رغم شوائب إستعادة لنشاط الادارات المحلية في ظل فقر حال، ما يفرض إستكمال الإصلاحات البنيوية للدولة المهترئة، سواءً لجهة اقرار القوانين ام التعيينات الادارية القضائية والمالية…

3-ان ضربات العدو الجوية رغم اتهام حزب الله ترميم بُنَاه العسكرية فهدفها مضاعفة الضغط القتصادي مانع التقاط انفاس خلال موسم الاصطياف..
4-في ظل صمت اللجنة الخماسية المكلفة مراقبة وقف اطلاق النار، يعتمد مجلس الحرب الصهيوني استراتيجية مرتكزة على منع الجنوبيين العودة الى بلداتهم او إعمار منازلهم ولو إستخدموا البيوت الجاهزة، لإكراه البيئة الشيعية ووضعها امام خيارين عصيان وإنتفاضة بوجه حزب الله او إنصياع وتسليم بالواقع الميداني المفروض.

 

ختامآ؛ من الخطورة بمكان في ظل استهتار ملموس ان يبقى الوطن الصغير ساحة تقاطع مصالح لا شريكآ في رسم مستقبله، كما ان انعدام التفاعل الجيوسياسي مع تطورات الإقليم سيُصيب مقتلآ إن لم يتجرأ مسؤوليه على الإقدام والتقاط الفرصة التاريخية للإنقاذ سيما بعد استدارت سوريا بنظامها الجديد غربآ وخليجيآ وباتت في مرمى الاستثمارات الدولية… هذا ليس تهويلاً بل توصيفاً لمتوقع في حمأة فوضى تحولات ودعوة لإستباق الأمور..!

*عميد متقاعد، مختص في الشؤون الامنية والاستراتيجية