حزام الامن البحري…!

 
بقلم ألعَميد منذر ألأيوبي*
 
حِمايَة و أمن ألمياه في ألخليج ألفارسي و ألمحيط ألهندي خاصة ألممرات ألبحرية ألإستراتيجية و ألمضائق “هرمز ألمشرف على بحر عُمان ، باب ألمندب على ألبحر ألأحمر و ملقا ألمضيق ألرابط بين ألصين ، ألهند، أليابان ، إدونيسيا ” هو هدف “ألعملية سنتينال=ألحارس” Sentinel و ذلك من خلال إنشاء و إطلاق تحالف غربي بحري تقوده ألولايات المتحدة ألأميركية و بمبادرة منها يَضُم ستة دوَل “السعودية، ألإمارات ألعربية، ألبحرين، بريطانيا، أستراليا، ألبانيا” ؛ هَذا ما أعلنه شهر حزيران الماضي قائد الأسطول الخامسألأميركي James J. Malloy ألأدميرال “جيم مالوي” من ألعاصمة ألبحرينية ألمنامة بحضور قادة ألقطع ألبحرية ألتابعة للدول ألمشاركة على خلفية سلسلة حوادث و هجمات إستهدفت ألناقلات ألنفطية تخللها إسقاط طائرة الاستطلاع الاميركية المُسيرة ألمتطورة RQ- 4 Global Hawk في مياه الخليج مِما أدى الى رفع منسوب ألتَوَتُر بشكل غير مسبوق مع قوات ألبحرية الإيرانية و ألحرس ألثَوري ..
 
كان من ألواضح أن القيادة ألأميركية لا تريد دفع ألمِنطَقة إلى مواجهة عسكرية بل تحاول تشديد ألعُقوبات على إيران عَبرَ تضييق ألخناق لجهة منع تصدير ألنَفط ألإيراني ألرافد ألأساسي لإقتصادها بَعدَ أن حددت مُسبقآ ألتركيبة ألعملياتية و قَواعد ألإشتِباك بألنسق ألدفاعي ضمن سيناريوهات رد بحري دولي مشترك على أيَة هجمات مستقبلية قد تستهدف ألسفن و ناقلات النفط إضافَةً إلى مواكبتها في الممرات البحرية ؛ وِفقَ تصريح صريح من ألأدميرال مالوي في حينه : “ليس هناك منمخطط هجومي لجهودنا، باستثناءالالتزام بالدفاع عن بعضنا البعض فيحال تعرّضنا لهجمات“..!
 
من جهة أخرى ، رُغم سعي واشنطن لزيادة عدد ألدول ألمنضوية ضمن هذا التحالف بِما يضمن تطويقآ سياسيآ و رفع ألقدرة ألعسكرية إلا أنَ حلفائها لا سيما منهم ألأوروبيين تحفظوا عن ألمشاركة و لو بمهام ألحَد ألأدنى “أللوجستية” لعدة أسباب منها ألخِشيَة من تعميق ألخصومة مَع طهران ، تلافي ألتورط في حرب مفتوحة من ألصعب ألتكهن بنتائجها و أبعادها ألجيوسياسية ، ألحفاظ على العلاقات ألتبادلية بعد أنَ أنشأ ألإتحاد ألأوروبي كيانآ قانونيآ بهدف مواصلة التجارة مع طهران و تفادي ألعقوبات ألأميركية ، بألإضافَةً إلى ضَرورَة عدم إعطاء طهران أية حجج أو ذرائع تدفع بها نحو وقف ألعمل بألإتفاق ألمتعلق ببرنامجها ألنووي خاصَةً بعد قَرار ألرئيس ألأميركي دونالد ترامب ألإنسحاب مِنهُ ضِمنَ سياسة “ألضغوط ألقصوى” ..
 
توازيًا ، في رد مباشر غَيرَ متأخر إنطلقت يوم ألجمعة ألماضي 27.12.2019 لمدة أربعة أيام ألمناورات ألبحرية ألمُشتركة ألأولى تحت مسمى “حزام ألأمن ألبحري” بمشًاركة قوات بحرية من “إيران ، روسيا ، ألصين”؛ تشمل بقعة عملياتها مسطحآ مائيآ بمساحة 17000 Km2 تضم بحر عمان و شمال ألمحيط ألهندي .. توصيفآ ، ألأميرال غلام رضا طحاني مساعد قائد ألقوات ألبحرية ألإيرانية لشؤون العملياتأعلن عن بدء ألمناورات “ألتي تهدف إلى ترسيخ ألأمن و أركانه في ألمنطقة كما أنها ألمرة ألأولى التي تقوم فيها ألجمهورية ألإسلامية بمناورات نوعية مشتركة مع ألقوات ألبحرية للدولتين ألعظمتين روسيا و ألصين”، إستطرادآ بيان قيادة ألجيش ألأيراني أورد “أن هذه المناورات هيلتبادل الخبرات بين القوات المسلحةللدول الثلاث ، كَما أن أهدافها الأخرىمواجهة الإرهاب والقرصنة البحرية”..!
 
من ألمنظور ألإستراتيجي تبدو هذه ألمناورات أكبر من تدريبات و تبادل خبرات و أكثر من رسالة بما يعادل ألتحذير في أبعادها ، أما إرتداداتها و نتائجها فتكمن في شكلها و أهدافها أولآ فيما يتعلق بحجم و نوعية ألقطع ألبحرية ألمشاركة لا سيما منها ألروسية و ألأسلحة ألمزودة بِها من أهمها منظومة صواريخ موسكيت P-270 Moskit ألجوالة و ألمضادة للسفنألمتميزة بسرعتها ألفوق صوتية 3 Mach و ألمزودة بمحرك نفاث تضاغطي Ramjet يؤمن استجابة قصوى للسفينة المدافعة25 إلى 30 ثانية مما يجعل عملية ألتشويش والتدابير المضادة صعبةللغاية ..!
في ألمضمون تحجيم أو تقزيم دور ألأسطول ألخامس ألأميركي ألعامل في ألمنطقة لجهة ألتحكم
و ألسيطرة ، بألتالي ضَمان أفضلية مكتسبة أساسآ في حماية أمن و سلامة ألملاحة ضِمنَ ألحَيز ألجغرافي ألشاطئي للدولتين إيران و ألصين و حِفظُ ألمصالح ألجيوسياسية مَع روسيا ألإتحادية .. أما ألجوهر ألمتلازم فهو إفهام ألجميع أنَ تطويق و عزل إيران يبقى ضمن ألهامش ألوسطي إذ أن ألإختناق ألكامل غير مسموح به و غير واقعي ..!
 
في سياق متصل ، رُغم أن حاملة ألطائرات أبراهام لنكولن و ألمجموعة ألمرافقة لَها توجهت خلال شهر حزيران ألماضي إلى ألشرق ألأوسط و تمركزت في بحر ألعرب بعد عبورها مضيق هرمز متلافية ألإقتراب من ألضفة ألإيرانية إلا أنه و خِلافآ لما هو متوقع لَم يرتفع منسوب ألتوتر بين ألمحورين ألمتقابلين غداة ألمناورات إذ غادرت ألحاملة ألأميركية USS Lincoln مياه ألخليج متوجهة إلى قاعدتها ميناء “نورفولك” في ولاية فيرجينيا Naval Station Norfolk دون أية محاذير تذكر ..!
 
ختامآ و إستنتاجآ ، ألمياه لَيسَت ضحلة في ألخليج ألفارسي و ألمحيط ألهندي أما ألغرق في أعماقهما فلا يستلزم أكثَر من خطأ في ألتقدير سياسيآ و ميدانيآ ، لذلك فإن هذا ألحراك ألعسكري ألمتقابل بين جانبي ألصِراع لن يتعدى قَواعد ألإشتباك ألمحددة ضمن محاولات إختراق متبادلة محدودة ألنتائج و ألعواقب ..! مؤكدآ ألتبريد ألمتاح سَيَكون من ثمار مؤشرات حلحلة و حلول مرحلية للأزمة أليمنية أولآ و إيجابيات ملموسة تاليآ من خلال حوارات متنقلة من سلطنة عمان إلى ألكويت مع قنوات مستحدثة باكستانية عراقية تدور حاليآ بين ألديبلوماسيتين ألإيرانية و ألإماراتية بحثآ عن مخارج للحروب بألوكالة و صراع ألنفوذ ..!
 
بيروت في 31.12.2019
*عميد، كاتِب و باحث.