قراءة على قد الحال ..!

بقلم العميد منذر ألأيوبي*
 
ضمن صفة المواطنية الحقة المترادفة مع عشق غير محدود لوطن و بألتوازي مع ما يتعب العين أو يؤلمها قراءات مبسطة Light أحيانآ من على شاشة ألآي باد I-Pad أو ألحاسوب لعناوين إخبارية تنشر على المواقع 
و المنصات ألإلكترونية مع “غوغلة” Google Lively يمكن اللجوء إليها أحيانآ أخرى كسبيل للتبحر عند ألأقتضاء إضافة إلى لذة تجوال البؤبؤ بين الأحرف الصغيرة مع “تحريض ذاتي” Self Incitement لحاستي اللمس في تحسس ألأوراق و الشم لِ مدادها يسطر مضامين ما تبقى من صحف ورقية هي قيد ألإنقراض بألتوازي مع حلقات حوارية و نقدية لجهابذة علوم الاقتصاد عن المال العام و إستلابه من على الشاشة الفضية متكررة في معظمها أو متناقضة نافرة تصم ألآذان كما تفرض ألإصغاء مرارآ إنعكاسآ في إنتاجاتها لتنمية ثقافة أو سعيآ لإبداع بألترادف مع نوعية برامج جيدة او مميزة سباقة ..
 
إنطلاقآ من هذه ألمقدمة كانت ألأزمة المالية و إنهيار قيمة الليرة العزيزة أمام ألأخضر $ ألمستَعمِر إقتصاد ألمعمورة موضوعآ أساسيآ كرة نار على ملعب يباس مباراة على مدى عقود بين فريقي ألنزاهة و أكلة ألجبنة Fromagistes قديمآ ثم بين موالاة و معارضة أو بين راضية و معترضة و إلخ .. في أشواطها أهدافآ تسجل بألنقاط معظمها إستوجب مراعاة الحَكَم Referee (حاكم مصرف لبنان) أو تجاهل إرادي للفاولات Fouls -ألإرتكابات ألفساد- من اللاعبين و التسلل ألمتقن Offside الى -الإدارات- في ركلات ركنية Corner مخالفة للقانون ، أما الركلة الحرة Free Kick -ألصفقات الضخمة- فإمتياز يمنح لقائد الفريق سواء من هذا “الحزب -تيار – طائفة – إقطاع – مصرف..” أو ذاك .. نقمة الجماهير قبل نهاية الشوط ألأخير بقليل إضافةً إلى عطب أصاب الكرة “نَفسِت” Free of Money فرض 17 تشرين 2019 ثم بروز رئيس حكومة جديد حسان دياب أنهى ألمباراة بنتيجة (خاسر – خاسر) رافعآ “الكرت ألأحمر” Red Card بوجه الجميع ..!
 
بالعودة الى “قراءة على قد ألحال” يتبين أن ما قاله الحاكم في كلمته ألمتلفزة أشبه بعرض عن الوضع النقدي ألدقيق و سوابق أداء الدولة و الوزارات (المالية بألأخص) ألغير مسؤول في تجاوز موازناتها ألسنوية 
أو تجاهل وضعها و العمل على إقرارها بألتالي صرف ألأموال و تغذية مزاريب الهدر و الفساد بشكل مباشر 
أو غير مباشر بألتزامن مع تعطُل و إنكفاء دور المؤسسات ألرقابية في محاسبتها ألمسبقة و اللاحقة و هو أمر معلوم عند المواطنين ؛ كما أعلن ان المصرف المركزي سَلك سياسة رشيدة في تثبيت سعر الليرة اللبنانية و تمويل خزينة الدولة بناء لطلبها مع إعلانه صوابية ألهندسات المالية ألتي أتُبِعَت ؛ لكنه في نفس الوقت تجاهل أن ألإعتماد على ألهندسات المالية Financial Engeneerings ألدقيقة إن كان أمرآ مطلوبآ للإستفادة من إبداع ألأسواق المالية إلا ان عدم مواكبتها بالتغيير البنيوي (ألصعب أو ألمتعذر أصلآ) للنظام المالي أو المصرفي ألوطني يجعلها تخفق بتحقيق المعالجة الكافية لا بل قد تؤدي الى مزيد من الركود الاقتصادي المزمن Chronic Economic Recession و ما يسمى فقاعات ألأصول المالية Financial Asset Bubbles (وفق المدرسة أو التجربة أليابانية) ؛ كما ان بعض الخبراء يعتبرها “أي الهندسات” قاتلة في حين يراها آخرين منقذة وفقآ لمنظور كل منهم مما أثبت بما لا يقبل الشك أن كل البناء المالي ، النقدي ، المصرفي و بألتالي ألإقتصادي و ألإستثماري كان قائمآ على أسس متناقضة جبلآ هشآ من ورق غير مقوى “كرتون” سقط عند هبوب أول عاصفة ..
 
من جهة أخرى و دون الغوص في علم الأرقام و المبالغ ألمليارات فأن مختصر المعادلة الكارثية هو التالي المواطن يأتمن المصارف على أمواله ليصرف من فوائدها و يعيش حياته سواء كفافآ أو مرتاحآ و هذا حق مشروع ، ثم المصارف تدين مصرف لبنان أو تستودعه جزءآ كبيرآ من هذه ألإيداعات و تتقاضى بالمقابل فوائد مرتفعة ضاعفت من ارباحها الكثير الكثير تاليآ يمول مصرف لبنان الدولة في مصاريفها و وفقآ لرغباتها لا حاجاتها حيث تدخل الأموال جيبها المثقوب و من هنالك لا تسأل ..! إذن المسؤولية مشتركة و الحلقات الثلاث الأخيرة يجول بينها المال دائريآ و في كل دورة تتقلص المبالغ تباعآ و هكذا دواليك إلى ان وصل الحال الى ما نحن عليه ..!
يعتبر مصرف لبنان وفقآ للقانون مصرف القطاع العام و على هذا الأساس يستطيع تسليف هذا القطاع في بعض حالات الضيق و عندما يحتاج تسهيلات محددة و مؤقتة لمواجهة بعض ألإلتزامات ألملحة و بإستطاعة الحكومة اللجوء الى هذا الإجراء بعد أخذ موافقة السلطة التشريعية “البرلمان” و لمرة واحدة فقط خلال 12 شهرآ “المادة 89 من قانون النقد و التسليف” ٠ أما الطابع ألمؤقت لهذه ألتسليفات فيؤكد عليه حصره بألدولة دون سائر هيئات القطاع العام ..! إلا أن المادة 90 إستدركت معتبرة أن المبدأ ألأساس هو ان لا يمنح مصرف لبنان قروضآ للقطاع العام و تفسير ذلك يكمن في الانعكاسات السلبية لمنح القروض على الاستقرار النقدي Monetary Stability الذي هو عامل أساسي للإزدهار الاقتصادي ، إضافة إلى ألإنعكاسات التضخمية Reflections Of Inflation و تدني ألقوة الشرائية للعملة الوطنية ..! كما يجوز لمصرف لبنان المركزي إعطاء (سلفات خزينة) على ألا تتعدى المبالغ نسبة 10% من معدل التحصيل الضرائبي الفعلي للدولة و ذلك خلال السنوات الثلاث الأخيرة المدققة و المنتهية دون ان تتجاوز مدتها ألأربعة أشهر ..! إلخ…
 
ألسؤال الأساسي هنا ما هي المعايير التي يفترض ألإلتزام بها لإقراض الدولة ..؟
المعيار الوحيد بحرفيته ورد في “المادة 92” : ظروف ذات خطورة قصوى أو إستثنائية ألخطورة – تكفي هذه العبارة للتساؤل ما هي ألمحطات الخطرة التي مر بها البلد و عددها ..؟؟ هنا هامش المناورة لدى المصرف المركزي في تقييم ظروف كل قرض يمنحه هل هي ذات خطورة إستثنائية .؟ أم ذريعة للحصول على التمويل خلافآ للقانون و في هذه الحالة يستطيع لا بل يتوجب عليه رفض الطلب ..! إلى سوى ذلك من تفاصيل مواد و نصوص تقيد الدولة في طلب القروض و التسليفات مع تأمين الضمانات لتسديدها كما تقيد المصرف المركزي لعدم التمادي في منحها و بألتالي يبقى الهدف الأساس و المفروض ألمُلزِم هو الحفاظ على العملة الوطنية و قوتها الشرائية ..!
 
بعد عرض مختصر لما تقدم في قضية تحتاج قرارات لا مجلدات يرزح تحت أثقالها وطن عَصَت عنه أسنة ألرماح و شعب غير مهيض الجناح فإن الوضع الحالي النقدي المالي و الاقتصادي المنهار كما الواقع المعيشي الصعب لا بل ألمزري إضافة إلى عودة أهل البلد إلى الشارع دون إقامة أي اعتبار للخطر الوبائي يثبت أنهم لم يرتووا من كل الكلام و المبررات هم يريدون بدلآ عن “كرتونة ألإعاشة” معالجات و حلولآ حياتية إنقاذية سريعة ، لم يعد من مجال لطرح أسئلة دون اجوبة أو رمي مسؤوليات و تبادل إتهامات دون محاسبة .. أحدهم من الخارجين عن قرار ألتعبئة ألعامة قال في أحد مقاهي ساحة “ألدفتردار” أحدى ألاحياء الشعبية في فيحاء أنتمي إليها : بين ألحاكم و ألحكومة ضاعت ألطاسة -! المطلوب على قد ألحال ألعثور على من (ضيع ألشنكاش) ..؟ الذي لم نجده يومآ و لطالما كان الفاعل (من أضاعه) مجهولآ ..! علمآ ان مصطلح “ألشنكاش” غير محدد لغويآ و هي عبارة درجت بألعرف في ألتسامر عبر ألتناقل ..!
———-
 
بيروت في 02.05.2020