طوفان الاقصى عملية احيت تاريخآ..!

 

بِقَلَم العَميد مُنْذِر الايوبي*

ما انفك رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يناطح جدران مدن القطاع مكملآ لهاثآ خلف نصر سراب مصرآ عَلى اجتياح مدينة رفح “جنوب غزة” إن عاجلآ ام آجلآ رغم خنوع جلي فرضه دأب احتجاج اهالي الاسرى الاسرائيليين مِن مدنيين وجنود كما اعضاء مجلس الحرب المصغر دخولآ في مفاوضات وان بصورة متقطعة عَلى مستوى الرباعية الدولية توصلآ لاتفاق وقف اطلاق النار، ضمن مرحلة زمنية محددة تتزامن مع اخلاء سبيل المحتجزين لدى حركة حماس مقابل عدد كبير لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن من السجناء الفلسطينين المعتقلين في سجون الاحتلال..!

في الهروب الى الامام محاولة تملص مِن استحقاقات ما بعد انتهاء الحرب او الهدنة سواء عَلى صعيد المحاسبة القضائية كما السياسية بالتالي ضَمان استمرارية بقائه على رأس الحكومة اليمينية الحالية كما تلافي الذهاب نحو انتخابات مبكرة تحمل سقوطآ مدويآ. من هذا المنطلق يعتبر نتنياهو ان اتفاق الهدنة المرتقب الممكن لَن يؤدي لأكثر مِن تأخير مرحلي للعملية العسكرية في رفح مصرحآ خلال مقابلة عَلى قناة “سي بي إس” الأمريكية “إذا توصلنا إلى اتفاق فسوف تتأخر (العملية) إلى حد ما، لكنها ستتم”٠

في سباق بين انجاز اتفاق ما واقتراب موعد شهر رمضان المبارك وفي ظل مماطلة الاستجابة لمطلب وقف العدوان والانسحاب التام وعودة النازحين إلى شمال القطاع فإن ما رشح مِن اجتماعي اللجنة الرباعية التي تضم كل مِن الولايات المتحدة، اسرائيل، مصر وقطر في باريس مِن اجواء ايجابية يستكمل حاليآ في العاصمة القطرية الدوحة، فيما اعتبر مصدر قيادى فلسطيني أن «أجواء التفاؤل بقرب التوصل لاتفاق بشأن صفقة التبادل لا تعبر عن الحقيقة». كما يبدو ان رئيس جهاز الموساد الاسرائيلي ديفيد برنياغ قد زود بتفويض محدود مِن نتنياهو لمتابعة المحادثات ضمن اطار التركيز عَلى الجوانب التقنية مع اصرار عَلى وضع والتزام جدول زمني يلحظ آلية تطبيقية لاي اتفاق عَلى ان يدخل حيز التنفيذ اول الشهر المقبل في حال نجاح المفاوضات..!

في السياق، يسيطر هاجس اجتياح رفح عَلى المسؤولين المصريين مع خشية متنامية مِن مجاعة تطال اهالي القطاع كما تفاقم الاوضاع الانسانية المأساوية، في وقت يرتفع فيه منسوب التوتر بين القاهرة وتل ابيب بشكل غير مسبوق عَلى خلفية محاولة العدو تنفيذ مخطط قديم متجدد يقضي بتهجير فلسطينيي غزة الى صحراء سيناء، مع محاولة سيطرة القوات الاسرائيلية واغلاق (نقطة التوقف الجنوبية ذات الخصوصية الامنية) محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر بِما يهدد تعليق اتفاقية السلام (كامب ديفيد) مِن قبل الجانب المصري او عدم التزام بنودها..!

تاليآ؛ في ظل تعنت اسرائيلي مرتكز على تضمين اي اتفاق نهجآ تدريجيآ لإطلاق سراح فئات مختلفة من الأسرى الإسرائيليين، بدءا من المدنيين وانتهاء بالعسكريين مقابل وقف الأعمال القتالية، والإفراج عن أسرى فلسطينيين مع الموافقة عَلى إدخال المزيد من المساعدات إلى قطاع غزة تبدي حركة المقاومة الاسلامية تشددآ في مواقفها مصرة عَلى صَفقة شاملة تضمن وقفآ دائمآ لاطلاق النار قبل تخلية سبيل الاسرى خلال المرحلة الاولية، كذلك تطالب بضمانات جدية قائمة عَلى اساس انهاء العدوان وانسحاب كامل لجيش العدو من القطاع اضافة الى رفع الحصار المفروض منذ سنوات..!

في مشروعية الضمانات اولوية مبدأية قائمة عَلى خلفية غدر معتاد اتقنه العدو يمارسه نتنياهو دون وازع اخلاقي او التزام خطي، اذ تصر قيادة حركة حماس عَلى كفالة تصدق وعدآ مِن ثلاثي اللجنة الرباعية “الولايات المتحدة، مصر، قطر” لجهة عدم استئناف العدوان بمجرد اطلاق سراح الاسرى المدنيين دون اي اعتبار فيما لو بَقي الجنود الاسرائيليون محتجزين لديها سندآ لتصريحات سابقة من اركان الكَيان الصهيوني، وآخرها للمتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية ايلون ليفي في مؤتمر صحفي (ان حكومته لَن توافق عَلى وقف اطلاق النار يبقي عَلى ادارة حركة حماس للقطاع)..! فيما يعلن راس حكومة الضواري ان (لا انهاء للحرب عَلى غزة قبل القضاء عَلى حماس) متجاهلآ في آن ارتباكآ يسود وفوضى عارمة تستشري على مستوى التنسيق العملياتي بين الوحدات المقاتلة داخل القطاع وتلك المعنية بتنفيذ مهام الدعم والاخلاء والمساعفة، سيَما لجهة النقص في المعدات وعدم كفاءة الخدمات اللوجستية اللازمة، هذا ما اكده الجنرال الاسرائيلي المتقاعد إسحاق بريك خلال احدى الفعاليات معبرآ عن “صورة مُقلِقَة للاوضاع القتالية في غزة” متحدثآ عن فقدان الحافز للقتال لدى جنود وحدة الاستطلاع الخاصة Maglan 212 معتبرين انفسهم (كما البط في ميدان الرماية) وفق ما نقلت صحيفة هآرتس..!

مِما لا شك فيه ان صمود مقاتلي المقاومة الفلسطينية عَلى مَدى اكثر مِن اربعة اشهر امام آلة القتل المهول والتدمير الهائل وقوافل الشهداء بالتوازي مع فشل العدوان في تحقيق اي مِن اهدافه المعلنة والمضمرة ستفرض وقائع جديدة عَلى مستوى الاقليم كما عَلى صعيدالقضية الفلسطينية. مِن المؤكد ايضآ ان الحصيلة السياسية والنتائج بعد التوصل الى هدنة طويلة سَتكون لصالح المقاومة رغم مجانبة صنو مكابرة مبلورة في رفض العدو اية مقاربة جديدة ترتكز عَلى حل الدولتين..

على الصعيد الوطني الاوضاع عند تقاطعات مفصلية سياسيآ وميدانيآ؛ جميع المؤشرات لا تمنح ارتياحآ يبعد كوابيس حرب يقترب عصف رياحها، رغم حرص معلن يتراوح بين التمني والتحذير مِن دول اوروبية وعربية عَلى إبقاء البلد بمنأى عنها. اما مزامير الرئيس الاميركي جو بايدن فلا تخفِ انحيازا استراتيجيآ لإسرائيل مترجمآ دعما بالمال والسلاح وبالفيتو المرفوع بوجه قرارات الادانة الاممية، بالتوازي مع سعي (نقيض فعل وممارسة) يمارسه الثنائي هوكشتاين- جونسون هدف منع توسع المواجهة جنوبآ، فيما بات تطبيق القرار 1701 مرتبطآ بوقف اطلاق النار في قطاع غزة بالتزامن مع ترتيبات انسحاب جيش العدو مِن الاراضي اللبنانية المتبقية المحتلة والابتعاد عن نقاط التجاوز الحدودية المعتلمة ..!

طوفان الاقصى نضال ومقاومة احيت تاريخآ .. لم يبق امام الهائج المعتدي سوى قطع الهواء عن اهل غزة، (دون كيشوتية) تجعله يعتقد ان حربه مهمة مقدسة، هي قطيعة اصلآ عن انسانية بكل منجزاتها والقيم، تترك فُسحَة لتخيلات وتوهمات مِن صنف التصورات التوراتية المنحرفة عن عقلانية المرتهنة لمجازر الابادة الجماعية..!

طرابلس في 27.02.2024
*عميد متقاعد،كاتِب وباحث