قاسم : لبنان كالسفينة والتماهي مع إسرائيل يعني ثقب السفينة وغرق الجميع

أعلن الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان “الاميركيين والاسرائيليين يريدون إلغاء وجودنا ، وليكن واضحاً أننا سندافع عن أنفسنا وبلدنا، ولن نستسلم ولن نتراجع”.

القى الشيخ قاسم كلمة في المهرجان الذي أقامه الحزب “تعظيمًا للعلماء الشهداء على طريق ‏القدس وأولي البأس اليوم” هذا نصها الحرفي :

“نلتقي وفاءً للعلماء الشهداء في مهرجان العلماء الشهداء، نجيع ومداد هذا الاحتفال المميز الذي نحاول من خلاله أن نتعرف على ‏هذا الاتجاه العظيم الذي أثّر أثره في مسيرتنا وفي حياتنا. نتحدث عن العلماء ثم بعد ذلك نتحدث عن الوضع السياسي بشكل عام. ‏هنا لابدّ من الشكر الكبير للمعاونية الثقافية في حزب الله التي اختارت هذا العنوان وهذا المهرجان تكريماً وتعظيماً لأولئك ‏الشهداء الأبرار.‏
المهرجان هو مهرجان نجيع ومداد؛ النجيع هو الدم، والمداد هو الحبر. دمهم نور حياتنا، ومدادهم خطُّ مشينا. جاهدوا بأنفسهم ‏وأموالهم وكل شيء، أعطوا كل ما عندهم فوفّاهم الله أجرهم بغير حساب.‏
هم أعلام الهداية في مدى الأجيال، لن يغادروا يومياتنا ولا صناعة مستقبل أجيالنا. دماؤهم أينعت في وقت قطافها، وتعاليمهم ‏زهرت إيذاناً باستمرارها. هم زُرّاع الأرض ومطر السماء وأهزوجة الحياة على ترنيمة التوحيد والنبوة والإمامة.‏
قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: «والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة».‏
انتقل حملهم إلى السائرين على العهد من المؤمنين والمؤمنات الذين يسيرون معاً ويشقّون عباب المجد الإنساني في أروع تجسيد ‏لخلافة الله تعالى على الأرض. إليكم مني عهد الاستمرار وبشائر المستقبل، ومن المقاومين عهد الثبات والنصر، ومن الأهل ‏وكل المؤمنين بكم والمحبين لكم عهد الصمود والوفاء والعزة.‏
المعممون العلماء الذين استشهدوا في معركة أولي البأس بلغ عددهم خمسة عشر عالماً، والشهداء الطلبة من طلبة العلوم الدينية ‏غير المعممين بلغ عددهم واحد وأربعين، والشهداء من أبناء العلماء بلغ عددهم تسعة وثلاثين.‏
العلماء المعممون على رأسهم سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، وبعده السيد الهاشمي السيد هاشم ‏صفي الدين.‏
أذكر أسماء العلماء الباقين تكريماً وتعظيماً وتبريكاً لهم:‏
العلامة الشهيد الشيخ عبد المنعم مهنا، السيد الشهيد إبراهيم حسن ياسين، السيد الشهيد محمد عارف صالح، السيد الشهيد هشام ‏عبد الأمير نور الدين، الشيخ الشهيد أحمد رياض العوطة، الشيخ الشهيد أمين علي سعد، الشيخ الشهيد حسين أحمد يونس، الشيخ ‏الشهيد حسين طلال جفال، الشيخ الشهيد عبدو بنيامين أبوريا، الشيخ الشهيد علي حسن أبوريا، الشيخ الشهيد علي حسين سيف ‏الدين، الشيخ الشهيد طليع يوسف زين الدين، الشيخ الشهيد محمد خليل حمادي.‏
خمسة عشر عالماً معمماً في معركة أولي البأس استشهدوا بأساليب مختلفة وفي مواقع مختلفة.‏
وهنا من باب التبرّيك والتبرّك لابدّ أن نذكر العالمين الجليلين الشهيدين الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي كطلائع في ‏هذه المسيرة.‏
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا كان يوم القيامة وُزِن مداد العلماء بدماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء ‏الشهداء».‏
رحمة الله تعالى عليهم وأعلى مقاماتهم ومقامات كل الشهداء.‏
إلى أرواحهم جميعاً نُهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد.‏
تَميّز العلماء بدورهم ومسؤوليتهم في التعليم والتربية وفي القيادة نحو الأهداف السامية. ربّوا مجتمعهم على الجهاد وهو أساس ‏المشروع الإلهي. هذا الجهاد لِمواجهة العدو الداخلي شيطان النفس والهوى، ومواجهة العدو الخارجي الطواغيت والظلمة ‏والمحتلين.‏
إن الجهاد أساسٌ في منظومتنا الإسلامية التي نتربى عليها. مرحباً بِقومٍ قضَوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر.‏
قالوا: وما الجهاد الأكبر يا رسول الله؟ قال: جهاد النفس.‏
نحن في حالة جهادين: جهاد النفس وجهاد العدو، وهما مترابطان معاً. وهنا دور العلماء الأساس في تربيتنا على الجهاد وذلك ‏لِحماية الإنسان وزرع بذور مكارم الأخلاق والقيم والحياة الطيبة في نفسه وفي حياته.‏
ما هو الهدف من إرسال الرسل؟ وعلى أساسهم كان يعمل علماؤنا؟
قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ ‏لِلنَّاسِ، وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ، إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.‏
يعني هناك دور للعلماء في التعليم والتربية وفي إقامة العدل بين الناس، وفي استخدام الحديد من أجل المواجهة مع الأعداء ‏لِمنعهم من فرض تعاليمهم وشروطهم على البشرية.‏
لقد قدّم العلماء أنفسهم شهداء، وأولادهم شهداء، وهم في الصفوف الأمامية دائماً. عاشوا حياة الناس ومعهم وبينهم.‏
هذه هي ميزة حزب الله بأنه أوجد علاقةً منظمة لِمشروع الرسالة السماوية من أجل الإنسان، وهي الإسلام، بين شرائحه ‏المختلفة؛ بين العلماء وبين الناس بِطريقةٍ نشعر أنهم أمام مجتمعٍ واحد ورؤية واحدة وخط واحد.‏
استقى العلماء واستقى حزب الله من العلماء الكبار هذه المنهجية التي بلورها الإمام الخميني قدس الله روحه الشريفة، وتابعها ‏الإمام الخامنئي دام ظله، وأسس لِتطبيقها الإمام موسى الصدر أعاده الله سالماً ورفيقيه، مقاومةً وحركةً اجتماعية، وبلور مسارها ‏سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه.‏
لقد نجح علماؤنا في بناء الأصالة والاستقامة والعزة والحياة الطيبة ومشروع المقاومة.‏
فوجئ الكثيرون في لبنان وخارج لبنان كيف استطاع حزب الله أن يشقّ طريقه، لأنّ على أساس الفكرة الموجودة أن المتدينين ‏يعتزلون الحياة، يبتعدون عن الناس، لا يتمكنون من التفاعل معهم، لا يتمكنون من الاختلاط بهم، وإذ بِحزب الله يتميّز بِطريقة ‏عمله من ناحية له التفاف شعبي كبير ومؤثر، وهذا الالتفاف الشعبي محل نقاش ودراسة: كيف لِهؤلاء الشباب والشابات، ‏الأطفال، الرجال، النساء، الكبار، كل شرائح المجتمع يلتفون حول حزب الله بطريقة مميزة وملفتة، هذا كله بسبب المشروع ‏الإسلامي من ناحية، وأداء العلماء والمبلغين والمثقفين في هذا الاتجاه السليم الذي عُرض على الآخرين. إذن هذا الالتفاف ‏الشعبي هو أمر طبيعي لأن هناك مواكبة للفطرة الإنسانية، وهناك تقديم لِتجربة صادقة أمينة مخلصة تبتغي مصلحة الإنسان، ‏وهذا هو التفسير الصحيح للإسلام الذي يُبعد التفاسير الخاطئة والأداء الخاطئ الذي ارتكبه البعض في مراحل مختلفة من حياتنا. ‏نحن عملنا كحزب الله على أساس «كمال الدين»: ‏«‏اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينًا‏»‏. ‏والتزمنا بثوابت الإسلام، وآمنا بالجهاد في سبيل الله كهداية للبشرية: «والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع ‏المحسنين». وعملنا على مكارم الأخلاق: «إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق»، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وآمنا ‏بالكلمة السواء: «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نُشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا ‏أربابًا من دون الله». كذلك تربينا على حب الوطن، والحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «حب الوطن من ‏الإيمان»، وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: «عمرت البلدان بحب الأوطان». آمنا بالحرية: حرية الاختيار، حرية إقامة ‏الدولة، حرية التعبير، حرية الإيمان. قال إمامنا الحسين عليه السلام مُخاطبًا الطرف الآخر في كربلاء: «إن لم يكن لكم دين ‏وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارًا في دنياكم هذه». هذه هي التعاليم التي عملنا على أساسها، وهذه هي التعاليم التي ثبتها ‏علماؤنا، وكان لهم الفضل الكبير في هذا الترويج وهذا الثبات وهذا الاتجاه الذي أسس لِمسارٍ مميز ومختلف عن المسارات ‏الأخرى‎.‎
طبعًا اليوم عندما استطاع حزب الله أن يقدم هذا النموذج الراقي الرائد، وأن يؤثر في لبنان، وأن يؤثر في كل المحيط، وأن ‏يعطي تجربة مميزة على الصعيد الوطني وعلى الصعيد العام وعلى صعيد مواجهة العدو الإسرائيلي، كان محط أنظار. وبالتالي ‏أصبح العالم المستكبر والانحراف والطاغوت يريدون أن يشوشوا على حزب الله، يريدون أن يقضوا على حزب الله، يريدون ‏أن يواجهوا المقاومة لأنها تطرح مشروعًا تغييريًا فيه وطنية وتحرير واستقلال وكرامة وإنسانية وعزة وأخلاق. وهؤلاء لا ‏يريدون لنا أن نعيش هذه الحياة، ولا يريدون لمواطنين أن يعيشوا هذه الحياة، لأن التركيبة العالمية قائمة على أساس أن ‏المستكبرين يضغطون على المستضعفين ويحاولون السيطرة عليهم حتى يتمكنوا من فرض شروطهم، ويستثمروا العالم كله ‏اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا لِمصالحهم. هنا كانت تجربة حزب الله تجربة مميزة‎.‎
هل يُعقل أن يتمكن حزب الله من أن يعيش مع الآخرين؟ تبيّن أنه هو الذي يستطيع أن يعيش مع الآخرين، بل هو قطب من ‏أجل تفاعل الآخرين ومن أجل جمع الآخرين. أنا أذكر في سنة 1997 عندما كنا نفكّر ماذا نفعل حتى تكون المقاومة منتشرة، ‏وحتى نجمع كل المقاومين الشرفاء من الأحزاب والقوى والشخصيات، لابد من وضع إطار معين. في السابق كان هناك شيء ‏اسمه الحركة الوطنية، وانتهت مع الاجتياح الإسرائيلي. بقيت هناك محاولات لجبهة وطنية تقاوم العدو الإسرائيلي، لكن متفرقة. ‏وبالتالي مع الزمن لم يعد هناك إطار عام يجمع على مستوى الوطن. فكرنا سنة 1997 كيف نعمل حتى نجمع هذه القوى. عملنا ‏اجتماعًا للأحزاب والقوى الوطنية تحت شعار المقاومة، واجتمع من العلماني إلى الشيوعي إلى المسيحي إلى المسلم إلى قوى ‏مختلفة مع بعضهم، وكُنا أساسًا في هذا الاجتماع. يعني استطاع حزب الله أن يكون جزءًا لا يتجزأ من تكوين المقاومة اللبنانية ‏الشاملة لكل القوى، وأن يتعاون معها‎.‎
استطاع حزب الله أن يبني علاقة مع أهم تيار مسيحي في سنة 2006، واستطاع مع التيار الوطني الحر أن يُعطي نموذجًا ‏لتحالف يمكن أن يكون بين حزب الله وقوة مسيحية مؤثرة على الساحة، لتقاطع مجموعة من القناعات على قاعدة الموضوع ‏الوطني وعلى قاعدة موضوع النهضة بلبنان. إذن حزب الله بتجربته لم يكن معزولًا ولم يكن فارضًا لآرائه على أحد، كان دائمًا ‏متعاونًا وكان يفتح اليد، وأعطى تجربة إسلامية رائدة. هذه التجربة أغاضت الغرب، وأغاضت المنحرفين، وأغاضت ‏الإسرائيليين، وبالتالي بدأوا الهجوم عليها. وطبعًا كل الذين لا يريدون النظافة والطهارة والعزة والكرامة والوطنية أن تبرز عند ‏أي جهة من الجهات بدأوا بسهامهم تحت عناوين مختلفة. لكن الحمد لله هذه التجربة تبيّنت أنها رائدة‎.‎
اليوم حزب الله عندما جاء قداسة البابا إلى لبنان استقبله كشافة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف على طريق المطار ‏بالآلاف، ومعه أناس آخرون. عملوا مقابلات مع بعض الأطفال، يعني نستطيع أن نقول والله إنهم وضعوهم وصَفّوهم، وبالتالي ‏لا أحد يقدر يعرف ما الأفكار وما القناعات التي عندهم. لكن عندما تأتي وسائل الإعلام عربية وأجنبية وتعمل مقابلة مع ولد أو ‏بنت عمره 8 سنين أو 9 سنين أو 12 سنة ويقول: أنا وطني. ويقول: أنا أحب البابا. ويقول: أنا أريد أن أتعاون مع المسيحيين. ‏ويقول: نحن في بلد واحد واتجاه واحد. هذا يعني أن التربية التي نعطيها في كشّافنا، في مدارسنا، في لقاءاتنا الداخلية هي التربية ‏التي تبرز لدينا كتجربة صارخة ومهمة جدًا على صعيد الاستقامة وعلى صعيد الوضع الوطني والتعاون مع الجميع‎.‎
هذه هي التجربة. حزب الله أصدر بيانًا إلى البابا، طبيعي أن يصدر بيان وأن يطلب منه أشياء وأن يشكره على أشياء. وإذ ‏بحملة تقوم بها بعض الجهات المتضررة والمنزعجة وتواجه البيان. فلماذا تواجهون البيان؟ لدينا زيارة، إذهبوا واهتموا ‏بالزيارة. في الحقيقة يُواجهون البيان لأنهم وجدوا أنه دخل إلى القلب، وأنه أثر أثره، وأنه أبرز صورة ناصعة في الواقع اللبناني ‏لحزب الله، وهم يعملون من كل الجهات لكي يُنزلوا هذه الصورة أو يُشوهوا هذه الصورة. لا يستطيعون. من يريد أن يشوه ‏صورة جماعة قاتلوا وقدموا وضحّوا وأعطوا بالدماء حتى برزوا أمام العالم؟ من يريد أن يُشوه صورة شعب غني بقوته ‏وبمعنوياته وبوطنيته وبرغبته بأن يكون في الموقع العزيز؟ وهذا يظهر على الشاشات أمام جميع الناس. من يقدر أن يواجه هذه ‏التصريحات للأطفال وهذه المشاهد وهذه الكلمات التي تسطع في سماء العزة والكرامة والوطنية والتحرير والإخلاص؟ لا أحد ‏يستطيع؟ لذلك الحمد لله هذه التجربة تجربة رائعة مهمة مؤثرة. وعلى كل حال لو ما كنا مؤثرين إلى هذه الدرجة ما كانت هذه ‏السهام تأتي من كل حدب وصوب. لكن بالنهاية أقول لكم: كل هذه السهام ستتكسر وستزيدنا عزيمة وقوة وطاقة، لأننا جماعة آمنا ‏بالله تعالى وتربينا على أيدي العلماء الربانيين الذين خطوا هذه المسيرة لمصلحة الإنسان، وهذا ما سيبرز في كل المراحل‎.‎
صلّوا على محمد وآل محمد‎.‎
أدخل إلى الموضوع السياسي وأتحدث بثلاث نقاط‎:‎
أولًا‎: ‎‏ من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف سياسي في داخل الوطن. كيف ننظم الاختلاف السياسي؟ يُفترض أن ننظمه بحسب ‏الدستور ومنظومة القوانين والحقوق والواجبات، وأن نتفاهم على كيفية المواكبة والمتابعة ضمن إطار أن الخلاف الداخلي هو ‏خلاف على تحسين شروط بناء الدولة، لا أن يكون هذا الخلاف مبنيًا على أن يكون بعض من في الداخل أدوات لبعض من في ‏الخارج، أو أن يعمل لترويج المشروع الإسرائيلي. من هنا نحن نتعاون مع الجميع لبناء الدولة وتحرير الأرض، وهذا هو ديدننا ‏وهذا هو عملنا، وصحيفة أعمالنا تُثبت بشكل واضح. لا ننتظر شهادةً من أحد. نحن لا نعمل حتى نُبين، نحن نعمل حتى يرضى ‏عنا الله عز وجل. ولذلك لا ننتظر شهادة من أحد. أيضًا نحن لا نعطي شهادة لأحد. لسنا واضعين أنفسنا في محل أننا نقول: هذا ‏وطني وهذا ليس وطنيًا. لا نصنف. فلا يتصدى بعض الناس في لبنان فيبدأون بإعطاء شهادات وطنية، وهم بحاجة لمن يبرئهم ‏من الجرائم التي ارتكبوها، ومن القتل في الشوارع، وفي الطرقات، وفي الأماكن المختلفة، وخاضوا حروبًا أهلية، وكانوا في ‏تاريخ سيء. هؤلاء لا يستطيعون إعطاء شهادات. يا أخي فليصمتوا على الأقل لمصلحتهم، حتى لا يشير أحد إليهم. ولذلك لا ‏نحن نعطي شهادة لأحد، ولا نقبل أن يعطي أحد شهادة لأحد. فليحكم الناس بشكل مباشر، وهي تؤيد أو تعارض بحسب التجربة ‏القائمة. وعلى كل حال الانتخابات النيابية تُبرز الشعبية وتبرز الاتجاه العام، وهي حاكمة على كل الأفكار وعلى كل التقييمات‎.‎
الأمر الثاني:‏‎ ‎‏ لبنان يواجه عدوانًا إسرائيليًا توسعيًا خطِرًا يجب مواجهته بكل الوسائل والسبل. بعضهم يقول أنه لدى إسرائيل ‏مطالب، يا أخي ماذا تقول أنت؟ أنت محامي إسرائيل؟ أنت تنوب عن إسرائيل؟ أنت مأجور لإسرائيل؟ يا أخي لماذا تبرر لها؟ ‏يقول نتنياهو: «أريد إسرائيل الكبرى». أنت تقول: كلا، هذا كلام ثقافي، كلام عام، هو لا يقصد هذا الموضوع. لذلك أنا أقول: ‏انتبهوا. هذه التصريحات الإسرائيلية ليست معزولة عن كل التاريخ منذ بدء الاحتلال في منطقتنا. إسرائيل توسعية. إذا في وقت ‏من الأوقات رأيتم أنها اقتربت ثم رجعت، فهي لم ترجع إلا لأنها لم تستطع أن تهضم ما تحتل. في سنة 1982 وصلت إلى ‏العاصمة، ولم تخرج حتى بعد 18 سنة من 1982 إلا بفعل ضربات المقاومة. ولو لم يكن هناك ضربات للمقاومة لما خرجت. ‏كانت أسست لمستوطنات، وكانت عملت أشياء كثيرة في لبنان. واليوم أنا أقول لكم: هذا العدو عدو توسعي. في الاتفاق لم يلتزم ‏بالاتفاق. لبنان التزم، مقاومة لبنان التزمت، ولكن إسرائيل لم تلتزم، واعتداءات دائمة. هذه الاعتداءات ليست من أجل السلاح ‏الموجود بيد حزب الله أو المقاومة؛ لا، هذه الاعتداءات من أجل التأسيس لاحتلال لبنان بشكل تدريجي، ورسم «إسرائيل ‏الكبرى» من بوابة لبنان‎.‎
نحن نتعاون مع الدولة اللبنانية، ونقول بأنها اختارت سلوك الدبلوماسية لإنهاء العدوان وتطبيق الاتفاق، ونحن معها في أن ‏تستمر في هذا الاتجاه. لا علاقة لأمريكا ولا لإسرائيل في كيفية تنظيم شؤوننا الداخلية. ليس شأنهم أن يقولوا: أنتم الدولة اللبنانية ‏قالت حصرية السلاح، ونحن نشرف عليكم لنرى كيف عملتم حصرية السلاح، ليس لكم علاقة، ماذا نقرر بلبنان، ماذا نعمل ‏بلبنان، ماذا نتفق بلبنان، ماذا نختلف بلبنان: لا علاقة لإسرائيل ولا علاقة لأمريكا. علاقتُهما أن يتكلموا عن الاتفاق، وعن ‏الضوابط التي التزم بها لبنان معهم والتزموا مع لبنان. ليذهبوا ويطبقوا ما عليهم. الحدود التي يجب أن نقف عندها في كل ‏علاقاتنا الآن كدولة لبنانية مع العدو الإسرائيلي هي حدود الاتفاق الذي يتحدث حصراً عن جنوب نهر الليطاني. لا يوجد شيء ‏اسمه «بعد جنوب نهر الليطاني». كل الأمور الأخرى لها علاقة باللبنانيين فيما بينهم. 1701 له علاقة باللبنانيين فيما بينهم. هم ‏يطبقون، وهم يقومون باللازم، وهم يضعون الخطوات العملية. لا علاقة لإسرائيل وأمريكا: لا علاقة لهم بالسلاح، ولا علاقة لهم ‏بترميم القدرة، ولا علاقة لهم بالاستراتيجية الدفاعية، ولا علاقة لهم بخلافات اللبنانيين واتفاقاتهم وآرائهم. ليجلسوا جانبًا. نحن ‏نتفاهم مع بعضنا. أما هم يكونون مسلطين ويفرضون شروطهم ويديرون، فهذا أمر مرفوض‎.‎
ثم أنا أريد أن أقول لكم شيئًا: اليوم عندما إسرائيل تقول هي وأمريكا أنهما يريدان نزع سلاح حزب الله،هل هم مكتفون بالكلام ‏عن نزع السلاح؟ يقولون لنا: يا أخي ما المشكلة؟ يطالبون بنزع السلاح. ونحن على المستوى الوطني نريد نزع السلاح، هل ‏تسمعون ماذا يقولون؟ يريدون نزع السلاح وتجفيف المال، ومنع الخدمات، وإقفال المدارس، وإقفال المستشفيات، ويمارسون ‏منع الإعمار، ومنع التبرعات، ويهدمون البيوت، وكل الأموال والإمكانات. يعني بمعنى آخر: هم يريدون إلغاء وجودنا. يعني ‏أنتم تقنعوننا بأن القصة فقط قصة نزع السلاح، ويُحل الوضع في لبنان؟ لا يُحل شيء في لبنان. فضلًا عن أننا نزع السلاح غير ‏مقبولين به، حتى نقبل بالأمور الأخرى؟ فليكن عندكم واضح: سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا، ونحن مستعدون للتضحية إلى ‏الأقصى، ولن نستسلم، وسيكون بأسنا أشد وأشد، ولن نستسلم. سنكون إلى جانب أهلنا وجرحانا وأسرانا. أسطورة التضحية ‏والنبل والصبر. اخرجوا من هذه القصة هذه أن يأتي البعض لِيحاول أن يروج أن القصة هي قصة بسيطة. لا. سنحفظ العهد ‏وأمانة الشهداء، ولن نتراجع. فليكن واضحًا عندكم: لن نُعير خدام إسرائيل أهمية، ولن نُعير إسرائيل وأمريكا أهمية. نحن سنهتم ‏بمن يريد أن يسمع من مواطنينا ومن القوى السياسية، ويناقش ويتعاون ضمن إطار البلد الواحد في إطار استراتيجية دفاعية ‏نتفق عليها. هذا هو الخيار الوحيد المطروح، وغير ذلك لا يمكن. كذلك من يتراجع عن المشروع الإسرائيلي سنفتح له الباب، ‏وسنناقش معه أيضًا. لن نغلق الأبواب، لكن على قاعدة العزة والكرامة والاستقلال، وبقاء قدرة الدفاع بأيدينا. هذه قدرة دفاعية لا ‏يستطيع أحد في العالم أن يمنع من قدرة الدفاع ومن الوقوف في وجه من يعتدي عليه. هذا أمر محسوم ومنتهٍ عندنا. وليجربوا ‏بأمور أخرى. ليذهبوا ويفتشوا على جماعات منهزمة حتى يناقشوها بهذا النقاش‎.‎
ثالثًا‎: ‎‏ فلتقم الحكومة اللبنانية بواجباتها. أول واجب عندها حماية السيادة وبناء الدولة والاقتصاد وخدمة الناس. لتذهب وتلحق ‏أولًا بواجباتها. نحن ننتظر من هذه الحكومة أن تُبين لنا بطولاتها وإنجازاتها بإيقاف العدوان والتحرير. أعطونا تقريرًا منذ أن ‏استلمتم الحكومة إلى الآن: ماذا عملتم على مستوى مواجهة العدوان؟ ماذا عملتم على مستوى تحرير الأسرى؟ ماذا عملتم على ‏مستوى الإعمار؟ ماذا عملتم على مستوى خدمات الناس؟ أين تقدمتم في اقتصاد البلد؟ إذهبوا واشتغلوا في هذه، ولا تشتغلوا بأن ‏تعطوا تصريحات للأجانب تحت عنوان أنه حتى يرضوا عنكم، أو أنكم تعرضون أكتافكم بأنكم تستطيعون أن تعملوا أشياء. أنا ‏أقول لكم: لا تعرضوا هذه الأكتاف كثيرًا، لأن أكتافكم تكون عريضة ومهمة ومؤثرة عندما نكون نحن وإياكم وكل القوى الوطنية ‏متفاهمين في مواجهة المحتل. ليس لدى الحكومة ما تتبرع به. لماذا تعملون بهذه الطريقة؟ دعونا نعمل ليكون اللبنانيون يدًا ‏واحدة على أعدائهم‎.‎
أما موضوع المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار، هذا الإجراء مخالف بوضوح لكل التصريحات والمواقف ‏الرسمية التي صدرت والتي كانت تقول إن إشراك أي مدني في الميكانيزم شرطه وقف الأعمال العدائية من جانب العدو. طيب ‏هل توقفت الأعمال العدائية؟ هل أخذتم بهذا الشرط؟ قدمتم تنازلًا مجانيًا؟ وهذا التنازل لن يُغير من موقف العدو ولا من عدوانه ‏ولا من احتلاله. وها أنتم: ذهب المندوب المدني واجتمع، وزاد الضغط العسكري والعدوان، واستمر العدوان على حاله. إسرائيل ‏تريد أن تقول: هي تريدكم تحت النار. أمريكا تريدكم تحت النار. وبالتالي كل خطوة تُقدمونها لن تكون إلا جزءًا لا يتجزأ من ‏مطالب إسرائيل، وليس للبنان أي مطلب. هل هذا ما تُريدونه؟ نحن نعتبر أن هذا الإجراء هو سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة ‏قرار الخامس من آب. حمى الله لبنان مما هو أعظم‎.‎
يا أخي أعد النظر، بدل أن تضعوا خطوات إلى الأمام تعطيكم قوة وتحقق إنجازات، أنتم تعملون تنازلات لن تنفع مع إسرائيل. ‏على كل حال بعد الفرصة موجودة، تستطيعون أن تقفوا على قاعدة: فلتوقف إسرائيل إطلاق النار، تستطيعون أن تعملوا ‏خطوات إعادة الإعمار، ضعوها بوجه إسرائيل، تستطيعون أن تعملوا تفاهمًا داخليًا على قاعدة ألا نسمح بعد بأي تنازل إلا أن ‏تطبق إسرائيل الاتفاق الذي عليها. على كل حال نحن كحزب الله قمنا بما علينا، مكّنا الدولة من فرض سيادتها في إطار الاتفاق، ‏وتأكدوا بأنهم لا يستطيعون شيئًا عندما نتوحد. أمامنا سنة كاملة من الصمود بعد الاتفاق مع كل هذا العدوان. هذا دليل على أننا ‏إذا وقفنا نستطيع أن نقف وأن نستمر. خذوا علمًا وأنتم تعرفون ذلك. لبنان كالسفينة، التماهي مع إسرائيل يعني ثقب السفينة، ‏عندها يغرق الجميع. أتمنى أن ندرس جيدًا خطواتنا، وأن نعتمد على أن لدينا مشكلة واحدة في لبنان هي العدوان الإسرائيلي، ‏وعلينا أن نواجه هذا العدوان أولًا موحدين، وبعد ذلك كل الأمور لها طرقها ولها حلولها‎”.

📢 اشترك بقناتنا على واتساب
تابع آخر الأخبار والتنبيهات أولًا بأول.
انضم الآن