كنتَ غيمة أيقظت تربتي المتصحرة.. وبغيابك عاد الخريف ليسكن عتمتي

 

 

الدنيا نيوز – دانيا يوسف

 

(الفقرة الاولى)

كلما تساءلت ماذا حلّ بي ولم يلّفني الصقيع أحاول أن أستعيد معك لذة البدايات ولحظة انبهاري الأول ودهشتي البكر.
كان ذلك في يوم من أيام الخريف… كيف أصف قلبي حينها؟ هل أقول لك أنه كان كالبيوت المهجورة التي سكنتها العتمة! كنت أظن بأن شمس الصيف أخذت وهج آخر أنفاسي ورحلت…
جئتني يومها غيمة أيقظت تربتي المتصحّرة فاستفاق القلب مجددا وأينع كما تنبت العشبة الخضراء من شقوق الصخر.

قلت لك: كنت قد حطيت الرحال منذ زمن طويل ودخلت خيمتي وتوسدت وحدتي ورحت في سبات. لمَ أتيت اذاً؟ لمَ باغتتني واحتليتني وانا أرفع راية السلام؟
لم تجبني يومها وأنت الذي اعتاد كل أنواع الكلام الا التعبير في شؤون القلب. ربما لأنك تجيد الكلام بعينيك أو هكذا كنت تظن.

كنت أنا من يكتب الكلام من ضوء عينيك ويفترشها كلما ألحّ القلم ليفيض بوحا.
كيف أصبح هذا الخريف سيد الفصول! كنت تهمس لنفسك: هل يعقل أن يكون حبك فصلا يجيء ويمضي؟ وكنت أجيبك في سري: أنت مضيت في طريقك والخريف عاد ثانية وما زلت أعدّ الكلمات كما يجهز أهل الجبال الحطب لأنها وقود القلب والدفء في عز البرد.

هل أكتب لك يا رجل الغياب اذا سبب رحيلك؟