الهجوم الإسرائيلي على قطر.. إسقاط الملاذات الآمنة لحماس..!

خاص – “الدنيا نيوز”

 

بقلم : العميد منذر الأيوبي*

لم تكن الضربة الإسرائيلية غير المسبوقة على دولة قطر مجرد اعتداء عابر، بل حملت في طياتها رسائل واضحة بالبريد الجوي العسكري، أبرزها:
١- لا ملاذات آمنة تحتضن او تلوذ بها قيادات حركة حماس محصنة أو محيَّدة عن الاستهداف كما في السابق.
٢- الدور القطري الوسيط بين حركة حماس وإسرائيل، المقرون بالدعم العربي والغربي، لم يعد مرحبًا به.
٣- رفض المساعدات الإنسانية والعينية لسكان غزة، بالإضافة إلى تقييد نشاط المؤسسات الإعلامية، “قناة الجزيرة”
التي تفضح مجازر جيش الاحتلال.
ثم ان قرار بنيامين نتنياهو تنفيذ الهجوم لا ينفصل او غير منحصر باغتيال قيادات الحركة، بل هدف ضمان استمرار حرب الإبادة التي تشن بحق الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر والمدمّر ، وبالتالي بقائه على رأس حكومة الحرب اليمينية المتطرفة.

في السياق؛ احتفظت الدوحة بصورتها كوسيط مقبول ذو مصداقية، مُرَحبَآ به على الصعيدين الاقليمي والدولي، فكان من البديهي لعب دورها المعتاد بين طرفي القتال حركة حماس وحكومة الاحتلال بالرعاية الاميركية- السعودية، لتواجه اليوم معادلة جديدة جعلت استمرار هذا الدور محفوفًا بالمخاطر، اذ رسم الهجوم حدود الوساطة، وأكد ان لا تفريق بين الجناح السياسي والعسكري للحركة، وأيضآ لا قيود جغرافية او موانع جيوسياسية امام اسرائيل ومخططاتها.
استطرادآ؛ دون حاجة لإثبات ما هو مفروغ منه مسبقًا، أن الدعم الأميركي لإسرائيل باعتبارها الحليف الأول مطلق في كل خطواتها، سواء الدبلوماسية أو العسكرية، فيما تبقى العلاقات الاميركية مع الدول العربية قائمة على المصالح المشتركة.

 

 

من جهة اخرى، يبرز السؤال حول الملاذ التركي..؟ تركيا تختلف عن قطر في بعض الجوانب، لكنها ليست بمنأى عن الضغوط. إذ تستضيف منذ سنوات قيادات وناشطي حركة حماس، وفرت لهم مساحة سياسية وإعلامية أوسع مما هو متاح في معظم الدول العربية. لكن التطورات الأخيرة باتت تفرض واقعًا جديدًا؛ اذ من غير المستبعد ان توجه تل ابيب رسالة مماثلة لأنقرة من منطلق ان تواجد هذه القيادات يشكل خطرًا أمنيًا مباشرًا، فيما تحاول واشنطن ضبط الغرور الاسرائيلي لا أكثر . يضاف إلى ما تقدم ان تركيا، بحكم وضعها الاقتصادي المُثقَل والحاجة لمشاريع الطاقة شرق المتوسط، ستضطر لتخفيف حضور الحركة دون قطع العلاقة نهائيًا. بالتالي، يمكن اعتبار الملاذ التركي قائمآ لم يُلغَ بعد، لكنه أصبح “ملاذًا مراقبًا” تحت سقف قيود سياسية وأمنية صارمة.

ختامآ؛ يعكس الإعتداء على دولة خليجية وسيطة تحولًا جوهريًا في طبيعة الصراع ومفترقآ خطيرآ، إذ ان الضربة لم تُدمر مواقع أو تغتال شخصيات فقط، بل كسرت وهم “الملاذ الآمن”، ممهّدة الطريق لإعادة حماس والدول الداعمة لها مراجعة حساباتها في ظل واقع أمني هش وآخر إقليمي أكثر صرامة..!

-—————————

عميد متقاعد، مختص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية

📢 اشترك بقناتنا على واتساب
تابع آخر الأخبار والتنبيهات أولًا بأول.
انضم الآن