شيرين نجمة القدس وبيت القصيد..!

بقلم العميد مُنذِر الايوبي*

كانت الطلقة بالانابة عن كل الطلقات مدى عقود الاحتلال.. اعتاد الذل مطلقها يختبئ في عتمة ظله معتمرآ “كيباه” الضلال..! وكان غلاف الرصاصة نحاسي الخوف، وعلى المسرى أرتجف الهواء،..!
كانت البندقية صدأة خضابها دماء، والفوهة ساخنة حد الذوبان؛ من غبار البارود نفثت حقدها رمادي خلف مقذوف محدد الهدف..! لا عشوائية، مباشرة على رأس لم ينحنِ، بين الاذن وحرف خوذة لم تصد نقطة المقتل..! استشهد برعم وردة عند ابتداء إيراق، يمطر الزقاق حيث الرفاق عطرآ ربيعيآ قدسيآ طهور..!

كان الحناء وشمآ لا قرحةً يكتب شعرآ على جسد يسكن قلب الخطر.. سوسنة بين اشواك متفرعة سامة مصطفة مدبدبة منتظمة الصفوف تحمل عتاد القتل…! على زاوية وارفة بين رصيف وحائط سقطت شيرين،، دون شعور بألم سال النجيع ورديآ ذكي، بقيت العينان ترسم في الحق كبرياء القضية غضبآ من بهيمية سادية لقاتل، تلملم من زرقة السماء تراتيل بيت لحم ينشده الغمام والقلب ابيض..!

كانت شخصية على اكتمال بسمو الحلاوة، ادمنت رقة الكلام داعبت العقول ولعنت الظُلام، ولطالما شاهدت لصوص الهيكل ومحراب الاقصى بشهادة ضوء القمر يعربدون في شوارع القدس وبساتين الليمون، يمارسون قنص الطيور النائمة في البيوت الآمنة..! لها في القلوب سُكنى وفي المعاجم للاسم وقع ومكان « شيرين »في مبناه تحوزه لغات ثلاث عربية، كردية وفارسية وفي معناه المرأة الطيبة الجميلة البهية الطلعة..!

كانت شمس الظهيرة تحدق في شياطين جهنم تحاور بالفولاذ واللهب اهل مخيم جنين نبض الضفة ورمزها الاخضر..! الرصاص حي يمزق هتاف المتظاهرين وعدسات اطقم الصحافة.. بدم بارد ارتُكبت جريمة قصدية متعمدة شنعاء بحق اقلام الحرية وكاميراتها البارقة؛ واحدة من جرائم لا تحصى اتقنها على اعتياد جيش احتلال دموي العقيدة..!

كانت صدمة مفجعة وخرق خطير لمعاهدات ومواثيق، الادانات اممية عربية دولية بحجم حزن ذَهول تطلب اقتصاصآ من دولة السِفاح اليهودية، والاخيرة في نكرانها الحقيقة الانسانية تترجم روح بروتوكولات صهيون…! مستندة على زيف شرائع وبهتان تعاليم صيغت من الحاخامات الثلاث “يهوذا و عقيبا وهنسيا”، في روايتها والبيان الرسمي تعمية عن شرور وتكاذب مريب ظن قدرة على طمس الحقيقة، إدعاء وقح على خلفية اشتقاق من شريعة تلمودية بجزأيها “المشناة و الغاماراه” وبنسختيها البابلية والاورشليمية..!!

كانت مستشفى مار يوسف “الفرنسية” تحضن الجثمان وفي غمرة الحزن وقدسية التشييع اقتحم جنود الاحتلال غرفها غير آبهين بحرمتها الانسانية او عظم الخطيئة..! في الكاتدرائية البطريركية للملكيين الكاثوليك تمددت شيرين جثمانآ مسجى امام المذبح تتلو صلاة المحبة، تسمع غناء الكهنة..! تفكر بخشوع علّ الايمان يجيب، أٰ بالغفران نعاقب الخطأة.؟ يا لسمو تلك القيامة من بين الاموات..! تاليآ، فرضت الجريمة نفسها ملفآ على طاولة لقاء وزير دفاع العدو بيني غانتس مع نظيره الاميركي لويد اوستن غدا الاربعاء؛ هدف تبرير قتل مواطنة تحمل الجنسية الاميركية والاعتداء الهمجي الشرس على موكب التشييع..

كانت رحلة الوداع من باب الخليل الى المقبرة نضرة غير صامتة على مسمع الدميمين الصُم، صدحت حناجر القوم بالهتاف والصلاة.. النعش مجللآ بعلم فلسطين وصدى الاجراس في جوقة التكبير مع المآذن اكثر بهاء ووضاءة..! رحلت شيرين وستبقى في البال ايقونة نجمة والقدس بيت القصيد..!

بيروت في 17.05.2022