لبنان الجديد “المخاض الذي يسبق الولادة”

بقلم : نمر ابي ديب

من يتلمس بِدِقَّة المُتابِع أبعاد المشهد الداخلي يُدرِك بحكم المُواكبة المُستَمِرَّة للمُستجدات المُتلاحقة على الساحتين “اللبنانية والإقليمية” حجم التحول المُتَنامي في أولويات القوى الداخلية وأيضاً في مسلمات الدول الشرق أوسطية التي تلمست بفعل العودة الأميركية إلى المنطقة” مشاريع عابرة ” للمحاور الإقليمية ” قائمة بالدرجة الأولى على عناوين تصادمية وطروحات تغييرية لامست في كثير من المحطات مصالح إستراتيجية “لأدوار تاريخية” دخلت مع مراحل التمرير المُتْقَن “لصفقة القرن” الأميركية حالة من “الثُبات السياسي” والإنكفاء السعودي عن المشهد اللبناني لا بل الإقليمي بجزئه الأكبر مع إستثناء الملف اليمني خير دليل على تبدل “الأولويات الناظمة للسياسات الإقليمية” وأيضاً اللبنانية المُتَأَثِّرَة بالدرجة الأولى بمفاعيل “العودة الأميركية” إلى المنطقة ومصالحها الإقليمية إنطلاقاً من عوامل عديدة أبرزها.

 

صفقة القرن” ومركزية الحضور اللبناني داخل الصفقة على محورين-

الأول الحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة، الجبهة الشمالية لإسرائيل التي لم تُسَجِّل حتى الساعة أي تعديل في بنود القرار الأُمَمي “1701” أو حتى ملحق يلحظ إلى جانب وقف العمليات القتالية وقف دائم لإطلاق النار في مِنطَقَة فُصِّلَت على قياسها لاحقاً صفقة القرن الأميركية.

الثاني يتعلق ” بالوجود الفلسطيني في لبنان ” وسُبُل المواكبة التي تخطت بفعل التغيِّب المُمَنهج “لحق العودة” وملف “النازحين السوريين” هاجس “التوطين التقليدي” في حسابات القوى الداخلية إلى عناوين أكثر ” شمولية ” لا بل أخطر تنفيذ أبرزها “الدمج الأستيطاني” الذي يُحاكي في أبعادِه السياسية حالة مُتَقَدِّمة من الرضوخ اللبناني” لأمر واقع شعبي خارج إيطار الضوابط الداخلية وحتى التوازن الطائفي في مراحل التمرير المُتْقَن لمشاريع شرق أوسطية بلغت فيها الشهية الدولية أقصى درجات القابلية للتغيير الديمغرافي وأيضاً للتهويد الذي بات يُمَثِّل على المستوى التنفيذي للمرحلة الحالية الجزأ الظاهر من “صفقة القرن الأميركية”

قانون قيصر الجزء السوري من صفقة القرن والتقاسم العالمي الجديد” الروسي/الأميركي ” لنفوذ المنطقة وما بينهما من هندسات دولية لعناوين باتت أساسية تتحكم اليوم بفعل الحسابات الشرق أوسطية والمصالح المشتركة للولايات المتحدة الأميركية وروسيا بمفاصل المنطقة الأساسية ومنها

الفشل العسكري في حرب اليمن” وتأثيره المباشر على الدور السعودي في المنطقة ولبنان جزء لا يتجزأ من هذا الدور المحوري المكمل في الحياة السياسية إنطلاقاً من مركزية إتفاق الطائف وتاريخية العلاقات الثنائية اللبنانية السعودية.

التَمَدُّدْ التركي في المنطقة” أحد أبرز العناوين السياسية المطروحة اليوم في كواليس اللعبة الدولية خصوصاً في الأجزاء المُتَعَلِّقة “بفصل الأدوار الإقليمية” بالتزامن مع “الأحلام الأردوغانية” ومحاولات التربع السياسي وحتى العسكري على عرش الزعامة السنية، وهنا بيت القصيد والعنوان الكبير الذي يرى فيه كثيرون ومن ضمنهم الإدارة الأميركية أمكانية تغيير جدِّيَّة لوجه المنطقة وليس فقط لبنان بالتكامل ما بين “صفقة القرن” “قانون قيصر” من جهة وصياغة توازنات جديدة قائمة على عناوين إقليمية جامعة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا من جهة ثانية تتمثل بمعادلة إيران/تركيا، وهنا يَجدُر التساؤل عن “أسباب ومُسَبِبات الصمت المُطبق” الذي ينتهجه الروس في “السياسية” وأيضاً في “أنظمة الدفاع الجوي” تجاه الدور العدواني الذي تُمارسه ” إسرائيل ” في المنطقة وتحديداً في سورية؟ والسؤال الكبير هل باتت إسرائيل اليوم أحد أبرز عناوين الإلتقاء الأمني الروسي الأميركي في المنطقة.

إنسجاماً مع ما تقدَّم برز على خط الدبلوماسية الروسية” مؤخَّراً كلام واضح للسفير “أليكساندر زاسبكين” توقع من خلاله “أياماً صعبة على المنطقة نتيجة المرحلة الإنتقالية التي تعيشُها الدول الشرق أوسطية مؤكداً أن الأزمة طويلة والحلول الدولية غير متوفرة في المدى المنظور” يأتي هذا الكلام ليؤكد المؤكَّد المنطقة تتغير ولبنان جزء لا يتجزأ من هذه المنطقة، والتغيير المرفق بالأصلاحين السياسي والإداري ضرورة وجودية في هذه المرحلة وشرط فرنسي بغطاء أميركي إلى جانب مكافحة الفساد لإخراج لبنان من أزمته الإقتصادية.

إنطلاقاً من واقعية ” المرحلة الإنتقالية ” التي تَمُر فيها المنطقة وحتمية الإنتقال العالمي في مرحلة ما بعد ” الكورونا ” إلى نظام إقتصادي جديد قائم على موازين إستثمارية مختلفة وأخرى أستهلاكية قادرة على تغيير سياسات المنطقة ومن ضمنها لبنان خصوصاً في مراحل “التعديل الإلزامي” لنظام “الأولويات الداخلية” للدول المعنية سواء المُنتِجَة أو الريعية، بات إلزاماً على لبنان التسلح بعناصر قوة ” قانونية وحتى دستورية ” ضامنة على المستوى السياسي عبور آمن للمرحلة الإنتقالية مع التأكيد الدائم على حقيقتين

عدم “توقيع لبنان على إتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين الصادرة في العام 1951” يجعل من “لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء”.

ثانياً الفقرة “ط” من مقدمة الدستور التي تَنُص على أن أرض لبنان أرض واحدة لجميع اللبنانيين· فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين·

—————–

كاتب وناشط سياسي