المصيبة تجمع …

 

بِقَلَم ألْعَميد مُنْذِر ألأيوبي *

لَم تعد السياسة اللبنانية في مفاهيمها و مراميها تطابق قَواعد العلوم السياسية و مناهجها ، كما ان الساسة و خاصَةً أولئك الذين يشغلون مناصب ذات علاقة بصنع القرار تجاهلوا لا بل استنكفوا عن الاهتمام بشؤون الناس و الحكم الرشيد ضمن آليات Mécanismes قاصرة عن حل القضايا السياسية و الدستورية، من احد اسسها الخلاف حول الصلاحيات في معظمها تأويلات محتملة و تفاسير متقلبة شتى، متعددة وجهات النظر، وصولآ الى توطيد اعراف تجاوزت بنية النظام الديموقراطي نحو اختراع “الديمقراطية التوافقية”، في لبوسها مكتسبات متوازنة الى حد كبير تحت مسمى حقوق الطوائف و المذاهب الكبرى، لكنها في خلفياتها المتوازية مصالح شخصية و انتخابية مغموسة بفساد لا دواء له تجذر عَلى مر عُهود و عُقود، ساهم في الاطاحة باسس النظام و كيان الدولة التي قاربت الزوال، عَلى ما قال وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان دون ان يرف جفن او يتنحى مسؤول..!

في سياق مُتَصل ؛ انهار النظام المصرفي الذي ظهر هشآ بعد ان كان يُتَغَنى به، اذ اقدمت الطبقة الاوليغارشية Oligarchy و السياسية المقتدرة عَلى تهريب اموالها الى حسابات في مصارف اجنبية خارج البلاد تحت بند قانوني يسمح بتحويل الاموال شرعآ، بعد تلمسها ان نصل الانهيار وصل الى اعناقها مستسهلةً النتائج و المخاطر المحدقة، علمآ ان ما اقدمت عليه يشكل مساسآ بالامن القومي و ضَربآ للاقتصاد الوطني. اما التمادي الاعظم و الاكثر اجرامآ الغير مسبوق في تاريخ الدول و الشعوب فكان الاستيلاء عَلى اموال الناس و مدخراتهم، ثُم السماح لهم بسحب مبالغ معينة مِن النقد الوطني يوميآ أو اسبوعيآ بعد تخبط في سلسلة قَرارات خاطئة غير مدروسة، كان آخرها دوران مطبعة الاوراق النقدية خروجآ عن اية معايير او قَواعد مالية، سببآ اضافيآ لخسارة العملة الوطنية قيمتها الشرائية
و بالتالي ارتفاع معدلات البطالة و الفقر ..!

بِالمقابل؛ في خروج عن اللياقة السياسية Political Correctness و لتعذر ألإقرار Claiming اضحت المواقف و خلوات الاجتماعات بحاجة الى استقراء Inductive Reasoning الاسباب و الخلفيات في البحث عن قَواعد الاثبات Rules Of Evidence مع لزوم احضار البينات لبيان صحتها مِن عدمه. و حيث ان القاعدة القانونية الرابعة للإثبات هي حلف اليمين Under Oath للإستظهار و ألإستيثاق أمر مستحيل القبول فقد أُدخل عَلى ترسانة التراشق الدقيق استخدام الآيات البينات و الاناجيل السبعة في استمطار نصر إلهي لفريق عَلى آخر، أما حق الشفعة Pre-emotion فمتروك للحلفاء لا سيَما أولئك المزودين بأجهزة ألإستشعار عن بعد اذا مالت الريح مالوا و بيضة القبان شريك ..!

من جهة أُخرى ؛ في انقلاب عَلى مقاييس الحكم و امن البلاط لَم يعد مِن داعٍ للأذرع الاستخباراتية
أو زرع البصاصين في أزقة الفقراء و قاعات الجامعات طالما ان المكشوف هو اركان النظام المتهمة بالخيانة او العمالة الغير قلقة عَلى ولاية الى الابد المضمونة الى حد التوارث ..! أما مصطلح “الصواب السياسي” رديف اللياقة الذي اعتمده الشيوعيين ألأوائل لعلة ألإلتزام العقائدي Dogmatic فقد انقلب مع المكان و الزمان الى نوع مِن المسايرة بلغت منزلة النفاق Hypocrisy و الديماغوجية “مجموعة أساليب خداع الشعب و اغراءه ظاهريآ للوصول الى السلطة” Demagogy و الوصولية Carrerist عَلى مثال الرشوة شطارة و السطو عَلى اموال الناس هندسة مالية ..الخ..

خِتامَآ، اجتاحت جائحة كورونا COVID عَلى تعداد أرقامها 19-20-21 etc.. الكوكب مصيبة جامعة لكننا بها و فيها اختلفنا و ألآتي اعظم..! اصبح الوطن ميدان اختبار لاعداد ألإصابات و الضحايا..
في المعالجات تعددت الخيارات مِن”فتح و اقفال، تعبئة عامة ام حالة طواريء صحية، مفرد او مزدوج”..الخ. اما جماعات الضغط Lobbying Organizations المتميزة بالخواء الفكري والنفسي فتم احتواءها في الكوميديا “المَسخَرَة”، اذ تم التوافق عَلى منع الرقص في حفلات رأس السنة عَلى “البيست” و السماح به الى جانب الطاولات.! مِن سياق النهج المقارن Comparative كان الكل بانتظار “صافيناز” الراقصة « التي صدر حكم حبسها 6 اشهر بجرم اهانة العلم المصري بعد ارتدائه في رقصة خلاعية » لكنها اعتذرت عن الحضور لعلة اللا ضرورة، على ما يقول عن “شيمة اهل البيت” سبط بن التعاويذي اما البلد فيرقص عَلى رجل واحدة ..

—————–

بيروت في 21.01.2021
*عَميد ، كاتِب وَ بَاحِث .