انتحار ضابط اسرائيلي رفيع بسلاح المسيرات لاحقته لعنة قتل اطفال يبحثون عن طعام في غزة
نشرت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية تقريراً مفاده ان ضابطاً رفيعاً في سلاح الجو الإسرائيلي اقدم على الانتحار قبل أسابيع، بعد فترة من خدمته الاحتياطية في إدارة الطائرات المسيّرة المشاركة في حرب الإبادة على قطاع غزة.”.
وأشارت الصحيفة إلى أن الضابط، الذي لم يُسمح بنشر اسمه حتى اليوم، عانى من صدمة نفسية عميقة بسبب “مشاهد القتل والدمار” التي واكبها وشارك فيها خلال مهامه العسكرية في إطار الحرب على غزة.
ووصفت الصحيفة الضابط المنتحر بأنه “كان ضابطًا رفيعًا في صفوف الاحتياط، من أقدم وأبرز مشغّلي الطائرات المسيّرة في الجيش الإسرائيلي”. وبحسب زملائه الذين تحدثوا للصحيفة، بدا على الضابط في الأشهر الأخيرة “الانهيار التدريجي” بعد أن بات غير قادر على التعايش مع “الفظائع التي ارتُكبت في غزة”، حيث كان يشرف على إقلاع الطائرات المسيّرة ويتابع نتائج القصف لحظة بلحظة. وقال أحد زملائه: “كان يرى كل شيء، ويدرك تمامًا ما يحدث على الأرض. رأيناه يذبل يومًا بعد يوم”.
وأوضح ضباط من سلاح الجو أن الضابط المنتحر كان يتلقى علاجًا نفسيًا قبل انتحاره، وأن الجيش كان على علم بوضعه، غير أنه لم يُبعد عن موقعه لاعتباره “عنصرًا لا يمكن الاستغناء عنه خلال الحرب متعددة الجبهات”.
وبحسب التقرير، عبّر الضابط قبل انتحاره بأسابيع عن معارضته لاستمرار الحرب، قائلاً إن “ما يحدث يترك آثارًا لا يمكن محوها”، وأن “أرواح الأبرياء والأطفال القتلى تلاحقه”.
وأشار أحدهم إلى أنه “كان يخشى على مصير الأسرى الإسرائيليين، ويقول إن العمليات العسكرية قد تُعرّض حياتهم للخطر”. ضباط آخرون تحدّثوا عن ظاهرة أوسع داخل وحدات الطائرات المسيّرة في الجيش الإسرائيلي، إذ يواجه العديد من العناصر “أزمات أخلاقية” بعدما شهدوا وأشرفوا على عمليات القصف التي أودت بحياة آلاف المدنيين في غزة.
واوضح أحدهم: “يعتقد الناس أن عملنا يشبه لعبة فيديو، لكنه في الحقيقة مرعب. نحن بعيدون جسديًا عن ساحة المعركة، لكننا الأقرب نفسيًا إلى الموت”. وأضاف: “نرى الصور بوضوح، نسمع أصوات الانفجارات، ونعرف بالضبط من أصيب ومن قُتل. أحيانًا نُطلب لإطلاق النار على أهداف نكتشف لاحقًا أنها لم تكن تهديدًا فعليًا. بعضنا يعلم أنه قتل أطفالًا بالخطأ، وهذا أمر لا يمكن تجاوزه”.
وتحدث أحد مشغلي الطائرات عن حادثة قال إنها غيّرت حياته: “أُمرت بإطلاق النار على شخصين قرب طريق نيتساريم، ثم تبيّن أنهما طفلان ربما كانا يبحثان عن طعام. في البداية لم أشعر بشيء، لكن بعد فترة بدأت أرى وجهيهما كلما أغمضت عيني. شعرت بالخزي وبأنني لم أعد الشخص نفسه”.
ونقلت الصحيفة عن أحد ضباط الوحدة الطبية في الجيش قوله إن انتحار الضابط الرفيع “يكشف فشل المنظومة في تقدير المخاطر النفسية”، مشيرًا إلى أن الضغط الهائل، والاحتكاك اليومي بمشاهد القتل، وانعدام الدعم بعد انتهاء الخدمة، “يصنع خليطًا قاتلًا من العزلة والشعور بالذنب”.
ويقرّ ضباط خدموا في الوحدة ذاتها بأن كثيرين يشعرون اليوم بأنهم “تركوا وحدهم مع الذكريات والكوابيس”، وأن البعض منهم “يصارع أفكارًا انتحارية” بعد انتهاء الحرب. وقال أحدهم: “كنا نعتقد أن الخطر ينتهي عندما نغادر غرفة العمليات، لكن الحقيقة أن المعركة تبدأ بعد العودة إلى البيت، حين تبقى الصور في الرأس ولا تنطفئ”.
تابع آخر الأخبار والتنبيهات أولًا بأول.