بلد يُدار بلا عقل ولا بصيرة ..!

بقلم العميد منذر الايوبي*

في وصف المشهد المخزي لم يعد من داعٍ، إذ ان وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي تتكفل عرض فولكلور الاجتماعات الحكومية واللجان النيابية، كما تلك المكلفة وضع خطط العقم المنهجي او تجديدها سواء في المحتوى ام في التنفيذ، تزامنآ مع ضجيج سياسي وزاري منه ما يتعلق بتعيينات او تجديد ولايات كما تأكيد على اجراء انتخابات مسلك تمرير وقت لا اكثر..!
استطرادًا، على مقصلة دولار يشحذ نصله تتالي تعاميم المصرف المركزي قبضة بيد مصارف قابضة على جنى الاعمار، يعيش البلد حالة من التشظي، اجزاء صعبة الجمع تنحو نحو فراغ مميت، في ظل لهيب اسعار مترادف مع جرم احتكار, تهريب سلع اساسية او اخفائها, فقدان كهرباء ومحروقات الى آخره من ارتكابات..!

تاليآ، لم يكن انفجار البهجة سنوات معدودات الا سراب, عَمد خديعةٍ تُرِكت بها خزائن المال على مصراعيها الى ان فرغت، واذ تظهر الخيط الاسود افلاسآ قاتمآ بعد 17 تشرين كان الآوان قد فات.. علق الناس على مقصلة الهموم، اذ استحالت السرقة كلية من الرغيف الى الابتسامات..
في الغباء استفحال صنو اللامبالاة، خبط عشواء يدار البلد، خلو عقل حَكَم من بصيرة او انعدام تبصر، لا استراتيجيات او رؤى مستقبلية، حتى العرافة احجمت عن فتح البخت وضرب الوَدَع..!
الشعب مقسم مفروز عاموديآ بصرف النظر عن الجغرافيا المناطقية المقسمة أفقيآ، على خلفية انتماء طائفي ومذهبي سخيف. تمسك بايديولوجيات تجاوزها الزمن، ارتهان لزعامات من صنف توريث او مبايعة.. اما الرهان على انتخابات قريبة فرهنية غير آمنة على حصان اعرج لن يبلغ خط النهاية؛ اذ السباق محتدم بين اعاقة سياسية محلية واحداث او حروب اقليمية تجدد هيمنة او فرض استتباع..!
من جهة اخرى؛ في تدوير الزوايا خروج عن علوم الهندسة اذ احدودبت، حتى خطوط الترسيم البحري بدأت بالانحناء، نوع من فلسفة غامضة لا قواعد لها او اصول، تلاعب على قوس تسويات او تحالفات فيها بعض تآمر مقصود او احتواء غزل مصطنع.. ادارات على تنوع اختصاصها واجهزة على تفاوت قدراتها تنفذ سياسة مراجعها لا بل تخضع لها، اما القضاء فمنه من يساير، بعض يقايض وقلة تحكم بالعدل انطلاقآ من قسم وواجب..
الجميع قلق؛ حالة نفسية فسيولوجية شعور غير سار نوع من عدم ارتياح يصاحب خوف مع تردد تحفيز ضياع وتشتت، أنى لهذا الخليط كفاءة تمرير مرحلة خطيرة في مسار.؟ عن ضلال تعثر في القرارات لتسارع المتغيرات نتاج اختلاف المعطيات، لم تؤد لأكثر من التزام نظري لابل وهمي باصلاح، مع ترويج خطط تحمل صفة جميلة “التعافي” فيما الوطن ينتظر خيش الكفن..
في انتفاء التمييز لوحدة المآسي، لكم طرابلس عروس الثورة بدا الطلاق بائنآ بعد جرم خيانة، مزقت الاوليغارشية السياسية ثوبها وعرتها فبانت عورتها، سرقت “المهر” وهو في الاساس عقوبة شائعة لاختطاف المرأة غير المتزوجة واغتصابها، ثم سطت على التعويض المؤخر.. ركون الى فجور شهوة سلطة ومال؛ في غفلة عن موت بعد معاصي..
ورد في بحار الانوار عن الامام علي (ع): “كم من غافل ينسج ثوبآ ليلبسه وانما هو كفنه، ويبني بيتآ ليسكنه وانما هو موضع قبره” فهل من يتعظ..؟

طرابلس في 17.03.2022