بروباغندا الإغتيالات…

 

بقلم ألعميد منذر ألأيوبي *

ان تلجأ أو تنبري شخصيات سياسية حالية او سابقة وكذلك منظرون في الامن والسياسة من عشاق “الميديا” يعتلون “البلاتو”Plateau للإعلان عن موجة اغتيالات في هذه المرحلة الحساسة والظروف الدقيقة مُحذرين من استهداف قيادات سياسية أو حزبية كذلك دور العبادة او أية نقاط حساسة، فألأمر يصنف في خانة البروباغاندا الاعلامية من نوع السبق الصحفي Scoop معلومات لخبر مثير تعطى او تعلن من قبل الشخص ألمُستَضاف أحيانآ لإدعاء سعة اطلاعه او كعلاوة Bonus رُبما للشاشة المستضيفة ..!
و اذا كان الارهاب Terrorism في تعريفه و مفهومه يرمي الى بث الهلع و اثارة الرهبة Terreur و بالتالي تعميم حالة شاملة من الذعر و الخوف فان الارهابيين المتطرفين و المجموعات الارهابية باتوا يستخدمون وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي لتحقيق هذه الاهداف وصولآ الى جرائم اغتيال لسياسيين و امنيين فيها من الاحتراف الكثير أو تنفيذ هجمات دموية منها على سبيل المثال تفجير شبكات السكك الحديدية و وسائل النقل الحضري Métro ، مصادر الطاقة ، دور العبادة ، المؤسسات الصحفية ، النقاطالحساسة .. كذلك زرع العبوات و السيارات المفخخة ، الرسائل المغلفة لمواد ذات سمية عالية ، إحتجاز رهائن..الخ ..

من هذا المنطلق فإن الاعلان عن معلومات او استنتاجات عن احتمال قيام خلايا ارهابية بارتكاب جرائم اغتيال سواء عبر التحليل الشخصي او القراءات للظروف و الاحداث و المناخات المسيطرة أكانت موضوعية أم سطحية فانها لا تدخل من باب التحذير فقط سيما و انها لم تصدر عن اجهزة امنية او استخباراتية معنية بَل قد تؤدي “قصدآ ام عن غير قصد جهلآ أو عفوآ” جزءآ مما ترمي اليه التنظيمات المتطرفة و الارهابية في ضَرب الاستقرار و نشر الخوف و هز الثقة بمؤسسات انفاذ القانون و الدوائر الاستعلامية التابعة لها ..

من جهة اخرى ؛ دون التوسع في موضوع الارهاب و طرق مكافحته و تجفيف مصادر تمويله فانه من الضروري التنبه لهكذا تصريحات اعلامية او تغريدات تعمم ثقافة الخوف Culture Of Fear لا سيما في ظلالازمات التي يعاني منها المواطنين اللبنانيين في معيشتهم و طبابتهم و تعليم ابنائهم على تلازم مسارين قاتلين جائحة كورونا و الانهيار الاقتصادي و الاجتماعي و المالي المدمج مع تهريب و تحويل الكتلة النقدية الضامنة للاستقرار المالي الى خارج البلاد و الاستيلاء على اموال المودعين دون خفر او حياء ..

توازيآ ؛ من الطبيعي ضرورة عدم تجاهل هكذا تصريحات قد تعادل التهديدات احيانآ عن احتمال اقدام جماعات معينة على ارتكاب جرائم ارهابية “دفن الرؤوس في الرمال” لكن من المتوجب الهام ايضآ ان تصدر التحذيرات على المستوى الوطني عن القيادات الامنية نتيجة دراسة و تمحيص المعلومات المُحَصَلَة وفق تصنيف مصادرها بعد اجراء عملية تقاطع Info Intersection Process تشير الى نسبة مرتفعة من احتماليات تنفيذها او ارتكابها ثم اتخاذ الاجراءات و التدابير الامنية المشددة المطلوبة لتلافيها و ضرب و اعتقال من سيتولى تنفيذها من مجموعات او ذئاب منفردة ..!

في سياق متصل ؛ اضافة الى جهدها الدؤوب في متابعة الخلايا الارهابية و ضربها في اماكن كُمونها المعتلمة عبر تنفيذ غارات خاطفة Commandos وقائية استباقية Preventive فإن دوائر القرار الامني متوجب عليها متابعة تصريحات التهديد و التحذير لا سيما تلك التي يدلي بها قادة العدو او مسؤولي الامنالقومي و المعنيين متابعي تنفيذ استراتيجيات مخططات دولية او اقليمية مثال « البرنامج النووي الايراني؛ امن الخليج العربي و المضائق ؛ التوسع التركي في الاقليم المتوسطي ؛ ترسيم الحدود البحرية مع الكيانالصهيوني الخ… » كما ان عملية المتابعة لتصريحات هذه الشخصية او تلك تتضمن “الفوكسة” Focus On عَلى اجابات لعدة اسئلة منها على سبيل التعداد لا الحصر : من هي الشخصية التي اطلقت التحذير .؟ خلفياتها السياسية و الامنية .؟ ارتباطاتها الاستخباراتية مع اجهزة محلية أو خارجية اقليمية او دولية .؟ مصالحها الشخصية او الانتخابية .؟ دوافعمختلفة .. الخ . مما يفرض تاليآ و لاحقآ سلسلة اجراءات و خطوات مدروسة على المستوى الامني و الرعيلالسياسي الاعلى ..!

على الصعيد الوطني ؛ في حتمية الانقسام العامودي و الافقي المدمر الذي يسود البلاد و الشرذمة السياسية و الطائفية و المذهبية انعكاسات قاتلة على القطاعين الامني و القضائي و رغم تمتع كثير منالقضاة و القادة الامنيين كل وفق اختصاصه بالكفاءة و النزاهة و المناقبية الا ان الرعاية أو التذكية المترادفة مع التبعية السياسية او الطائفية اذا تزامنت مع تصريحات مِن هذا النوع تجعل ثقة المواطنين باجهزة الدولة و مسؤوليها مهتزة لا بل منعدمة لاحقآ ..! اذ لا يجوز خلافآ لما يحصل انتصار السياسة و الطائفية على القطاعين الاستراتيجيين الامن و القضاء فهذا الانتصار هو هزيمة للوطن ..!

تاليآ ؛ يدخل القطاع الاستراتيجي الوطني الثالث وهو الاعلام في خانة المسؤولية الكبرى لمواجهة نوع من العنف المنظم “ثقافة الخوف” Culture Of Fear فبالاضافة الى تطور اسس ومباديء وقدرات الاداء الصحفي بأبعاده الخمس على نسق الصحافة الاستقصائية الا ان التنبه خلال الحلقات الحوارية Talk-show لمجريات التعليقات الخطرة او الحساسة ولما يدلي به المسؤول او الضيف يفسح المجال بذكاء المُحاوِر لتلافي صدمات قد تصيب الجمهور هو ليس بحاجة اليها اصلآ خاصَةً انها غير ثابتة المصدر والسياق إضافةً الى انه “لَيسَ كل ما يُعلَم يُقال” فالكتمان ايضآ سلاح هام في سلبية لا يمكن الاقلال من اهميتها ايضآ ..!

في “غوغلة” Googling متوفرة رغم ضعف و بطء شبكة الانترنت يقول مستشار الأمن القومي الأميركي السابق Zbigniew Brzezinsky ، إن استخدام تعبير الحرب على الإرهاب كان بهدف خلق ثقافة الخوف عن عمد لأنها «تحجب العقل، و تزيد من حدة المشاعر، و تجعل من الأسهل على السياسيين الغوغائيين تعبئة الجمهور بالسياسات التي يرغبون في تمريرها»..!

بيروت في 05.12.2020